هل يمكن الاحتلال إنهاء العمل المقاوم؟

تاريخ الإضافة الخميس 16 شباط 2023 - 1:06 م    عدد الزيارات 1134    التعليقات 0     القسم مقالات

        


براءة درزي

باحثة في مؤسسة القدس الدولية

تتوالى التقارير الإسرائيلية التي تعكس قلق الاحتلال من انفجار الأوضاع في الضفة الغربية، بما فيها شرق القدس المحتلّة، ويتخوف الاحتلال من أن يكون شهر رمضان القادم محطة لهذا الانفجار، وأن يكون المسجد الأقصى الصاعق المفجّر.

 

تأتي هذه المخاوف في ظلّ استمرار العمل المقاوم، حيث شهد عام 2022 أكثر من 10 آلاف عمل مقاوم على اختلاف أشكاله، أدت إلى مقتل 30 إسرائيليًا، فيما أسفرت أعمال المقاومة منذ بداية عام 2023 عن مقتل 10 إسرائيليين وإصابة أكثر من 60 بينهم حالات خطيرة.

 

وقد حذّرت المؤسسة الأمنية للاحتلال مؤخرًا من ازدياد في عدد الإنذارات عن احتمال وقوع عمليات مسلحة فلسطينية، بزيادة قدرها ثلاث مرات في الأسابيع الأخيرة؛ مقارنة بالفترة التي سبقتها، حيث ارتفعت أعداد الإنذارات حول وقوع عمليات بعد عملية إطلاق النار في مستوطنة "النبي يعقوب" بالقدس المحتلة رغم أن أعداد الانذارات انخفضت في الشهرين الماضيين.

 

ويحاول الاحتلال الاستعداد لمواجهة الانفجار المحتمل، لا بالتراجع عن سياساته التي تحاصر الفلسطينيين وتقتلهم، بل بتعزيز الجهود الاستخبارية، وحشد مزيد من وحداته، والتدريب العسكري للتعامل مع سيناريو الانفجار.

 

وتتحضّر قوات الاحتلال لاستدعاء أربع وحدات احتياطية من حرس الحدود في آذار/مارس القادم؛ لمواجهة احتمال وقوع عمليات فدائية فلسطينية، وتصاعد المواجهات خلال أيام شهر رمضان، وستجري قيادة شرطة الاحتلال في الفترة القريبة عدة تدريبات؛ من ضمنها تدريب يحاكي اقتحام وحداتها المسجد الأقصى، للتعامل مع احتجاجات قد تندلع في المكان.

 

وستعمل شرطة الاحتلال على تعزيز أنظمة الاستخبارات للتعرّف مسبقًا على جماعات تخطّط لتنظيم مظاهرات واحتجاجات، وستتزود عناصرها بوسائل عسكرية من أجل التعامل مع هذه الفترة المتوترة، علاوة على اتجاهها لإجراء لقاءات وحوارات مع مسؤولين فلسطينيين في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وصناع القرار، ورجال أعمال في القدس المحتلة، للحفاظ على الهدوء.

 

وبالنّظر إلى الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلّة يمكن القول إنّ الاحتلال يبني غضبًا فلسطينيًا عارمًا سينفجر لا محالة. ففي الأقصى الوضع يزداد خطورة، مع استمرار محاولات تغيير الوضع القائم التاريخي. فالاعتداء على الأقصى تجاوز الاقتحامات إلى تصعيد أداء الصلوات التوراتية، لا سيما في المنطقة الشرقية من المسجد، وأداء الطقوس التلمودية في المسجد وعند أبوابه بات يتكرّر، في المناسبات والأعياد العبرية وخارجها، والاحتلال يستمرّ في منع أعمال الترميم، وهو ما يؤدي إلى تساقط حجارة مصليات المسجد وتسرب مياه الأمطار إلى داخلها، فيما عين "جماعات المعبد" على مزيد من التصعيد في الأعياد العبرية القادمة، وقد افتتحت هذا العام بتوجيه طلب إلى وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير لتسهيل ذبح القربان في الأقصى في "عيد الفصح العبري" الذي يحلّ في نيسان/أبريل.

 

يأتي العدوان على الأقصى في إطار أوسع إذ يستمرّ التهويد في القدس، ومن ضمنه سياسات الطرد والتهجير التي يعتمدها الاحتلال للتضييق على المقدسيين وحملهم على ترك أرضهم بعد أن يصبح العيش فيها فوق إمكانيات التحمل ومقومات الصمود. فالاحتلال مستمر في سياسة الهدم، ويخطط لهدم مبنى في وادي قدوم تسكنه 13 عائلة مقدسية من 100 فرد، وقد اضطر لتأجيل قرار الهدم بعد ضغوط أمريكية ودولية.

 

ولا يزال الاحتلال يتطلع إلى حسم معركة الخان الأحمر بتهجير أهل القرية وهدمها، وإن كانت الحكومة تستمرّ في طلب تأجيل حسم الملف ريثما تتمكّن من فرض "تسوية" على أهالي الخان.

 

أمّا على مستوى الاستيطان فالهجمة الإسرائيلية شرسة، وسّعها الاحتلال ليعلن عن التحضير لإقامة مستوطنة جديدة على حدود قطاع غزة، علاوة على الاستيطان في الضفة بما فيها شرق القدس المحتلة.

 

وكذلك الهجمة على الأسرى في سجون الاحتلال، وهي هجمة متصاعدة يمارس الاحتلال فيها مزيدًا من التضييق والتعسّف بحقّ الأسرى والأسيرات، وقد كان من آخر تداعيات سياسة الاحتلال حيال الأسرى استشهاد الأسير أحمد أبو علي نتيجة الإهمال الطبي.

 

هذه العوامل وغيرها تثير حالة من الغليان بين الفلسطينيين، وهي حالة تعبّر عنها عمليات المقاومة المستمرّة، بصرف النظر عن وتيرتها. وبدلاً من أن يتراجع الاحتلال عن سياساته يلجأ إلى مزيد من العدوان وإلى الدفع بمزيد من قواته لفرض مزيد من الحصار مقترنًا بأدوات والضبط والعقاب ليجعل العمل المقاوم مكلفًا مع ترسيخ فكرة مفادها أنّ المقاومة لا تؤدّي إلى أيّ نتيجة، باستثناء أنّها تجرّ على الفلسطينيين الخسائر والعقوبات. لكن مراجعة المشهد في الأعوام القليلة الماضية تؤكد أنّ أدوات الاحتلال لم تنهِ الفعل المقاوم الذي لا يلبث أن يتجدّد ويتكرر، وأنّ استمرار العدوان يستدعي مزيدًا من العمل المقاوم وإن جنّد الاحتلال كلّ الوسائل لمنعه والقضاء عليه.

 

الميادين 

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



السابق

فلسطين بين مسار التطبيع ومسيرة العمل المقاوم

التالي

في ظلالِ الإسراءِ والمعراجِ ... الأقصى في خطرٍ

مقالات متعلّقة

علي ابراهيم

عام من "الطوفان" وما شجن في النفس والعالم!

الثلاثاء 8 تشرين الأول 2024 - 10:54 م

لو سألنا في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أيَّ خبير إستراتيجي أو محلل سياسي، عن التغييرات الكبرى في العالم، والصراعات القادمة فيه، لتحدث عن ملفات عديدة، ابتداء بالصراع الروسي والأوكراني، وتحجيم ا… تتمة »

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »