بين يدي انتخابات "الكنيست" والدعوات المتزايدة إلى بناء "المعبد": أي مستقبل ينتظر الأقصى؟
الأحد 20 كانون الثاني 2013 - 1:06 م 1858 0 مقالات |
براءة درزي
باحثة في مؤسسة القدس الدوليةيتنازع قضية دخول اليهود إلى المسجد الأقصى وصلاتهم فيه تياران رئيسان أحدهما يرفض الأمر، إما لتجنب ردة فعل إسلامية عارمة أو لأسباب دينية تقضي بعدم الصلاة في الأقصى حتى قدوم "المخلِّص" الذي سيقود اليهود إلى "جبل المعبد". أما التيار الآخر، والذي بدأ يتنامى في السنوات الأخيرة، فيطالب بالسماح لليهود بالصلاة في الأقصى وذلك تمهيدًا لبناء "المعبد" المزعوم الذي سيقام مكان قبة الصخرة.
لم يعد الحديث عن وجود المتطرفين اليهود في باحات المسجد الأقصى بالخبر الجديد أو المستغرَب، فالاقتحامات يومية وسلطات الاحتلال تسمح لليهود بالدخول إلى ساحات الأقصى التي تروج لها على أنها ساحات عامة وليست جزءًا من المسجد لتسوغ دخول اليهود إليها.
إلا أن هذا الوضع، وهو يشكل أساسًا انتهاكًا للمسجد الأقصى وحرمته، بات لا يرضي بعض الشرائح الدينية والسياسية في دولة الاحتلال ولذلك تزايدت الدعوات الصادرة عن جمعيات دينية وعن سياسيين متطرفين، وبعض الجهات القضائية، تحث اليهود على الصلاة في المسجد الأقصى، كما تطالب بتخصيص أوقات خاصة لليهود في الأقصى على غرار المسلمين.
وفي هذا الإطار، دعت قاضية الصلح في محكمة الاحتلال في 5/10/2012 إلى السماح لليهود بأداء طقوسهم التلمودية داخل المسجد الأقصى إذ "يتوجب على الشرطة السماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى تحت حراسة قوات الأمن"، واعتبرت أن عدم موافقة المسلمين على الأمر يجب ألا تمنع اليهود من الصلاة في باحة المسجد وفي مكان يخصص لهم من أجل ذلك.
وفي 15/10/2012، اقتحم المسجد الأقصى رئيس لجنة العلاقات الدولية في (الكنيست) أوري أريئيل، برفقة عدد من ضباط الاحتلال وقياداتهم التي تعمل عادة على ترتيب اقتحامات المستوطنين والجماعات اليهودية للمسجد الأقصى. وقد طلب عدد من أعضاء حزب الليكود إلى أريئيل، بصفته الاعتبارية، التباحث في تأمين تأدية الشعائر الدينية اليهودية داخل المسجد الأقصى. كما طالبوه بالتباحث في ملف "التضييق" على اليهود خلال تواجدهم في المسجد الأقصى.
وقد نشرت صحيفة هآرتس في 4/10/2012 تقريرًا استند على اجتماع لكبار حاخامات المعاهد والحركات اليهودية التي تعنى ببناء "المعبد" المزعوم. وقد عقد الاجتماع بداية شهر تشرين أول/أكتوبر في جبل الزيتون المطل على القدس القديمة. وخلص التقرير إلى ارتفاع الأرقام والإحصائيات بشكل ملحوظ هذا العام بين اليهود فيما يتعلق بصلاة اليهود في المسجد الأقصى، ووفقًا للتقرير فإن 43% من اليهود العلمانيين يؤيدون بشدة مسألة الصلاة داخل "جبل المعبد" وتأدية الطقوس التلمودية داخله بحرية، بينما 92% من اليهود المتدينين يؤيدون بشدة مسألة الصلاة داخل "جبل المعبد" وتأدية الطقوس داخله بحرية. ويشير التقرير إلى أن 52% من المجتمع الإسرائيلي يؤيدون بشدة مسألة الصلاة داخل "جبل المعبد" وتأدية الطقوس التلمودية داخله بحرية.
وفي 21/12، نشرت صحيفة معاريف العبرية على موقعها الإلكتروني استطلاعًا للرأي أجري على شريحة اليمين الإسرائيلي بمن فيهم اليهود المتشددين (الحريديم). وقد أبدى 71% من المستطلعين تأييدهم للصلاة في المسجد الأقصى وأداء الطقوس الدينية فيه، فيما عارض ذلك 7% فقط. وقد زعم المستطلَعون أنه من الإجحاف والتمييز عدم السماح لليهود بدخول المسجد الأقصى للصلاة فيه، فيما يسمح للمسلمين بحرية الصلاة والتعبّد فيه طوال الوقت.
وبموازاة ارتفاع نسبة المؤيدين للصلاة في الأقصى يبدو أن التيار السياسي الداعي إلى بناء "المعبد" المزعوم والمشجع للصلاة في المسجد الأقصى يكسب مزيدًا من الزخم والحضور. ويبدو ذلك واضحًا في نتائج الانتخابات التمهيدية وقوائم المرشحين لانتخابات "الكنيست" المقرر إجراؤها في 22/1/2013، ولا سيما قائمة الليكود التي تصدرها عدد من أعضاء "الكنيست" الحالية والشخصيات اليمينية المتطرفة المتمسكة بـ"أحقية اليهود بالصلاة في الأقصى" وبناء "المعبد" الثالث. وكان من أبرز هذه الشخصيات المتطرف موشيه فيجلن، وزئيف إلكين، عضو "الكنيست" ورئيس الائتلاف الحكومي الحالي، وداني دانون، نائب رئيس البرلمان الحالي، وعضو "الكنيست" تسيبي حوطبيلي، الذين حلوا ضمن العشرين الأوائل في قائمة الليكود. ويعتبر فيجلن، وهو من أبرز قيادات الليكود، من أكثر المروجين للصلاة في المسجد الأقصى وهو يعمد إلى زيارته على الأقل مرة في الشهر العبري. وقد أكد فيجلن عقب صدور النتائج أن انتخابه هو بداية الطريق التي ستقود إلى بناء "المعبد" في "جبل المعبد" (المسجد الأقصى). أما دانون فكان قد شارك في عدة اقتحامات للمسجد الأقصى، وكذلك إلكين الذي تعهد بالعمل على السماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى في أوقات خاصة دون المسلمين. أما نتنياهو، رئيس الوزراء الحالي وعضو "الكنيست"، وقد تصدر اللائحة، فتبدو تصريحاته الأخيرة موغلة في التطرف، وخطابه لم يفارق التطرف يومًا، حيث أكد حق اليهود في الحائط الغربي للمسجد الأقصى (حائط البراق)، وملكية الاحتلال الإسرائيلي الكاملة لمدينة القدس كما كانت قبل 3000 عام، على حد زعمه.
وكما في اليمين، كذلك في الوسط واليسار. فقد قال حزب العمل في دعايته الانتخابية إن [المسجد الأقصى] حاجة ملحّة للشعب اليهودي، داعيًا إلى السماح لهم بأداء صلواتهم التوراتية فيه.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المرشحين عمدوا إلى نشر إعلانات انتخابية تتضمن صورًا لهم على خلفية حائط البراق. فقد نشر المرشح نفتالي بينيت، زعيم حزب البيت اليهودي، إعلانًا له ضم صورته الشخصية وبجانبه صور لجنود إسرائيليين يؤدون شعائر تلمودية عند حائط البراق، فيما نشرت زعيمة حزب "هاتنواه" (الحركة) تسيبي ليفني صورة لها أثناء زيارتها الأخيرة لحائط البراق.
لا شك في أن هذه التوجهات لدى شريحة واسعة من اليهود في دولة الاحتلال، وكذلك الأجواء التي تمهد للانتخابات القادمة، واستمرار سيطرة الليكود المتطرف على الساحة السياسية وتمكن الأكثر تطرفًا من بينهم من الوصول إلى لائحة التنافس على مقاعد "الكنيست"، كل ذلك ينذر بأن المرحلة القادمة هي مرحلة شديدة الخطورة في ما يتعلق بالمسجد الأقصى.
وما بين تنامي التأييد للاقتحام واحتلال الساحة السياسية من قبل المؤيدين لاقتحام المسجد والصلاة فيه تعود إلى الواجهة إمكانية السير في اقتراح التقسيم الزمني للمسجد الأقصى الذي طرحه كل من النائبين أرييه إلداد وزئيف إلكين في صيف 2012، وإمكانية العمل من خلال (الكنيست) على تشريع هذه الخطوة وتقنينها ما يستوجب أعلى درجات التصدي لما يمكن أن يواجهه المسجد الأقصى بعد صدور نتائج الانتخابات.