هدم البيوت المقدسية
هل رأيتم على شاشات التلفاز جرّافات (الإسرائيليين) وهي تهدم بيوت الفلسطينيّين المقدسيين، هل رأيتم منظر التخريب؟ وهل رأيتم بكاء أصحاب البيت من نساء ورجال، حيث لم يجدوا إلا البكاء، وماذا عساهم يصنعون؟! وكيف يوقفون تلك الجرّافات وأرتال المسلحين في الأمن (الإسرائيلي) جاهزون للمدافعة والضرب والإيذاء الجسدي والنفسي؟.
مشهد تكرّر في هدم عشرات البيوت ومئاتها في بيت المقدس، وفي كلّ مرة يكفي أن تدّعي بلدية القدس أنّ البناء غير مرخّص، ولماذا هو غير مرخص، لأنّ البلدية لا تعطي رُخَصاً للبناء للمقادسة الفلسطينيين أصحاب الأرض، هذه الذريعة "عدم الترخيص" تكفي لهدّ البيت وتطفيش أهله.
تقول صاحبة البيت، بثوبها الفلسطيني الفلكلوري، أولادي ستة وكلهم متزوجون، فأين يذهبون؟ ومن يحمينا ويحمي بيوتنا؟ ومن يدافع عنا؟. الذريعة كذبٌ وافتراء ومؤامرة، أمّا حقيقة الأمر فهو خطة مدروسة لتطفيش المقدسيين وطردهم من القدس، لتغيير الواقع الديموغرافي السكاني لمدينة القدس. وفي اليوم ذاته كانت هناك مصادماتٌ ومواجهات ورصاصٌ حقيقي ومطاطي من قِبَل الشرطة (الإسرائيلية) قرب مدينة "السمّوع" في الخليل لأنّ الجرافات جاءت لاقتطاع آلاف الدونمات من أصحابها باسم الجدار العازل، وقبلها كان تدمير عشرات البيوت في مدينة نابلس بحجّة البحث عن المطلوبين، يواكب هذا إقامة خمس عشرة مستوطنة (إسرائيلية) جديدة، موزعة على ضوء متطلبات الوضع الأمني و(الإسرائيلي).
كلّ هذا يجري على مشهدٍ من العالم كله، لنا الهدم ولهم البناء، لنا الأسرى بعشرة آلاف أسيرٍ ولهم أسير واحد، ولكنّهم يقدّمون أسيرهم على أسرانا. بل إنهم أخذوا يضعون قضية الأسير (الإسرائيلي) شرطاً لاستئناف المفاوضات، هذا ما قاله أولمرت، يجب إطلاق سراح الأسير (الإسرائيلي) قبل استئناف المفاوضات، أمّا قضية الأسرى الفلسطينيين وهم أكثر من عشرة آلاف فهي من القضايا المرحّلة، القضايا المؤجّلة منذ اتفاق أوسلو.
بيوت الفلسطينيين مهدّدة بالهدم، وأرضهم مهدّدة بالابتلاع بالجدار، (وهو ليس جدار فصلٍ بمقدار ما هو جدار ضمٍّ للأرض) وأسرانا مرشّحون للزيادة في كلّ يوم، وأهمّ منهم في البحث والتفاوض أسير واحد، والدم الفلسطيني مهدّدٌ بأنْ يُراق في كل ساعة.
ومسجدهم ، مسجد العرب والمسلمين "المسجد الأقصى" مهدّد ، وقد وصلته الجرافات (الإسرائيلية) ذاتها، حتى لو افترضنا أنّ حفريات الأقصى قد توقّفت فإنها لن تتوقف للأبد.
هذه هي الجرافات (الإسرائيلية) التي تأمر بأمر العسكري (الإسرائيلي) الذي يأتمر بأمر السياسي (الإسرائيلي)، وهذا السياسي (الإسرائيلي) هو الذي يجلس للمفاوضات مع الفلسطينيين، يجاملهم ويمازحهم ولكنّه لا يعطيهم شيئاً، بل يطلب منهم المزيد، ويضع لهم الشروط، وأقلها الاعتراف بـ(دولة إسرائيل).
الذين قتلوا الأسرى المصريين وهم أسرى عُزَّل، وتلذّذوا بقتلهم وتعذيبهم والتبوّل على أجسادهم، الذين مرروا الدبابات (الإسرائيلية) على الأسرى المصريين وهم أحياء منبطحون على الأرض هؤلاء لا يمكن أنْ تستكثر عليهم إعمال جرافاتهم في بيوتنا وحقولنا ومساجدنا، وإعمال رصاصاتهم في أجساد أهلنا. هؤلاء هل يمكن أنْ يكونوا أهل سلامٍ ودعاة سلامٍ؟! أم أنّ سلوكهم هذا هو أصل التكوين اليهودي التلمودي الصهيوني (الإسرائيلي)؟.