لا معنى لمؤتمر أنابوليس ولا لمؤتمر باريس
"لا فائدة من المفاوضات مع الإسرائيليين ومؤتمري باريس وأنابوليس"، بهذه الكلمات استهلّ حديثه رئيس طاقم المفاوضات مع الجانب الصهيوني أحمد قريع ، فقد أعرب عن استنكاره واستهجانه من تسارع إعلانات الحكومة "الإسرائيلية" المتتالية عن إقامة المزيد من المستوطنات وتوسيع المستوطنات القائمة خاصة في مدينة القدس ومحيطها، والتي كان آخرها طرح عطاءات بناء لأكثر من 300 وحدة سكنية في المستوطنة القائمة على جبل أبو غنيم، والإعلان عن بناء مستوطنة جديدة في منطقة "عطاروت" شمال مدينة القدس تضم أكثر من 10000 وحدة سكنية، إضافةً إلى النشاطات الاستيطانية المستمرة غير المعلنة والمخططات التي وضعتها الحكومة "الإسرائيلية" والتي لم يتمْ الإعلان عنها بعد.
ففي الوقت الذي تعلن فيه "إسرائيل" عن تجميد الاستيطان قبل اجتماع أنابوليس بأسبوع فقط، وذلك لتمرير عقد المؤتمر دون منغصات أو تشويشات، فقد تمّ الإعلان عن مناقصةٍ لبناء مئات الوحدات السكنية بعد أيامٍ فقط من انتهاء أعمال المؤتمر، والأكثر من ذلك إعلان وزيرة الخارجية "الإسرائيلية" تسيفي ليفني أنّ حكومتها رفضت الالتزام بأي شيء في أنابوليس حتى لا تكبّل نفسها ولم تقبلْ بتحديد جدولٍ زمني حتى لا تتعرض لضغوط.
فقد قلنا إنّ مؤتمر أنابوليس لن يكون سوى اجتماعٍ دولي سيحضره العديد من الدول لكي يتناول المجتمعون الشاي والقهوة ويلتقطوا الصور التذكارية ولن يكون المستفيد من ذلك سوى دولة (إسرائيل) التي ستعطي انطباعاً لجميع الدول عن رغبتها في "السلام"، وأنّ المشكلة في الطرف العربي والفلسطيني، ولكن على أرض الواقع العكس تماماً من ذلك فالقتل والتنكيل بأبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، والحصار يخنق القطاع وتزداد الكارثة يوماً بعد يوم، فـ(إسرائيل) أفشلت أنابوليس قبل انعقاده، ويتأكّد هذا اليوم بالإعلان عن بناء وحدات استيطانية جديدة وهذا ما أكّده رئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني.
ولكن البعض غير مقتنعٍ بمثل هذا الطرح حتى جاء القرار الذي صدر عن الولايات المتحدة الأمريكية بسحبها لمشروع قرارٍ تقدّمت به للأمم المتحدة، باعتبار الوثيقة التي صدرت عن مؤتمر انابوليس وثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة، ولكنّ هذا المشروع تمّ سحبه نتيجة الضغوط التي تمّ ممارستها من (إسرائيل)، كما أكّد تقرير صدر عن مركز دراسات وأبحاث القوة الأمريكي: "أنّ الإدارة الأمريكية لن تستطيع هي الأخرى الضغط على (إسرائيل) لكي تقدّم التنازلات".
وتجسيداً لحالة الفشل التي نشأت بعد مؤتمر أنابوليس، فقد صرّح أبو علاء قريع أنّه لا معنى لمؤتمر أنابوليس ولا لمؤتمر باريس، ولا جدوى من المفاوضات في ظلّ إصرار الجانب "الإسرائيلي" على المضي في مخططاته الاستيطانية ورفضه الالتزام بوقفها، مما يناقض أيّ مواقف معلنة حول الاستعداد لـ"السلام"، ويخالف أيّ منطق لعملية "سلام" ذات مصداقية. وشددّ أبو علاء على أنّ هذه المخططات الهادفة إلى ضمان أغلبية وسيادة يهودية على المدينة المقدسة لا تغيّر من حقيقة أنّ القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، وأنّ قرارات الأمم المتحدة قد أوضحت بشكلٍ لا يقبل التأويل عدم شرعية البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة وهو مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
من الواضح أنّ الفشل هو سيد الموقف، وأنّ الرهان على العملية التفاوضية سيكون رهان خاسر بسبب عدم وجود أيّ أفقٍ سياسي لدى "الإسرائيليين"، فالمخططات "الإسرائيلية" الاستيطانية منذ عشرات السنين ترمي إلى فرض الحقائق على الأرض، وذلك من خلال النشاطات الاستيطانية وبناء جدار الفصل واستكمال بنائه وخاصة في مدينة القدس والحصار والاغتيالات والاجتياحات اليومية في الضفة الغربية وقطاع غزة.