للقدس معراج الفرح
للشاعر/عبد الكريم عبد الرحيم*
ارفعوا نور أذان
يبدأ المعراج
والقدس عروس الدهر والإكرام سبحان الذي.. أسرى
ارفعوا صوت الفداء
بارك الرحمن عينيك وثوب العرس
والحناء والدبكة
والحزن بعيني "أم سعد" والبكاء
بارك القدّ وشهد الروح والأرض
تعالى... في حواريك الدعاء
كجناحيْ صبحك المنعم حسناً وبقاء
ارحمي صوتي
فما يبلغ هذا المشهد العلوي في الشعر غناء
يا حواري القدس... يا أبوابها أين صلاح الدين
والمنبر أين العيد.. يكفيك شقاء
افتحي الدرب فأهلوك النشامى
كبر الشيطان
والمعبد قد صار ركاما
نبتة الطاغوت ليل.. وجدار عنصري
وأساطير الخنا صارت إماما
فهمي الشوق على المحراب
واستسقيت فازدان هطولا
كلما دندن ناي
علقت قنديلها القدس وأهدتني السبيلا
ارحميني
إن رحماً شقّق الأرض انتماء
وسما حتى تجاوزت على معراجه أفق السماء
فارفعي نور أذان
ينسكب شمساً ويخضر نخيلا
مطر كالحبّ في عينيك يشتاق الرسولا
وبراق يصعد الصخرة يعلو
أم شعاع الوحي في قرآن أحمد
يغمر الكون بما فاض من الرحمة والحب،
يجاري المستحيلا
فاغسليني بالندى والمسك
يا قدس على أبوابك الشرق تمدّد
وعذارى الشمس تأتيك بروح القدس
تحمي الناصري الـ قام من جرحك يشهد
اشربي من كفه الطهر الأصيلا
وحذار الموت
ما كان يهوذا شاهد الصلب قتيلا
إنّما مرّ على الجثمان ذئب ...
وانتهى القداس
والمشهد ما زال على النطع وصايا
أخرجونا..
نهشت أعيننا الظلمة
والغربان
واستقوت على الحب المنايا
هدّنا الحاجز والجندي والذبح
استقال القمح والورد من الشعر
استقال الأنبياء
قتل النص.. ومات القول
والقدس على بوابة المسجد تستجدي الصلاة
يبس الماء.. ضروع الخير ماتت..
عانقينا... تلتق الأجساد إنجيلاً وقرآناً وحيا
أي سيف خلبي في يد الفاتح يبكي المسجدا
أي نار تشعل القلب فيغدو أسودا
نحن موتى.. نحن موتى..
كيف للميت أن يعبد رباً؟
وعلى الأرض ذليلاً أن يرى أو يسجدا
للقدس أفراح الصغار
لصلاتي وانتظاري
أدنوا. دقوا نواقيس النهار
ربما يأتي مع المعراج ساري
تقفز الفرحة من دار لدار
أيقظوا كل شهيد
زينوا الأقصى بنبضات القلوب
عائدون الأرض قالت بافتخار
عائدون الناس رايات انتصار
من زمان.. وأنا أنتظر الفاروق مزداناً بغار
زينوا الأقصى فقد طال على الجرح انتظاري..!
لا تغادر
لا تغادر
إنها القدس.. الخيال
وردة الرحمن يعلوها الجمال
وصباح العيد والفرحة عيد ووصال
فاملأ الساحة بالبسمة كي يمسح دمعي
صوتها الحلو الدلال
أعطني دفترك الأول ألعن
ذكريات السجن والجلاد
تعل الأمنيات البيض
والماء بخور
لم يزلْ فيه كلام الله نوراً
وعلى الشطّ فراخ الحلم نور صعد العيد شغاف المرتجى
والقدس أفراح
وفي دمعة
أيقونتها ماض، تجلى وسطور
كيف يأتون من الليل
وما أضغاث أحلام على أعينهم.. لكن قبور!
هم ذئاب الموت أبناء السعير
نحن لا نزعم أنّ الأرض غطّتنا بماء الحب
كي نبقى بماء الحب نحيا
نحن لم نشربْ حنان القدس
لم نصبح على أحجارها رسماً ووشيا
منذ أنْ كنا
رضعنا حبّها ينمو على أجسادنا شياً فشيا
وتعانقنا
فصارت أضلعاً فيها وصارت مقلتيا
وبكت في نبع جيحون الحياة
إننا الأغيار
قتلى...
جثث بعثرها الطاعون
والجندي في البار سيتلو آخر المزمور كي يقتل أكثر
أي مشهد!
أيّ مشهد!
مذبح.. مجزرة تطوي الضحايا
عود آس.. وضريح يتجدد
أنبيذٌ أم دمي في الكأس
أفرغت رصاص الحقد لم تسكر.. طويلاً من دمائي لست تسكر
وستتلو كامل المزمور كي تقتل أكثر
ارفعوا نور أذان..
ارفعوه مثلما الرايات إنّ الحشر قادم
فحوالي قبة الأقصى حمام الروح بالعشق يقاوم
والأناشيد على قامة أسرانا ملاحم
أيها الماضون...
لن يسقط باب أو جدار
إنّ وادي الحب والسلم هنا ينزف غار
يا فتاي النازف الآن...
كفى عشقاً
فعيناك نهار
يا فتى أشعل على جدرانها الورد
وأيقظ شهداء الفجر
إنّ الفجر غار
واعتصم بالحجر الأبيض
يفتح جلّناراً في دم الأرض
تشبث بالهوى العذريّ
يؤو القلب مسراك
وتضحك حين تأتيها الديار
* الشاعر فلسطينيّ من مواليد مدينة صفد عام 1942، و شُرِّد مع القافلة الأولى عام 1948، ومقيم هو وأسرته في دمشق و ما زال فيها.