حوار مع د. أسامة الأشقر رئيس المكتب التنفيذي للحملة الأهلية لاحتفالية القدس
حوار اليوم يتناول دور المثقفين العرب في مواجهة حملات التهويد التي تقوم بها قوات الاحتلال في مدينة القدس؛ وخلال الحوار سوف نتطرق مع جمهورنا الكريم إلى فعالية " الحملة الأهلية لاحتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009" والتي تمثل إحدى أهم الجهود الشعبية الأهلية للمثقفين العرب في دعم وإحياء دور القدس ومكانتها الثقافية في الساحة الثقافية العربية وهذا يأتي في إطار أسبوع التضامن مع القدس الذي تطلقه "إسلام أون لاين.نت" في الفترة من 10 إلى 18 أيار الجاري، والذي يحمل عنوان "القدس في قبضة التهويد"
نستضيف اليوم د. أسامة الأشقر .. رئيس المكتب التنفيذي للحملة الأهلية لاحتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009
السؤال
واضح أن لدى الأمة جمهور كبير من المثقفين.. ولكن لا توجد هناك خريطة طريق لتفعيل هذه الجهود في خدمة قضية القدس..
برأيكم.. على من تقع مسؤولية وضع أطر لإستراتيجية ثقافية إذا صح التعبير.. لتفعيل دور المثقف العربي باتجاه نصرة القدس الشريف
مع خالص الشكر والتقدير
الإجابة
ليس جديداً أن يتم توصيف الواقع الثقافي العربي؛ أنه واقع تابع للمال والسياسة، وأن الثقافة تجود بمقدار ما تجود به القطاعات السياسية والمالية، لذلك تتفاوت ظروف بناء إستراتيجية ثقافية بقدر تفاوت الدعم والقناعة السياسية بالفعل الثقافي.
وفي قضية القدس.. فإن العالم العربي لم يقدم مؤسسة حقيقية فاعلة لتقديم قضية القدس والتعريف بواقعها وحمايتها كما هو الحال لدى المنظمات الصهيونية أو المسيحية المتصهينة، ولعل الاستثناء الوحيد هو في مؤسسة القدس الدولية التي يرأس مجلس أمنائها الشيخ د. يوسف القرضاوي لكنها لا تزال تحارب بشدة في داخل القدس وتمنع من أداء واجباتها مما يضطرها للالتفاف من أجل تقديم خدماتها رغم ما يحف ذلك من مخاطر.
السؤال
لا شك يسعدنا جميعاُ أن نرى المثقفين العرب يأخذون دورهم في قضية تحرير القدس والأقصى من يد الاحتلال..
ولي استفسار: حول فعالية الحملة الأهلية لجعل القدس عنوان للثقافة العربية عام 2009.. ما هو المرجو ـ على الأرض ـ من هذه الحملة؟
أقصد ماذا يمكن أن تقدمه الحملة لدعم القدس؟
وما هي رسالتكم لكل مثقف عربي ليشارك معكم في هذه الحملة؟
الإجابة
الفعاليات الثقافية تدار بطريقتين :
أن نقيمها في القدس أو أن نقيمها لأجل القدس، وبحكم كون المؤسسات الداعية للحملة الأهلية هي مؤسسات تعيش خارج الوطن؛ فإن قدرتها على الفعل تتركز في خارج الوطن تحت شعار "لأجل القدس" ، وبأن نجعل كل عاصمة عربية عاصمة للثقافة من أجل القدس تعريفاً وتنويراً وتعبئة.. ومن هنا كان القرار بافتتاح 14 مكتباً قطرياً للحملة الأهلية لاحتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009
في 14 بلداً عربياً، على أن أكبر فعالياتنا قمنا بها قرب القدس من خلال إحياء سنة جهادية ابتدعها صلاح الدين الأيوبي عند مقام ما يسمى بالنبي موسى، وقد كانت محاولة منا مع المؤسسات المقدسية لإعادة إحياء هذا الفقه المجيد من خلال إعادة استنطاق انتصارات التاريخ الإسلامي.
السؤال
وفقكم الله في الحملة الأهلية لاحتفالية القدس، وأعانكم على أداء رسالة دعم القدس والمسجد الأقصى المبارك.. ولي سؤالان:
الأول:
يتعلق بالمستقبل المنظور في القدس، كيف ترون الوضع في المدينة خلال الأعوام المقبلة في ضوء تولي الحكومة اليمينية في دولة الاحتلال من جهة، والسعي الجاد من جانب القوى الغربية لإنهاء القضية الفلسطينية سريعاً من جهة أخرى؟
وبالمقابل وفي ظل المستوى الحالي من الاهتمام بالقضية في العالم الإسلامي خاصة في دول الطوق، هل ترون المستقبل قاتماً بدرجة محبطة؟ وبماذا تنصحوننا على مستوى الأفراد والمؤسسات الأهلية أمام ذلك؟
والسؤال الثاني:
هو اقتراح بالأحرى ويتعلق بالعدد القليل المتاح من المواد الإعلامية التي تخاطب الأطفال والشباب لزرع القضية في نفوسهم، فلماذا لا يتم التركيز على هذا الجانب أكثر، وخاصة في موقع كموقع مؤسسة فلسطين للثقافة التي ترأسونها؟
الإجابة
فيما يتعلق بالسؤال الأول..
فأنا لا أخفي خيبة أملي من ضعف ردود الأفعال الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية إزاء هذه الشراسة الصهيونية في ابتلاع القدس وتهويدها وطرد سكانها وحشد الرموز اليهودية الدينية فيها، إذ ثمة مخطط كشف عنه الخبراء يعمل على تسريع نشاط التهويد وصولاًً إلى بناء قدس يهودية، والأمر اليوم في غاية الخطورة وأعتقد أننا بحاجة لنتحدث عن خطوات عملية لاستنقاذ القدس أو تخفيف ما يجري فيها على الأقل وهنا الدور الأهلي والشعبي، وأخشى من تكرر العادة التاريخية القاضية بأن الحراك يأتي بعد الصدمة فتلك فاجعة حقاً.
أما بخصوص السؤال الثاني..
فإن المؤسسة تؤمن بالتخصصية، ورغم قناعتنا بضرورة العمل من أجل بناء جيل مؤمن واعٍ فإن تخصصنا الدقيق لا يدخل فيه استهداف الطفل بالخطاب إذ أننا نعاني في الواقع الفلسطيني والعربي من انهيار شامل للمؤسسات الثقافية وغياب واضح لدور المثقف لذلك وجب علينا أن نؤدي دورنا فيما يلينا وألا نحمل أثقلاً تنوء بنا ثم تبقينا مكاننا.
السؤال
هل هناك إمكانية لتكوين رابطة ثقافية إسلامية من كافة الدول الإسلامية بحيث يمكنها وضع آليات لتحريك الأمة كلها باتجاه نصر القدس وردع هذا العدو الغاشم الذي لا يعرف سوف لغة القوة..
وباعتبار أن القدس ونصرتها واجب الأمة كلها وليس فقط الشعوب العربية.. بل أضيف هنا يجب أن تشترك الأقليات المسلمة في هذه الرابطة باعتبارها تمثل 30% على الأقل من مجموع هذه الأمة..
الإجابة
تشكيل الأطر الشعبية والأهلية في أي مكان حيث أمكن واجب لا يجوز إغفالها أو التقليل من أهميته مهما صغر عمله، وأعتقد أن الوجوب يزداد في ظل تردي الإرادة السياسية العربية ، ونمو الاستهداف الصهيوني لمقدساتنا، ومن هنا وجب التأكيد على إطلاق روابط لأجل القدس أدباء وشعراء وفنانين وإعلاميين ومهندسين ... ثم تتكامل هذه الروابط مع بعضها من خلال شبكة تنسيقية ، ولدينا نموذج قابل للاحتذاء في الشبكة العالمية للمنظمات العاملة للقدس
السؤال
هل هناك جهود أو ضغوط من قبل المثقفين العرب على المؤسسات الدولية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني مثل اليونسكو؟
وما هي نتائج تلك الجهود حتى الآن؟
وهل هناك إمكانية لتكوين تكتل عالمي ثقافي لوقف عمليات التهويد وتدمير التراث الإسلامي والمسيحي بالقدس؟
الإجابة
الجهود المبذولة من قبل الأطراف العربية أخي الطيب، جهود موجودة وقائمة وقد تمكنت من ردع بعض التجاوزات التي تهدف إلى تسويق تراثنا العربي الإسلامي على أنه تراث يهودي، لكن الخطر الحقيقي والمعركة الفعلية هي على الأرض؛ فليس هناك أي تأثير مادي في معركة التهويد بسبب نشاط الآلة الصهيونية وحصانتها الدولية .
السؤال
كم يسعدني ويشرّفني أن أنضمّ لحملتكم هذه والتي لا بد أن نرسم لها ملامح وآفاق تعبّر عن مكانة القدس وواقع القدس ومستقبل القدس من قبل الأمة أجمعها، وسؤالي لكم عن برامجكم المراد إنجازها في المستقبل القادم ؟
وهل من المناسب توجيه الشعراء والكتاب لقصص وقصائد ومقالات وأبحاث ودراسات تتناول القدس بمختلف جوانبها التاريخية والديمغرافية والدينية والثقافية والإنسانية والسياسية، ويمكن عمل مسابقات خاصة لمختلف الفئات للمدارس وللجامعات وللنقابات وللمفكرين والباحثين، إضافة لتوجيه رسائل الماجستير والدكتوراه للاهتمام بهذا الموضوع .
الإجابة
تتسع هذه الحملة لكل راغب في تقديم العون والإسناد وهي ترحب بكل نشاط في مجال تخصصها، وأما ما سألت عنه فلعلك تتابع معنا إطلاقنا لجائزة دولية في مسارين علمي وأدبي
، قيمة الجائزة الأول في كل مسار عشرة آلاف دولار، كما التزمنا في الحملة الأهلية بنشر نحو مائة كتاب في الحد الأدنى على أن نصل إلى نحو 500 كتاب وقد تقدم إلينا المئات حتى الآن، ويمكن مراجعة الموقع الإلكتروني للحملة الأهلية لاحتفالية القدس للمتابعة معنا بهذا الخصوص، ونسأل الله التوفيق
السؤال
أتساءل على من تعتقدون أن المسؤولية تقع لتغيير الواقع الثقافي العربي الذي وصفتموه بأنه تابع للمال والسياسة؟
الإجابة
سؤال المسؤولية سؤال خطير لأنه من جهة قد يصرف بعض من يتوجب توجيه الخطاب له إلى غيره، وقد يتوجه في عمومياته إلى جهة غير معنية ضرورةً، لذلك أقرر عادةً في طرحي أن هذه المسؤولية هي مطلوبة من كل قادر على فعل شيء في حدود إمكاناته وظروفه، والتفصيل يأتي بعد ذلك في كل حال منفردةً.
السؤال
واضح أن الجهود الثقافية حتى اليوم، للأسف من قبل ناشطين مدنيين، ولا نرى أي جهود حكومية..
فهل هناك من جهود مدنية شعبية للضغط على الإدارات الرسمية الثقافية لكي تقوم بواجبها؟
ليس من باب المعارضة وإحراجهم؛ وإنما من باب إيقاظهم من غفلتهم وثباتهم؟
الإجابة
لعلي أطرح اليوم طرحاً مغايراً لما قد تتوقع سماعه؛ فمن خلال تجربتنا في الحملة الأهلية فوجئنا بإقبال رسمي كبير، وهذا الإقبال الرسمي تمثل في إعطائنا الغطاء للعمل دون اعتراضات، مما جعل المنظمات والأحزاب والهيئات والبلديات والمديريات تتعامل معنا في كل قُطر بلا تحفظات، وقد دخل في تأييد هذه الحملة وتغطيتها رسمياً دول لم نتوقع دخولها معنا، بل أقول لك إن معظم حملاتنا الأهلية في الأقطار تشكلت رئاساتها بقرارات رسمية رئاسية أو وزارية، وأتفق مع القائلين بأن هذا الدعم معنوي في جانبه الأكبر لكون التكلفة المادية تقع على عاتق العمل الأهلي لكن مجرد السماح لنا بالعبور وتسهيل مهمتنا كان أمراً إيجابيا ينبغي الإشادة به، آملين أن تتطور هذه الإيجابية نحو تقديم دعم حقيقي، والدرس الذي استفدناه أن العمل الأهلي يحتاج إلى إدارة واعية وليس مطلوباً منها أن تخفض سقف مطلوباتها من أجل أن تحقق إنجازاً ما.
السؤال
كيف يمكن للمثقفين العرب خدمة القدس بطريقة جديدة..
فنحن بحاجة إلى أفكار خلاقة، وليس فقط محاضرات أو ندوات وغيرها من الطرق التقليدية؛ فنحن بحاجة إلى تحويل الأفكار إلى عمل لخدمة القدس ؟
الإجابة
هناك طرق عديدة في المجال المدني تمكن المرء من تحقيق بعض ما يتوجب عليه، فكل صاحب خبرة أو موهبة ينبغي أن يفكر بطريقة تخدم القدس في حدود تخصصه، ويبادر لتنفيذها أو إقناع المهتمين بها بذلك.. وقد قمنا في الحملة الأهلية بتخصيص صفحة تضامن خاصة تغطي عدة مجالات للراغبين في عمل شيء ما فيمكنك مراجعتها في الموقع.
السؤال
دكتور أسامة.. أخشى ما أخشاه أن تضيع القدس في العام الذي نحتفل بها كعاصمة للثقافة العربية.. لأن هذا العام هو الأخطر على القدس أكثر من أي عام مضى..
فهل يمكن اتخاذ إجراءات عملية من خلال حملتكم لإنقاذ القدس؛ وبالقدر الذي هو متاح لكم؟
الإجابة
حملتنا أخي حملة مدنية أهلية ذات طبيعة ثقافية، ويحتاج العمل حتى نصل به إلى توصيف الإنقاذ إلى تكامل السياسي والثقافي والاقتصادي والنضالي، ولكن لا يجوز لنا بحال أن نظل صامتين بحجة عدم قدرتنا على فعل شيء فالحراك يولد الحراك، والتدافع والمغالبة يقدّمان أي مشروع للأمام .
السؤال
اسمحوا لي بالتعقيب ثانية على نقطة تبعية المثقف العربي للمال والسياسة..
فإذا كان تغيير هذا الواقع صعباً أو لا يمكن فيه إلقاء المسؤولية على جهة بعينها، لماذا لا يتم استبدال المثقف العربي بأصحاب التوجه الإسلامي والمهتمين بالعلوم الشرعية ؟
أي لماذا لا تتم مخاطبة هؤلاء- ممن لا يستهويهم المال والسياسية في الغالب -لإقناعهم بالتأهل لدرجة مثقف حتى يستطيعوا القيام بالدور التثقيفي المطلوب لبناء جيل التحرير بإذن الله؟
الإجابة
المثقف وصف عام يحمله كل من امتلك المعرفة المفيدة الواعية، ولا يمكن أن نعزل الإسلامي عن مثل هذه الأوصاف، بل ربما يكون الإسلامي بالمفهوم المعرفي هو الأكثر ثقافة فخطابي هنا بهذا المفهوم ولا أستثني أحداً..
السؤال
اقصد لماذا لا يتم التركيز على فئة من الإسلاميين، وهم كثيرون، نجدهم معنيين بالدراسة الشرعية؛ فقط مع إغفال الدراسة التاريخية، اللازمة لتكوين مثقف متكامل صاحب وعي وصاحب مبادرة عملية تعتمد على استغلال المتاح من الوسائل ريثما تتوافر وسائل أقوى؟
الإجابة
لاشك أن دور أهل العلم وطلبة العلم الشرعي مهم للغاية وتأويل الأهمية أنهم الأقدر على فهم مقاصد النصوص ودلالاتها كما أنهم يعبرون عن الوحدة الثقافية المفهومية للأمة..
لذا أعتقد أنه من الضروري لهم أن ينالوا قسطاً وافراً من المعرفة المتخصصة بقضايا الأمة المركزية وعلى رأسها قضية القدس، وأحسب أن تفعيل مشروع سفراء القدس أمر مهم للغاية لما يحتويه من قيمة ريادية معرفية .
هذا المشروع تقوم عليه جهات عديدة لكنه يحتاج للتبني الرسمي ليستطيل ويتمدد.
السؤال
ما هو الدور الذي يمكن أن تقوم بها حملتكم الغراء في تعريف المواطن العربي بالقدس تاريخياً وتراثاً ومعالم سياحية وثقافية ودينية.. حيث نجد للأسف الشديد غالبية الشعوب العربية تجهل تمام الكثير عن القدس..
وهل يمكن اقتراح مادة دراسية تدرس لطلبة المدارس لمحو ظاهرة الجهل بالقدس في الأجيال القادمة..
الإجابة
إن أي جهد نقدمه يبقى في إطار الجهد الأهلي ورغم اتساع دائرة عملنا إلا أننا لا زلنا نفتقر إلى المنابر الرسمية ذات الإمكانات العالية، فنحن نعتمد على جهد تطوعي لكوادر وطاقات على امتداد الأمة، ونحتاج من أجل الوصول إلى مرحلة التوعية وتشكيل المفاهيم المشتركة ثم توحيد الرؤية الضامنة لصوابية المسار وصحة الطريق إلى أضعاف مضاعفة من الجهد والمال، فهذه القضية ليست قضية بلد واحد يحشد لها طاقاته موسمياً بل هي قضية أمة بحق تستلزم جهدا استثنائياً، ونحن في هذه الحملة نقدم طاقة الاستطاعة القصوى لتقديم أفضل ما لدينا ، لكننا لا يمكننا إلا أن نعترف بأننا لا زلنا بحاجة للإسناد والدعم لتقديم ما أعددناه من أدبيات وإصدارات ومفاهيم .