التفكجي: "أملاك الغائبين" سيبقى 6.5% من مساحة القدس للفلسطينيين
غزة- عمر زين الدين
تمخضت هبّات العرب والمسلمين ومواقفهم تجاه القدس المحتلة، لتلد بَجَاحةً "إسرائيليةً"، جعلتها تعلن على الملأ يوماً بعد آخر، مخططاتها التهويدية التي تمضي بها قدماً بحق القدس والمسجد الأقصى.
فسياسة الاحتلال التي تستهدف الحجر والبشر والشجر منذ عام 1967، لازالت مستمرة وتتكاثف في هذه الأيام لوجود برنامج إسرائيلي يقضي بإحداث تغيير جذري في المشهد المقدسي العربي الإسلامي ووضع المشهد الإسرائيلي بديلاً عنه، ولا يقف بوجهها أحد.
مدير الخرائط في بيت الشرق خليل التفكجي، كشف لـ"فلسطين" عن آخر ما نجمت عنه مخططات الاحتلال التي بدأت عندما أعلنت القدس عاصمة لكل اليهود في كل أنحاء العالم، ليقول بأن "حياء الاحتلال في الإعلان عن مخططاته التهويدية، تحول إلى بجاحة تفوح من أفواه الساسة ووسائل الإعلام الإسرائيلية".
مصاعد وأبنية
ويصف التفكجي ما يحدث في البلدة القديمة من إقامة المصاعد وإقامة الأبنية بأنها "جزء من سلسلة طويلة الأمد، لإقامة مدينة تحت الأرض مرتبطة بمدينة فوق الأرض، تربطها المصاعد لتصل لحائط البراق الذي يشكل جزءاً من القضية الدينية اليهودية".
ويضيف: "عندما يقيم المواقع في البلدة القديمة أو بجوارها، فهو يريد أن يقول للعالم بأن القدس التي نريدها الآن هي مدينتا الحقيقية والتي بنيت قبل ثلاثة آلاف عام بدءاً من هيكل داود وحدائقه وانتهاءً بما يحدث الآن في البلدة القديمة".
وبذلك يظهر هدف الاحتلال في "غسل أدمغة السياح الأجانب، الذين تستقطبهم (إسرائيل)، لتقول لهم عندما يصلون إلى القدس بأن هذا هو الهيكل الذي هو جزء من البلدة القديمة والعقيدة اليهودية".
ويعلق على هذا المشروع بأنه "وضع في عام 1994 وينتهي في عام 2020، ضمن سلسلة من المخططات تقام وفقه مجموعة من المتاحف والبنية التحتية المتعلقة بالهيكل، تريد (إسرائيل) أن تربط فيه بين التاريخ، الذي يمثله مدينة داود، بالقضية الدينية المتمثلة بحائط البراق، والقضية السياسية المتمثلة بالعاصمة الأبدية على حد زعمهم".
إعادة تشكيل
"في هذه النقاط الرئيسية يجري إعادة تشكيل لهذه المنطقة وللفكر العالمي، خاصة عندما يتوقع الاحتلال وصول 6 إلى 10 ملايين سائح، إلى الأراضي المحتلة خلال السنوات القادمة، لتجري عملية تغيير التاريخ"، والكلام للتفكجي الذي يقرر "وصلنا إلى نهايات المشروع الذي يرمي لتغيير واقع المدينة المقدسة".
ويضيف:"عندما ينشئ الاحتلال في موقع "جفعاتي"، متاحف تبعد 50 متراً فقط عن ساحة البراق، فهو يحاول إيهام العالم بأن العرب والمسلمين ليس لهم حق في هذه الأرض لينتقلوا فيما بعد للسيطرة على المسجد الأقصى".
ويشير التفكجي إلى وجود مجموعة من المتاحف في داخل البلدة القديمة، "يرى كل القادمين والسياح، الهيكل بكل مواصفاته، لتحدث صدمة أمام كل سائح قادم ليصبح يرى الوهم حقيقة".
أين الخطورة؟
ولدى سؤالنا التفكجي عن أخطر الحفريات التي تجري في هذه الأيام، أجاب بأن "ما يجري تحت الأرض يشكل خطورة كبيرة، فالمنطقة ما بين المسجد القبلي والمسجد الأقصى في منطقة الكأس، تجري فيها أخطر المخططات، ولا نعرف التفاصيل الدقيقة لما يحدث هناك وإلى أين وصلت إلا في حال حدوث انهيارات".
أما "ساحات المسجد الأقصى، البالغة 144 دونما هنالك، فلم يقم الاحتلال بالبناء فيها باعتبارها ولاية دينية أردنية، وفق اتفاقية وادي عربة واتفاقات أخرى موقعة".
صراع الديموغرافيا
وعن صراع الديموغرافيا داخل مدينة القدس يسرد التفكجي تفاصيل الصراع منذ بداياته فيقول "في عام 1972 اتخذت رئيسة وزراء (إسرائيل) في ذلك الوقت غولدا مايئر، قراراً بأن يكون إجمالي عدد العرب 22% في القدس لتبدأ بعملية مصادرة الأراضي وهدم المنازل وسحب الهويات".
ويتابع "رغم كل تلك الظروف إلا أن العرب نمو حتى وصلوا إلى 36% من إجمالي عدد السكان ضمن حدود بلدية القدس، لتقول الدراسات الإسرائيلية بأنه في عام 2040 سيكون عدد السكان العرب 55%، وتصبح رئاسة بلدية القدس بيد العرب".
وفي ظل هذا الإصرار العربي "بدأت (إسرائيل) بسياسة جديدة، تقضي باستمرار مصادرة الأراضي وهدم البيوت، ليصل حجم ما يملكه العرب داخل القدس إلى 13% فقط".
إلا أن التفكجي يكشف بأنه "إذا تم استغلال قانون أملاك الغائبين سيتم تفريغ سكان منطقة القدس وسيصل عدد السكان إلى 12%".
ويواصل:"(إسرائيل) قامت بهدم المنازل وسحب الهويات ومصادرة الأراضي إلا أنها لم تجدِ نفعاً فقامت ببناء الجدار الذي أخرج 120 ألف فلسطيني خارج القدس ليصبح العرب أقلية داخل القدس".
ويؤكد أن "الجانب الإسرائيلي يعمل في قضية الديموغرافيا بشكل متسلسل ليصبح عدد السكان العرب 12%".
وفي حين يدعي رئيس بلدية الاحتلال في القدس أن أعداد المقدسيين تتراوح ما بين 60 إلى 70 ألفاً، يقول العرب بأن أعدادهم تتجاوز 125 ألفا.
ويشدد التفكجي على أن الاحتلال يسعى "للوصول للهدف الاستراتيجي وهو 12% عربا و88% يهودا، ويقوم الاحتلال بضم الكتل الاستيطانية المجاورة لمدينة القدس إلى داخل مدينة القدس".
التفكجي يشير إلى خطورة قانون أملاك الغائبين الذي يقضي "بنقل أموال كل فلسطيني من الضفة يمتلك أرضاً أو عقاراً في داخل القدس إلى الجانب الإسرائيلي".
ويقول "تم تفعيل قانون أملاك الغائبين، وستنتقل 50% من أراضي القدس التي يملكها العرب –تشكل 13% من أراضي القدس وتبلغ 9500 دونم- لصالح اليهود، ليصبح ما يملكه العرب من أراض هو 6.5% فقط من مساحة القدس".
مخططات الهيكل
ونشرت القناة الثانية العبرية مؤخراً خرائط ومخططات للهيكل المزعوم الذي سيحل وفق زعمهم بديلاً عن المسجد الأقصى.
ويعلق التفكجي على ما نشر بأنه "معروف مسبقاً بكل تفاصيله منذ زمن، لكن إعلانها اليوم أصبح بشكل علني حتى على المستوى السياسي الإسرائيلي، فهي تتشدق بقولها إن القدس لا يمكن التفاوض حولها وأن البناء في القدس كالبناء في (تل أبيب), القدس هي مركز حضارة الشعب اليهودي بعد أن كان يستحيي ويخاف من ردة فعل الشارع العربي".
وعن ادعاءات الاحتلال بأن القدس لن تنقسم في حين أنه يقيم الحدائق التوراتية، يقول التفكجي إن "الجانب الإسرائيلي يستخدم الدين للوصول لأهداف سياسية، وهي مجرد مبرر للاستيلاء على أي منطقة يرغب في الوصول إليها".
كما يرى بأن اتفاقية حماية المقدسات التي وقعت بين السلطة الفلسطينية والأردن لم تغير من الواقع شيئاً، لافتاً إلى أن "الجانب الإسرائيلي أعلنها بكل صراحة أنه يعمل ضمن منهجية واضحة وضوح الشمس في حين أن العالم العربي يتعامل وفق ردود الأفعال".
حل الدولتين
"تصريحات الاحتلال العنصرية أنهت الحديث عن حل الدولتين، باعتبار أن الدولة الفلسطينية هي غير موجودة وأن الفلسطينيين هم عبارة عن مستوطنين في حين أن المستوطنين الإسرائيليين هم أصحاب البلاد"، والكلام للتفكجي.
ويضيف "هم يعتبرون أن الأراضي التي احتلوها عام67 هي أراضٍ حرروها من المحتلين الفلسطينيين واليمين الإسرائيلي يقول نحن أصحاب القدس".
ويجزم بأن الاحتلال "يسعى للوصول لهدف استراتيجي في اقامة القدس الكبرى التي تعادل 10% من مساحة الضفة الغربية، لتبدو القدس وفق سياسة الأمر الواقع غير قابلة للتقسيم".
كل يغني على ليلاه
كل هذه المخططات دفعتنا لسؤال التفكجي عن مدى شعور العالم العربي بالخطورة المحدقة بالقدس، ليجيب "دائماً نتحدث عن الأخطار المحدقة بالمسجد الأقصى، لكن العرب والمسلمين يقولون بأن الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وقلوبنا معكم، وما نسمعه هو مجرد شعارات".
ويضيف "العالم العربي والإسلامي لا ينتبه لواقع المسجد الاقصى، خاصة وأن كل دولة منشغلة بذاتها، وتغني على ليلاها، أما مدينة القدس بقيت وحدها بعد فصلها عن الفلسطينيين من الضفة الغربية".
ويتابع "الاحتلال يعلن اليوم بشكل علني أنه يريد أن يهود الاماكن العربية، دون أن يكون هناك ردة فعل واضحة أو وجود استراتيجية للتعامل مع هذه المخططات".
ويصف ما يقوم به الاحتلال اليوم من حفر وتدمير بأنه "يأتي ضمن السياسة الإسرائيلية ببناء القدس بنظام جديد ليكون إعادة تشكيل للمشهد الإسرائيلي في داخل مدينة القدس".
ويعود التفكجي بالزمن إلى الوراء ليقول بأن "العرب حافظوا على القدس عبر آلاف السنين"، ليستدرك بأن "الاحتلال خلال 40 عاماً استطاع خلق مشهد جديد جمع بين القديم والجديد".