محمد الدرة أيقونة انتفاضة الأقصى
الجمعة 29 أيلول 2017 - 11:43 ص 12312 0 مقالات |
وسام محمد
صحفي في مؤسسة القدس الدولية
يختبئ خلف برميل إسمنتي صغير الحجم، يخفي رأسه بين أكتاف والده وخلف ظهره، يتذكر أصدقائه وأقارنه في الحارة، وتلك الطابة التي تنتظره ليكمل فيها لعبة التحدي مع أحبابه، ولم يكن يعلم أن تلك اللحظات والمشاهد التي تتسارع في المخيلة والذاكرة ستنتهي هنا.
إنه الطفل الفلسطيني الشهيد محمد الدرة البالغ من العمر 12 عامًا، عرفه ملايين المشاهدين الذين عاشوا معه تلك اللحظات الصعبة منذ اختبائه خلف والده حتى استشهاده عبر شاشات التلفزة التي بثت تلك اللحظات عبر الهواء مباشرة.
حاول الأب "جمال" أن يحمي ابنه محمد بكل قواه، لكن رصاصات جنود الاحتلال كانت أسرع من كلمات الوالد، فتلقيه شهيدًا على ساق أبيه، في مشهد أبكى البشرية وهز ضمائر الإنسانية.
حاول الاحتلال الإسرائيلي التبرؤ من قتل الشهيد محمد الدرة، الذي اختصر استشهاده آلاف المشاهد والمآسي التي سجلها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، لا سيما تلك المجازر التي نفذها بحق الأطفال والنساء، ولا يمكن وصف هذه الجريمة إلا بجريمة حرب أقذفت الدمع في قلوب أحرار العالم.
بعد استشهاد الدرة الصغير بأكثر من عامين، رزق والده جمال الدرة ولدًا آخر عوضًا عن فقيده، وأطلق عليه اسم "محمد" أيضًا تيمنًا بأخيه، فكان مولده رحمة من الخالق، ورقأ لجراح العائلة بأكملها.
جاء المولود الجديد "محمد" إلى الدنيا، في آخر جمعة من العشر الأواخر من شهر رمضان، التي صادفت "يوم القدس العالمي" لذلك العام، ليأخذ بجانب اسم أخيه، ملامحه أيضًا.
ويعتبر الطفل الفلسطيني "محمد الدرة" رمزًا من رموز الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) التي اندلعت شرارتها في 28 أيلول/ سبتمبر عام 2000، عقب اقتحام رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق المجرم أرئيل شارون المسجد الأقصى المبارك، بحراسة مشددة من قبل قوات الاحتلال وجنوده.
وقد أسفرت الانتفاضة الثانية عن استشهاد 4412 فلسطينيًا إضافة لـ 48322 جريحًا، ومقتل 1069 إسرائيليًا وجرح 4500 آخرون.