عام على إطلاق مسار التطبيع العربي مع الاحتلال
الجمعة 13 آب 2021 - 8:24 م 2040 0 مقالات |
براءة درزي
باحثة في مؤسسة القدس الدوليةفي 2020/8/13، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين الإمارات ودولة الاحتلال، وأعلن يومذاك عن بيان مشترك أمريكي-إسرائيلي-إماراتي قال إنّ الإمارات وافقت على التطبيع الكامل مع دولة الاحتلال، وأضاف البيان أنّ هذا "الاختراق الدبلوماسي التاريخي سيعمل على تعزيز السلام في منطقة الشرق الأوسط، وهو شهادة على الدبلوماسية الجريئة ورؤية القادة الثلاثة وشجاعة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل لرسم مسار جديد من شأنه إطلاق الإمكانات العظيمة في المنطقة".
وفي 2020/9/15، وقّعت الإمارات ودولة الاحتلال اتفاقية سلام لإقامة علاقات شاملة، فيما وقعت البحرين إعلان تأييد السلام؛ تمهيدًا لاتفاق سلام بينهما، في مراسم أقيمت في البيت الأبيض شارك فيها كلّ من ترامب ورئيس حكومة الاحتلال آنذاك بنيامين نتنياهو، ووزيري الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد والبحريني عبد اللطيف الزياني.
ومع نهاية عام 2020، كان السودان والمغرب قد لحقا الإمارات والبحرين.
وقد توالت على أثر توقيع اتفاقيات التطبيع الخطوات الهادفة إلى تعزيز العلاقات بين الاحتلال والدول المطبّعة، لا سيما الإمارات، وشمل التطبيع المستويات الدبلوماسية والطبية والتجارية والسياحية وغيرها.
تبادلت الإمارات ودولة الاحتلال البعثات الدبلوماسية وفتح السفارات فيما تتحضّر البحرين لخطوة مشابهة، وزار وزير خارجية الاحتلال في 2021/8/11، المغرب ووقع مع وزير الخارجية المغربي اتفاقات لاستحداث آلية تشاور سياسي بين البلدين وأخرى للتعاون في مجالات الثقافة والرياضة والخدمات الجوية، وفق الحساب الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية المغربية.
وقال تقرير نشرته جيروزاليم بوست في 2021/8/8، إنّه "بعد مرور عام على إبرام اتفاقيات أبراهام، تجاوزت قيمة الصفقات التجارية المبرمة بين (إسرائيل) والإمارات 570 مليون دولار، وذلك وفقًا للبيانات الصادرة عن دائرة الإحصاء المركزية". وأفاد التقرير أنه في عام 2020 والأشهر الستة الأولى من عام 2021، صدّرت (إسرائيل) 197 مليون دولار من السلع والخدمات إلى الإمارات، واستوردت بحوالي 372 مليونًا.
وتوقّعت الصحيفة أن تصل قيمة المبادلات التجارية بين الجانبين الإماراتي والإسرائيلي إلى مليار دولار عام 2021 بأكمله، وأن تتجاوز 3 مليارات في غضون 3 أعوام. ونسبت الصحيفة هذه المعلومات إلى مجلس الأعمال الإماراتي-الإسرائيلي، وهو منظمة تربط الأعمال التجارية لدى الطرفين.
كان إطلاق ترامب مسار التطبيع محاولة منه لتشكيل الأرضية اللازمة لتنفيذ بنود صفقة القرن التي كشف مضمونها السياسي في كانون الثاني/يناير 2020، إذ إنّ التطبيع قد يسهم في عزل الفلسطينيين بعدما تقيم الدول العربية علاقات رسمية مع دولة الاحتلال.
لكنّ اندفاعة ترامب فرملتها إدارة بايدن التي حاولت أن تبدي "توازنًا" في التعاطي مع القضية الفلسطينية، من دون أن يعني ذلك التخلّي عن دعم دولة الاحتلال. وتجنّبت إدارة بايدن الإشارة إلى اتفاقات التطبيع بمصطلح "اتفاق أبراهام"، وتعتمد تسميتها باتفاقيات التطبيع. كذلك، فإنّ تجاهل إدارة بايدن لصندوق دعم التطبيع الذي أعلن عنه في تشرين الأول/أكتوبر 2020، أدّى إلى استقالة ممثّل أمريكا في الصندوق من دون تسمية خلف له.
ولم يكن الأقصى غائبًا عن الاتفاق الثلاثي بل حضر فيه وفي التصريحات المرافقة واللاحقة، كما في صفقة القرن كذلك، بما يعكس المساعي إلى استغلال المسجد في تطبيع الوعي العربي الشعبي، وبما يتبنّى سيادة الاحتلال على المكان وروايته، مع سحب إقرار عربي وإسلامي بأنّ الأقصى "جزء من دولة إسرائيل" ويخضع لسيادتها، ولتشريع الاقتحامات تحت عنوان الحرية الدينية.
بل إنّ تـوم نيساني، مسؤول "جمعية تراث جبل المعبد"، وجّه رسالة بالعربية إلى العرب المطبّعين، يدعوهم فيها إلى التكاتف مع الإسرائيليين لطرد "الأوقاف والفلسطينيين الإرهابيين" من المسجد.
وقد رفض المقدسيّون زيارات للمسجد قامت بها وفود عربية بعد انطلاق التّطبيع، ووصفوها بالاقتحامات التي لا تختلف عن اقتحامات المستوطنين التي تتمّ بحماية الاحتلال.
بعد عام على إطلاق قطار التطبيع، لم يتحقّق السلام الذي يزعم المروجون له أنّه سيكون من ثمرات التقارب مع الاحتلال، ولا يبدو أنّ فرص تحقيقه زادت. كذلك، لم تتوقف جرائم الاحتلال بحقّ الفلسطينيين من قتل واعتداء واعتقال وتهجير، لا بل تصاعدت وتيرتها كما تشهد على ذلك أحياء سلوان والشيخ جراح وغيرها.
وبالمقابل، لم تصبح دولة الاحتلال محبوبة أو مألوفة شعبيًا، حتّى في الدول المطبّعة التي تطالب شعوبها بإنهاء التطبيع الذي كان أحد أهدافه تبييض صورة الاحتلال وجعله مقبولًا شعبيًا. وفي فلسطين، لم تتوقّف المقاومة الشعبية ضدّ الاحتلال، تشهد على ذلك بيتا والخليل والقدس وسواها؛ فيما كانت معركة سيف القدس التي انطلقت من أجل القدس والأقصى، ردًا حاسمًا في وجه الاحتلال والمطبّعين معه والداعمين له.