عينٌ على الأقصى 16 - الملخص التنفيذي
الإثنين 22 آب 2022 - 12:24 ص 4546 421 عين على الأقصى |
لم يستطع الاحتلال الإسرائيلي ابتلاع صفعة "سيف القدس" في أيار/مايو 2021، خاصة أنها باغتته وجاءت شرارتها من ملعبه الذي يشعر بقدرة أعلى على تنفيذ ما يريد فيه، أي القدس التي أنفق جهده، وماله، ومقدراته لجعلها رخوة، ضعيفة، وخارج دائرة التفاعل الفلسطيني والعربي والإسلامي. تنبه الاحتلال إلى معادلة جديدة يسعى الفلسطينيون إلى تثبيت أركانها، تتلخص باستعادة وحدة عناوين القضية الفلسطينية، ووحدة الجغرافيا، ووحدة الشعب الفلسطيني، ومبادرة المقاومة العسكرية للتدخل دفاعًا عن القدس والأقصى. والحقيقة أنَّ سلوك الاحتلال كما رصده هذا التقرير بين 1/8/2021 و1/8/2022 يؤكد أن تنبهه الذي أشرنا إليه استحال إلى هستيريا دفعته إلى إطلاق أيدي مخططاته التهويدية ضد الأقصى في كل اتجاه، على الأرض وتحتها وفوقها.
كلُّ ما رصدناه في تقرير "عين على الأقصى" السادس عشر يؤكد أن الاحتلال سعى إلى تحقيق تقدم غير مسبوق في كلِّ مسارات تهويد المسجد الأقصى. وبالفعل، حقق الاحتلال ما يريد في العدد القياسي لمقتحمي الأقصى، وقرارات الإبعاد عنه، وعدد المعتقلين فيه وعلى أبوابه، وتصاعد أداء الصلوات اليهودية داخله، والشروع في تنفيذ مخططات تهويدية وحفريات حول الأقصى وأسفل منه، ومساعي السيطرة على الساحات الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى، وتعريض المسجد لخطر انهيار بعض أجزائه، خاصة بعد انهيارات متتالية شهدها مصلى الأقصى القديم تحت الجامع القبلي، وغير ذلك مما وثقه التقرير.
وبموازاة هذه الإجراءات التنفيذية، شكلت حكومة نفتالي بينيت واحدة من أفضل الروافع لـ"منظمات المعبد"، فهذا الأخير بنى مجده السياسي على مغازلتها، والتماهي معها، وتبني أطروحاتها. والواقع أنه لم يُشهد المسجد الأقصى مستباحًا من قطعان المستوطنين المتطرفين كما كان في مدة هذا التقرير. الاحتضان السياسي الذي وفرته حكومة بينيت لـ"منظمات المعبد"، مع انحياز محاكم الاحتلال المتزايد لتطرف المستوطنين وتجاوزاتهم في الأقصى، شكَّلا السكة التي سار عليها قطار شرطة الاحتلال بسرعة هائلة وبلا توقف باتجاه حماية المستوطنين الذين يؤدون صلوات يهودية في الأقصى، وتنفيذ قرارات المستوى السياسي بالسماح بكل ما يريده المستوطنون في الأقصى باستثناء بعض المطالب التي يصعب على قادة الاحتلال تنفيذها حاليًّا خشية خسارة المكاسب، ومنها تقديم القربان الحيواني داخل الأقصى.
ويبدو أن أداء الشعب الفلسطيني ومقاومته في معركة "سيف القدس" قد نبَّه أنظمة عربية كذلك، فانزلقت أكثر وأكثر نحو شباك الاحتلال، وهي التي تخشى أي نبض شعبيّ صادق في أي قطر عربي وإسلامي، فكانت "قمة النقب" المشؤومة التي كشفت عن مخطط لتأسيس تحالف عربي - إسرائيلي - أمريكي في المنطقة العربية والإسلامية بهدف كبح جماح قوى المقاومة، ودمج كيان الاحتلال في المنطقة، وافتعال الحروب العبثية مع دول إقليمية. وبعد القمة/الهاوية جاء الرئيس الأمريكي بايدن ليبارك هذا الاتفاق، ويؤكد دعم بلاده اللامحدود للاحتلال وسياساته في القدس وكل فلسطين.
وثق التقرير مكائد الاحتلال، وبعض الأنظمة العربية، والإدارة الأمريكية، ووثق كذلك نضال الشعب الفلسطيني، وإبداعاته التي أذهلت المتابعين خاصة في شهر رمضان الفائت. فالمواجهات مع الاحتلال، والعمليات ضذ مستوطنيه وجنوده استمرت، وأكدت الحراكات الجماهيرية الفلسطينية أنَّ الفعل الشعبي هو حجر الأساس في المعركة المفتوحة مع الاحتلال، فهو الشرارة، وهو الحامي والحاضن والحارس والداعم لكل أشكال المقاومة.
ويختم التقرير بتوصيات مهمة لمختلف الجهات الفاعلة في قضية الأقصى، ولا سيما المملكة الأردنية الهاشمية التي تتضاعف المسؤوليات عليها في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ المسجد الأقصى، على أمل أن تجدي التوصيات والنداءات قبل فوات الأوان.
هشام يعقوب
رئيس قسم الأبحاث والمعلومات
في مؤسسة القدس الدولية