حال القدس (4) 2017
الخميس 26 نيسان 2018 - 3:29 م 16884 1475 حال القدس الفصلي |
الملخّص التنفيذي
تتسارع تطورات مشروع التهويد في القدس المحتلة، ونزداد تسارعه على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، ترفدها وترفع من زخمَها لقاءاتٌ وتصريحات مشبوهة من مسؤولين عرب ومسلمين تخطب ودّ الاحتلال تقربًا إلى الإدارة الأمريكية ورئيسها دونالد ترامب أملاً في اكتساب شرعيّة لحكمهم.
وزّع الاحتلال جهوده في القدس اعتداءاتٍ وتهويدًا على المستويين الديني والديمغرافي، فكثّف "نشاطه" في الأقصى من خلال الاقتحامات شبه اليومية، وملاحقةً المرابطين والمرابطات، وإجراءاتٍ يستكمل بها سيطرته المباشرة على المسجد بعدما أفشلت محاولاته في شهر تموز/يوليو هبّةُ باب الأسباط. وبلغ عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى خلال أشهر الرصد، نحو 8336 مستوطنًا يهوديًّا وطالبًا وعنصرًا أمنيًا تابعًا للاحتلال، خلال مدة الرصد.
وعلى المستوى الديمغرافي، لم تتوقّف المشاريع الاستيطانية إن من خلال العطاءات الاستيطانية أو المصادقة على البناء في المستوطنات وتوسعتها، بالإضافة إلى القرارات المتتابعة بهدم منازل المقدسيين ومنشآتهم، وتهجيرهم من أرضهم وبيوتهم، فخلال أشهر الرصد صادقت سلطات الاحتلال على آلاف الوحدات الاستيطانية، وبلغت منازل ومنشآت الفلسطينيين التي هدمتها سلطات الاحتلال ن نحو 21 منزلًا ومنشأة، فيما بلغت إخطارات الهدم خلالها نحو 197 إخطارًا.
خطف إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال في 6/12/2017 الأضواء ليحلّ خبرًا رئيسًا في جملة الأخبار الواردة من القدس وعنها، ولكنّ هذا الإعلان الذي يفصله عن إعلان بلفور مئة عام، جاء ليكمّل صورة المشروع الاستعماري الذي تشكّل منذ ما قبل وعد بلفور الذي كان تصريحًا عن توجّهات الحكومة البريطانية الاستعماريّة. وإعلان ترامب اليوم ليس ضوءًا أخضر أمريكيًا لدولة الاحتلال لاستمرار مشروعها التهويدي في القدس وحسب، فهذا سيكون من الارتدادات المحتملة للإعلان لا سيّما إن لم يتّخذ موقف حازم حياله، ولكنّه يأتي نتيجة متوقّعة بعد سلسلة المواقف العربية والإسلامية المستغرقة في التطبيع مع "إسرائيل"، والعاملة على شيطنة القضية الفلسطينية، ضمن حسابات سياسية ضيّقة ومتعارضة مع حقائق التاريخ والجغرافيا.
وعلى وقع القرار الأمريكي حول القدس، عادت انتفاضة القدس للتأجج من جديد، وشهدت القدس عشرات نفاط المواجهة، منذ إعلان ترامب حتى نهاية شهر كانون أول/ديسمبر، وأكدت الانتفاضة على الرفض الفلسطيني القاطع للقرار، والذي سيستمر بأشكال ومبادرات عديدة لاحقًا.
إذًا، أظهرت أشهر الرصد أنّ عنوان الخطر على القدس في المرحلة القادمة ليس الاحتلال الإسرائيلي وحسب، بل التصاعد في حجم التنازل العربي والإسلامي الرسمي، والانصياع للصلف الأمريكي وتطور المواقف العدائية الأمريكية في القدس، حيث تلتقي هذه العوامل بظلالها لإعطاء دولة الاحتلال المزيد من الجرأة على تهويد القدس ومقدّساتها.
ولا شك في أن مواجهة ذلك يتطلّب تبنّي خطاب وأدوات جديدة لتطويق هذا الانحدار في الموقف العربي الرسمي، ولكبح جماح الهجمة الأمريكيّة التي تعتمد نهجًا يمحق الحقّ الفلسطيني، ولكن بفجاجة أوضح وسرعة أكبر، ولوقف الهجمة التّهويديّة مع مراكمة نتائج المقاومة والنّضال بما سيؤدّي إلى كفّ يد الاستعمار والاحتلال عن المنطقة.