قراءة أسبوعية في تطورات الأحداث والمواقف في مدينة القدس
تصدر عن إدارة الأبحاث والمعلومات

29 نيسان/ إبريل – 05 أيار/مايو 2015

القدس على جمر استهداف المرابطات واستعار الاستيطان

شهدت القدس هذا الأسبوع محاولات مضطردة من الاحتلال لزعزعة وجود المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى، هذا النسق الجديد من الاستهداف جاء على وقع تسريبات حول مخططات إسرائيلية ضخمة تستهدف وجود المقدسيين وزيادة الكتل والبؤر الاستيطانية في القدس خاصةً وفي الضفة الغربية بشكل عام.

التهويد الديني:
شكل المرابطون في المسجد الأقصى عقبة تقف في وجه أطماع الاحتلال وتتصدى للمستوطنين الذين يدنسونه بشكل يومي، وتبرز أهمية دور النساء اللواتي يشكلن من خلال زخم الحضور في الأوقات الصباحية الركيزة الأساس لإفشال أي اقتحام، أمام هذه المعطيات ظهرت خلال هذا الأسبوع قوةٌ مكونة من شرطيات إسرائيليات مهمتها ملاحقة المرابطات في الأقصى، هذه القوة التي أطلق عليها "وحدة الشرطة النسائية الخاصة" دأبت على منع المرابطات من الاقتراب من المستوطنين الذين يقتحمون الأقصى. كما تقوم بنصب كمائن للمرابطات وتلاحق من يقوم منهن بالتكبير في وجه المقتحمين، وقد وصفت المرابطات أفعال هذه الوحدة بأنها اختطاف، حيث يتم استدراج المرابطة أو عزلها عن زميلاتها ثم تنقض عليها الشرطيات بكل قسوة ووحشية. تستخدم المرابطات غطاء الوجه لكي لا تلتقطهم كاميرات شرطة الاحتلال التي تصور المرابطين يوميًا لذلك تتعمد هذه القوة النسائية الكشف عن وجوه المرابطات عنوةً وبشكل قاسٍ، كما يصل الأمر بالشرطيات إلى خلع حجاب المرابطة في محاولة لممارسة ضغط نفسي عليها، وقد قامت هذه القوة يوم الثلاثاء 5/5 باعتقال ثلاثة من النسوة المرابطات في ساحة قبة الصخرة وتم اقتيادهن بشكل عنيف وسط احتجاج واسع من جميع الموجودين في المسجد المبارك، هذا التطور يبرز أهمية المرابطات والدور الكبير الذي تقمن به أمام هجمة الاحتلال على المسجد الأقصى، كما يظهر من جهة أخرى محاولات الاحتلال المتكررة لإيجاد طرق وآليات لإفراغ المسجد الأقصى من رواده ومصليه والمرابطين في جنباته.

مضايقات الاحتلال للمصلين والمرابطين لم تتوقف، وشهدت ساحات الأقصى اقتحامات شبه يومية، وبالإضافة إلى ذلك حررت شرطة الاحتلال مخالفات لسيارات المرابطين والمصلين المتوقفة حول المسجد الأقصى، ففي يوم الاثنين 4/5 قامت شرطة الاحتلال بحملة مخالفات استهدفت مركبات المصلين المتوقفة في شوارع فارغة وقريبة من سور القدس التاريخي؛ وقد زعمت شرطة الاحتلال بأنها مركونة بشكل غير قانوني، وتراوحت هذه المخالفات بين 200 إلى 500 شيكل، وهو أمر يزيد من العبء الحياتي والاقتصادي على المقدسيين وفلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 على حد سواء.

التهويد الديمغرافي:
يشكل الاستيطان أحد أذرع الاحتلال في التغيير الديموغرافي وإحلال المستوطنين مكان السكان الأصليين أصحاب الأرض والحق، فبعد الكشف عن قرارات بناء لوحدات استيطانية جديدة في مستوطنات "النبي يعقوب" و"بسغات زئيف" شمال القدس المحتلة، وقرارات الهدم الكثيرة التي طالت بلدة حزما وبيت إكسا وأحياء الأشقرية ووادي الجوز، كشفت القناة العبرية السابعة عن اتصالات سرية بين وزير جيش الاحتلال "موشي يعلون" وشركة "أمانة" التي تعد إحدى أهم وأكبر شركات الاستيطان في الضفة الغربية، تمحورت هذه الاتصالات حول تسوية حاجات الاستيطان في الضفة الغربية على مدى ثلاث سنوات قادمة، وأفادت هذه التسريبات عن موافقة رئيس وزراء الاحتلال على تخصيص مبالغ ضخمة تصل لـ 500 مليون شيكل سنويًا لعطاءات استيطانية في الضفة والقدس المحتلة، هذه المساهمة السخية من الحكومة لا تهدف فقط لبناء بؤرٍ استيطانية، بل أيضًا تشكيل بنية تحتية ضخمة لصالح المستوطنين بما في ذلك من شق للطرقات والمتنزهات العامة ومناطق السكن الطلابية.

وتشير الاتفاقية إلى خطة استيطانية ضخمة يسعى الاحتلال لتنفيذها، فأعداد الوحدات الاستيطانية تبلغ في مرحلتها الأولى 1700 وحدة وفي مراحل لاحقة حوالي 3 آلاف، وما يقوي هذه التسريبات ما نشره الموقع الإلكتروني للقناة العاشرة العبرية بأن هناك موافقة سياسية إسرائيلية للمصادقة على قرار اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء لإقامة 1500 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "رمات شلومو" المقامة على أراضي الفلسطينيين شمال القدس المحتلة، وقد علق مراقبون أن السبب وراء السرية التي اقترن بها الاتفاق هو عدم إحراج الجانب الأمريكي والفلسطيني وسط الكلام عن عودة محتملة للمفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني تحت رعاية أمريكية.

هذه الاتفاقيات والخطط الهائلة لعودة مسعورة للاستيطان تفسر رفض المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية طلب نواب "القائمة العريبة المشتركة" تجميد أوامر الهدم الصادرة ضد عشرات آلاف المنازل العربية، فقد نشرت صحيفة هآرتس العبرية خبر الرفض يوم الأربعاء 29/4 ، كما رفض هذا المستشار تشكيل فريق لدراسة هذا الأمر وأبعاده بناء على طلب اللجنة، ما يشكل مع التسريب السابق صورة عن مرحلة قاسية جدًا يشرع فيها الاحتلال بهدم وتشريد آلاف الأسر الفلسطينية في القدس مع إحلال للمستوطنين في هذه المناطق، مما ينبئ بتفجر للأوضاع الديموغرافية وغياب أي مواجهة أو ردة فعل على الصعد الرسمية المحلية والدولية لوقف سياسة الهدم والاستيطان التي تجتاح القدس خاصة الضفة الغربية بشكل عام.

التفاعل مع القدس:
خلال هذا الأسبوع أطلقت مجموعة "تك ميديا" Tickmedia الشبابية في القدس المحتلة يوم الأحد (3/5) موقعًا إلكترونيًّا لأرشيف المعالم التاريخية في المسجد الأقصى المبارك، تحت عنوان " أرشيف المسجد الأقصى" لتوثيق كل معلم وحجر وزاوية في المسجد، وتكمن أهمية هذه المبادرة في كونها تسعى لإظهار الرواية الحقيقية عن المقدسات في القدس. وفي تصريح لأحد مؤسسي المشروع بيّن أن هدفه الأساس مواجهة خطر تزوير الحقائق والتاريخ الذي يتعرض له المسجد الأقصى على يد الاحتلال الإسرائيلي وأذرعه، وسيضم الأرشيف أكثر من 250 صورة لمعالم في المسجد الأقصى، مع مادة تاريخية موثقة تفيد الدارسين والراغبين في الاطلاع على الرواية الحقيقية.