21 - 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2015
الخميس 29 تشرين الأول 2015 - 9:33 ص 14347 1365 القراءة الأسبوعية |
قراءة أسبوعية في تطورات الأحداث والمواقف في مدينة القدس
تصدر عن إدارة الأبحاث والمعلومات
21 - 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2015
إعداد: علي إبراهيم
إسرائيل تُخضع الأقصى من بوابة تفاهمات كيري
يحاول الاحتلال احتواء انتفاضة القدس بكل ممارساته القمعية والاتفاقات السياسية، ولكن آثارها بدت بالظهور خصوصًا حول النظرة الإسرائيلية لاقتحام المسجد الأقصى، وبالتزامن نجد أن الاحتلال لا يوقف خطط التهويد الديني والديمغرافي وهو الأمر الذي سيدفع ثمنه نتيجة لغطرسته وعدوانه.
التهويد الديني:
يمارس الاحتلال أبشع صور التزوير في سياق تهويده لمدينة القدس، وتزداد قراراته حدة ووضحًا، وفي سياق فرض رؤية الاحتلال وروايته قامت مدارس إسرائيلية تابعة للتعليم الديني الرسمي باعتماد كراسة تهدف لترسيخ حب "المعبد" عند الطلاب، وتضم صورًأ وأشرطة تجسد مشهد "المعبد" مقامًا مكان المسجد الأقصى. وقد نشرت صحيفة "هآرتس" في 22/10 بأن الكراسة "ليست مبادرة شخصية"، وأن انطلاق العمل على هذا البرنامج منذ سبع سنوات، ومن عباراته "لا يمكن الحديث عن أرض الدولة العبرية من دون الحديث عن المعبد... والمعبد هو قمة رغبات شعب الدولة العبرية والبشرية كلها". وهي إشارة مهمة بأن الهجوم على الأقصى أصبح هدفًا أساسيًا، وفي حالة استطاعة الاحتلال تمرير التقسيم الزماني أو المكاني فهي ليست إلا خطوات لإقامة المعبد المزعوم.
وضمن مواجهة هذا التهويد السافر للمقدسات الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى، أكدت الأوقاف الإسلامية في القدس أن "الوضع الراهن للمسجد الأقصى" يعني ما كان عليه المسجد قبل عام 1967، وأن ما يدعيه الاحتلال من أن "الوضع القائم" لم يتغير هو ادعاء باطل، وتدحضه تصرفات الاحتلال على الأرض، مشددًا أن دائرة الأوقاف الاسلامية هي الجهة الشرعية والوحيدة المخولة برعاية وإدارة شؤون المسجد الأقصى، وهو ما يجب أن يطبق على أرض الواقع.
وبعد الضجة الكبيرة التي أثارها الاتفاق بين كيري وعبد الله ونتنياهو حول نصب كاميرات في المسجد الأقصى، وقيام الأوقاف بتركيب عدد منها قرب باب المغاربة، قامت قوات الاحتلال بإزالتها يوم الإثنين في 26/10، وتبع ذلك تصريحات إسرائيلية بأن هذه الخطوة بحاجة إلى تنسيق مسبق مع سلطات الاحتلال وقال مصدر في الأوقاف إن الاحتلال يسعى لأن تكون الكاميرات في صالحه وليست لإظهار ما يخالفه ويفضحه. وإذا صح ما أشيع بأن الكاميرات التي سيتم تركيبها بالمسجد الأقصى ستكون بإدارة مشتركة مع الاحتلال، فإن ذلك يعتبر خطوة في قبول إدارة المسجد مع الاحتلال وهو مؤشر خطير في سياق التنازل والتفريط، وإعطاء الاحتلال ما يريده بالتغاضي عن عشرات الشهداء والتضحيات التي قدمت. وفي سياق متصل أحصت "قدس برس" 7 كاميرات قامت شرطة الاحتلال بتثبيتها في وقت سابق من هذا العام، في محيط المسجد الأقصى تنقل كل ما يجري من تحرّكات داخله، يرصد الاحتلال من خلالها باحات المسجد وقبة الصخرة.
وعلى الرغم من الحراك الكبير في القدس والعمليات المتتالية التي ألحقت أضرارًا كبيرة بالاحتلال، يصر الأخير على متابعة الاقتحامات التي لم تتوقف خلال هذا الأسبوع، كما يتابع منع 20 سيدة من دخول الأقصى، ويستمر في سياسة حجز هويات العديد من المصلين، لعرقلة تواجدهم اليومي في فترات اقتحامات المستوطنين، وتسهيل عملية اعتقالهم في حال تصدوا للاحتلال ومستوطنيه. والتطور الأبرز خلال الأسبوع فتح الاحتلال لأبواب الأقصى وعدم وضع شروط للجمعة الأولى منذ شهرين، حيث أدى قرابة 25 ألف مصل صلاة الجمعة رغم الإجراءات المشددة في أحياء البلدة القديمة، ويرى مراقبون أن سماح الاحتلال للصلاة يأتي لتلافي نشوء نقاط مواجهة بعد أداء آلاف الشبان الصلاة في شوارع القدس، ومن جهة أخرى لامتصاص حالة الغضب والاحتقان الناتج عن ممارسات الاحتلال.
التهويد الديمغرافي:
وفي إطار الحصار المفروض على المقدسيين وممارسات الاحتلال للتضييق عليهم، قامت "دائرة المراقبة والتفتيش" في بلدية الاحتلال بالقدس المحتلة يوم الأربعاء 21/10، بهدم مزرعة أغنام في منطقة "الخارجة " بجبل المكبر، من دون إنذار مسبق أو إعطاء مهلة قانونية للاستئناف، بحجة الاستخدام غير القانوني. كما هدم المقدسي الياس الرجبي السبت 24/10 منزله الذي يسكن فيه مع عائلته بذريعة البناء دون ترخيص، بأمر من بلدية الاحتلال. وأصبح خيار المقدسي هدم منزله بشكل شخصي تفاديًا لدفع مبلغ 50 ألف شيكل غرامة لبلدية الاحتلال إذا ما قامت هي بهدم المنزل، ولأن عمليات الهدم تحدث غالبًا بشكل مفاجئ لا يسمح للعوائل أخذ حوائجهم وممتلكاتهم.
وحول التقارير الإعلامية التي تم تدوالها في الأيام الماضية حول تعهد رئيس الوزراء نتنياهو لوزير الخارجية الأميركي جون كيري بوقف أو تجميد خطط البناء بالمستوطنات، نفى مسؤول سياسي إسرائيلي هذه التصريحات. ومما يؤكد ذلك متابعة مراقبين على الأرض بأن الاحتلال يسارع من وتيرة البناء الاستيطاني بشكل كبير. ويرى المختص في شؤون الاستيطان الباحث خالد معالي، أن الاحتلال يستغل أحداث انتفاضة القدس والهبات الجماهيرية المتتابعة من أجل زيادة وتيرة الاستيطان، وزيادة أعداد المستوطنين في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة، مبينًا أن تسارع الاستيطان يجري بعيدًا عن وسائل الإعلام. هذا المد الاستيطاني يوظفه الاحتلال ليظهر في ثوب المنتصر، غير المتأثر بالانتفاضة الجارية، ولكن ردة الفعل على أرض الواقع أتت بشكل مختلف وسط عزوف كبير لدى المستوطنين من الانتقال للقدس أو للمناطق القريبة من النقاط والبؤر المشتعلة، وسط ما أصبح يعرف بالمستوطنات المهجورة.
وفي محاولات الاحتلال تغيير الواقع الديموغرافي في القدس لصالح اليهود، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العربية أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو طرح خلال جلسة الحكومة الأحد 25/10 دراسة سحب حق الإقامة الدائمة من سكان بعض الأحياء الواقعة خارج منطقة جدار الفصل العنصري، وذكرت مصادر في ديوان نتنياهو أنه ذكر بالتحديد مخيم شعفاط وقرية كفر عقب. وهي خطوة بالغة الخطورة في حق الآلاف من سكان هذه المناطق وما يمكن أن يلحق بهم من طرد وتشريد، الأمر الذي يساعد على تهويد القدس وعزل جزء كبير من عصب المواجهة والرباط، كما تجعل الاحتلال في مقدمة الدول التي تنتهك الأعراف والقوانين الدولية.
انتفاضة القدس:
لا يمكن بحال من الأحوال إغفال الأثر الكبير لانتفاضة القدس على الداخل الإسرائيلي، والرسالة القوية التي أرسلتها أبطال الانتفاضة أن الاعتداء على المسجد الأقصى لن يمر من غير رد قوي ومؤثر. ومن نتائجها المباشرى المذكرة التي وقع عليها 100 من الكهنة اليهود يحرّمون فيها اقتحام المسجد الأقصى المبارك على معتنقي الديانة اليهودية. وحول انعكاس الانتفاضة على تغيير الرأي العام المناصر لبناء "المعبد" ولاقتحامات الأقصى، أظهر استطلاع رأي داخل الدولة العبرية تأييد 70% من المستطلعين الانسحاب مما سمي "الأحياء الفلسطينية" في القدس المحتلة. وهي تغييرات مهمة يمكن البناء عليها حال استمرار الانتفاضة أكثر وتطور أنماط العمل المقاوم فيها. وفي سياق متصل حول هذه التغييرات ما نقلته صحيفة "هآرتس" الجمعة 23/10 عن قائد شعبة العمليات في جيش الاحتلال الجنرال نيتسان ألون، بأن "الدافع وراء العمليات الحالية التي يقوم بها الفلسطينيون في هذه الفترة هي تصرفات اليمين الإسرائيلي المتطرف في الضفة الغربية"، مضيفًا بأن جزءًا من العنف يأتي كرد على ما يقوم به الإسرائيليون ضد الفلسطينيين.
التفاعل مع القدس:
أحدث إعلان كيري عن اتفاق مع العاهل الأردني ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، زوبعةً كبيرة جراء القرارات التي أفصح عنها، والتي تضمنت نصب للكاميرات في الأقصى، والسماح للمسلمين بالصلاة فيه ولغيرهم بزيارته. وهو إقرار فاضح بمبدأ الاقتحامات والسيادة الاسرائيلية على المسجد، خاصة بالنظر إلى ما تلا ذلك من تصريحات لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتياهو تضمنت ادعاءات صريحة بوجود "حق لليهود" في المسجد الأقصى المبارك. وقد رفضت حركة حماس هذا القرار واعتبتره أتى لإنقاذ الاحتلال من أزمته في مواجهة الانتفاضة، إضافة للصيغة المبهمة للمقترح والتي تسمح لتفسيرات واسعة من الطرف الإسرائيلي، كما حذر العديد من المتخصصين في الشأن المقدسي بأن هذا الإعلان يشرعن اقتحام المسجد الأقصى تحت بند الزيارة. وقد حذر كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 48، من هذه التفاهمات كونها تعترف رسميًا بأن "دولة الاحتلال" هي الحاكمة والمسيطرة على مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك، وتعزز من "السيادة الإسرائيلية" سياسيًا وميدانيًا على المدينة المقدسة.
وفي سياق متصل أصدرت مؤسسة القدس الدولية بيانًا حول هذا الاتفاق تضمن عددًا من النقاط والثوابت أهمها، تثبيت الوضع التاريخي للمسجد الأقصى، كما كان قبيل احتلال الدولة العبرية للمسجد الأقصى وشرق القدس عام 1967. واعتبار المسجد مقدسًا إسلاميًّا خالصًا، تدير شؤونه دائرة أوقاف القدس ولا يشاركها أي جهة في ذلك من منطلق قانوني وشرعي وتاريخي. ومطالبة الأردن بموقف صلب رافض للمبادرة، وتحمّل مسؤولياته التاريخيّة تجاه الأقصى، والمطالبة بتوضيح حول مفهوم الأردن "للوضع القائم"، وعدم ترك أيّ مجال للاحتلال للمشاركة بأي شكل في إدارة شؤون المسجد.