18 - 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2015
الجمعة 20 تشرين الثاني 2015 - 11:03 ص 12795 1375 القراءة الأسبوعية |
قراءة أسبوعية في تطورات الأحداث والمواقف في مدينة القدس
تصدر عن إدارة الأبحاث والمعلومات
18 - 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2015
إعداد: علي إبراهيم
الانتفاضة تستمر على وقع اقتحام الأقصى ووحشية الاحتلال
يظن الاحتلال بأنه يحاصر انتفاضة القدس من خلال مزيد القوة التي يمارسها، ومع استمرار الاقتحامات ومحاولة الشرطة الإسرائيلية تقنين اقتحام المستوطنين للأقصى، يظل فتيل الاشتعال الأول قادرًا على رفد الانتفاضة بعناصر قوة لا يمكن التقليل من تأثيرها وجدواها.
التهويد الديني:
استطاعت انتفاضة القدس خلط أوراق الاحتلال، وظهر الأخير بأنه بعيدٌ عن تطبيق أهدافه في تقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ولو بشكل مرحلي، لذا يحاول الدفع للمحافظة على وتيرة الاقتحامات شبه اليومية للأقصى. فخلال هذا الأسبوع تكررت اقتحامات المستوطنين للأقصى، فقد اقتحم المسجد الأربعاء 18/11، 37 مستوطنًا مع حماية أمنية مشددة من قبل الوحدات الخاصة، كما قام أحد المستوطنين بأداء "صلاة تلمودية" بالقرب من باب الرحمة قبل أن تخرجه شرطة الاحتلال بضغط من حراس الأقصى، ويأتي هذا السلوك بعد دعوة من منظمة متطرفة تدعى "عائدون إلى الجبل"، تتعهد فيه بتخصيص مبلغ مالي يقدّر بـ2000 شيقل، ما يعادل الـ (515 دولارًا أمريكيًا)، لكل مستوطن يتم اعتقاله على خلفية الصلاة داخل باحات المسجد الأقصى، وهي خطوة لجعل الاقتحامات مساحة للطقوس الدينية اليهودية وليست فقط لزيارة ما يدعونه "جيل المعبد".
لم تكن هذه هي الحادثة الوحيدة خلال الأسبوع، فيوم الاثنين 23/11 قامت مستوطنة بأداء طقوس تلمودية قرب باب الرحمة 'المغلق" في المنطقة المعروفة باسم "الحُرش" بين باب الأسباط والمُصلى المرواني، بالتزامن مع اقتحام عشرات المستوطنين للأقصى عبر مجموعات صغيرة متتالية.
تقسيم المستوطنين خلال الاقتحامات لمجموعات صغيرة، تبين بأنها خطوة من قبل شرطة الاحتلال، التي بدأت تسمح لعدد محدود من المستوطنين باقتحام المسجد، بطريقة تؤمن حمايتهم وتقلل الغضب الفلسطيني، وذكرت القناة السابعة العبرية نقلاً عن الشرطة الإسرائيلية، أنه ابتداءً من يوم الإثنين 23/11 "ستسمح قيادة الشرطة لليهود بالدخول بشكل مقسّم ومنتظم على فترتين للمسجد الأقصى، حيث سيدخل 45 يهوديًا صباحًا و15 مساءً"، وأضافت القناة أن الشرطة أعدّت قوائم لتسجيل الذين ينوون اقتحام الأقصى في وقت مبكر، للحد من أعداد الداخلين من اليهود على حد تعبيرهم.
هذه الخطوة التي صنفها البعض في سياق تشريع دخول اليهود للأقصى وإشراف جهة رسمية عليه، بينما اعتبرها آخرون نتيجة حتمية لكون الأقصى هو فتيل اشتعال الأحداث في القدس، وبأن تقنين دخول المستوطنين يأتي ضمن الخطة الإسرائيلية لاحتواء انتفاضة القدس، وما يدلل على ذلك رفض "منظمات المعبد" لهذا القرار حيث وفقًا للتقرير نفسه بأن هذه المنظمات "أصيبت بخيبة أمل وبصدمة كبيرة من هذا القرار الذي اعتبروه مجحفًا بحق اليهود"، وقد أوردت المواقع العبرية الثلاثاء 24/11 تراجع الاحتلال عن تطبيق هذه الخطة كما نقلت بأن الوزير جلعاد أردان نفى تقييد حركة اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى.
قضايا:
هجمة الاحتلال على القدس والأقصى وعلى المؤسسات الفاعلة في ميادين الدعم والمؤازرة واضحة بارزة، وآخر حلقاتها حظر الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل، هذه الخطوة لاقت تفاعلًا كبيرًا لما تمثله الحركة من دور بارز ومروحة واسعة من الأنشطة والجمعيات. وقد عدّت جمعية "حقوق المواطن" الإسرائيلية هذا القرار بأنه "غير قانوني"، وقالت الجمعية إن "هذا الإعلان هو خطوة متطرّفة جدًا تمت بموجب أنظمة الدفاع المتشددة والعدوانية، ولم تستند على مسار قضائي عادل"، وأضافت "كما لم يستند الإعلان على أيّة شبهات بتنفيذ الحركة أو تخطيطها لتنفيذ أعمال قد تندرج في إطار الإرهاب".
وتابعت: "هذه الحيثيّات المقلقة لقرار الإعلان، ترجّح كفّة كونه قرارًا غير قانونيّ"، وأشارت الجمعية إلى أن "الحركة الإسلاميّة- الشقّ الشمالي- هي حركة سياسية فاعلة منذ سنوات طويلة، لها قاعدة شعبيّة واسعة". هذا الموقف عامل دعم مهم للموقف القانوني للحركة، وكون القرار ليس استهدافًا فقط للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 بل هو استهداف لما تمثله من دور في عمارة الأقصى وشد الرحال وتثبيت المقدسيين.
واحتجاجًا على القرار الإسرائيلي المتعسف بحظر الحركة الإسلامية، أضربت مجمل المناطق المحتلة عام 48، حيث توقف النشاط في كافة قرى ومدن الـ 48، وبدت خالية من المركبات والمواطنين. وشارك في تظاهرة نظمت في أم الفحم المئات احتجاجًا على القرار بينهم نواب عرب في "الكنيست" وشخصيات فاعلة، وأطلقت "لجنة الحريات والشهداء والأسرى والجرحى" المنبثقة عن "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل" حملة بعنوان "مناهضة حظر الحركة الإسلامية"، وأقرّت اللجنة، عدة نشاطات كمرحلة أولى في هذه الحملة.
انتفاضة القدس:
أصبحت الانتفاضة السمة الأساسية لهذا العام 2015، وما زالت قادرة على إثبات حق شعب يأبى النسيان، ومن المحطات الأخيرة للانتفاضة إصابة جندي إسرائيلي الجمعة 20/11 بجراح في عملية دهس قرب بلدة أبو ديس إلى الشرق من القدس المحتلة، وذكرت القناة العبرية الثانية أن المنفذ تمكن من الانسحاب، فيما تعرضت سيارته لإطلاق نار من جنود الاحتلال، وفي يوم الاثنين استشهدت فتاة فلسطينية، وأصيبت فتاة أخرى بجراح خطيرة، بعد إطلاق جنود الاحتلال الرصاص عليهما بشكل مباشر في مدينة القدس المحتلة، عقب تنفيذهما عملية طعن أسفرت عن إصابة 4 إسرائيليين، ووفقا لما نشرته وسائل الإعلام العبري، فإن الفتاتين تبلغان من العمر بين 15 و16 عامًا.
هذه الإرادة العظيمة من الاستمرار ووقودها من الفتيان والشباب، جعلت الاحتلال غير قادر على الإمساك بزمام الأمور على الرغم من الإرهاب والممارسات القمعية الكبيرة التي يقوم بها، ومع هذا أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفع القيود عن أنشطة الجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية في مواجهة الهبة الشعبية بالضفة الغربية المحتلة، ونقلت صحيفة "معاريف" العبرية عن نتنياهو قوله إننا نواجه حربًا عنيدة وسط تحريض كبير، لذا نحن أمام معركة طويلة تتطلب الصبر والتصميم"، رفع الاحتلال لهذه القيود إشارة عن إطلاق يد الجنود الإسرائيليين في ممارسات القتل وانتهاك الحقوق من دون مساءلة شكلية حتى، إضافة للإجراءات القمعية التي تنال ذوي وعائلات منفذي العمليات الفردية، الذين طالهم قرار لنتنياهو أيضًا حيث أعلن خلال جلسة لحزب "الليكود" أنه قرر إلغاء تصاريح العمل للأسر التي لها علاقة بمنفذي العمليات، ومنعِهم من العمل في الدولة العبرية.
ولم تقف ممارسات الاحتلال عند استهداف الفلسطينيين في حياتهم ومعايشهم، بل وصلت لاستهداف دور العبادة ومساحات التعبير فيها، فقد تقدّم عضو "الكنيست" عن حزب "البيت اليهودي" يتسلئيل سموتريتش بمشروع قانون أمام "الكنيست" "لإغلاق المساجد التي تقوم بعملية التحريض على الإرهاب"، وزعم سموتريتش "إن ماكينة التحريض العربية التي يتغذى عليها الإرهاب يجب أن تتوقف"، وجاء في مشروع القرار المقدّم: "يتوجب إصدار أمر إغلاق بحق المباني التي يتم فيها بث شعارات تنادي بالتحريض أو تدعو للانتفاضة الشعبية والتي تلهب المشاعر ضد الدولة العبرية"، ويشار أن القرار يأتي بدعم 12 عضو من "الكنيست"، وهي خطوة لو تمت سيتحذها الاحتلال لإغلاق عشرات المساجد في الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948، كما وصفها مراقبون بأنها في إطار الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وخنق أي حيز لحرية التعبير ممكن أن يتمتع بها ولو كانت في الإطار الديني التعبدي.