ورقة علمية: المقاومة الشعبية في القدس: الهبّات والحرَاكات وولادة الحالة الشعبية 2012-2019
الثلاثاء 11 أيار 2021 - 5:51 م 2337 178 مختارات |
إعداد: كمال جهاد الجعبري[1]
(خاص بمركز الزيتونة).
مقدمة:
شهدت سنة 2011 تحولاتٍ في المشهد العربي، تمثلت في نزول عشرات الآلاف من المواطنين إلى الشوارع، في دولٍ مثل تونس، ومصر، مطالبين بتغييرات سياسية، مستخدمين أسلوب المد البشري الهائل، في مناطق جغرافية استراتيجية، مما أدى إلى ولادة، أو إعادة ولادة نمط جديد من أنماط الحراكات الاجتماعية، وطرق التغيير.
على الرغم من خصوصية الحالة الفلسطينية، كونها حالة تحتوي على صراع جلي بين شعب تعرض للاحتلال، ومحتل استعماري يغتصب الأرض ويتجبر في الإنسان، إلا أنّ الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية انعكست على الساحة الفلسطينية، التي شهدت تجدد أنماط من النضال الفلسطيني كالهبّات والحراكات والاعتصامات التي حققت نوعاً من الانتصار والإنجاز في عدد من ميادين الصراع في الأرض المحتلة، ومن أهم تلك الميادين؛ ميدان الصراع في القدس.
في الوقت ذاته، أدت المعطيات الأمنية، على الواقع في الضفة الغربية، ما بعد سنة 2006، وتفاهمات دايتون Dayton، والتنسيق الأمني الثلاثي بين الاحتلال الصهيوني والسلطة الفلسطينية والدولة الأردنية، والذي عمل على منع عودة الحالة العسكرية التنظيمية للمقاومة الفلسطينية، إلى إحباط العديد من المخططات، والخلايا العسكرية، التابعة لفصائل المقاومة الفلسطينية، مثل حركة حماس، والجهاد الإسلامي، مما أدى لتولد حالة جديدة، ونمط حديث قديم من أنماط مقاومة الاحتلال الصهيوني، تمثل في العمليات الفردية، والخلايا اللا هرمية، والتي لعبت دوراً رئيسياً في إشعال أكثر من فصل من فصول المواجهة في الضفة الغربية، والقدس تحديداً، خلال الفترة 2015-2019، لتتشكل ملامح مقاومة شعبية جديدة في القدس، طويلة الأمد، متمثلة بالهبّات والحراكات الشعبية، المترافقة مع عمل فدائي مسلح، فردي، على طريقة الذئاب المنفردة، واصطلح على تعريف هذا المولود الجديد باسم “هبّة القدس”، أو “انتفاضة القدس”، التي ما تزال مستمرةٍ منذ خمسة أعوام بوتيرةٍ هادئةٍ، قد لا يلاحظها كافة المراقبين، والمحللين.
>> ورقة علمية: المقاومة الشعبية في القدس: الهبّات والحِرَاكات وولادة الحالة الشعبية 2012-2019 … كمال جهاد الجعبري
مصطلحَا الهبّة والانتفاضة في السياق الفلسطيني:
ظهرت خلال محطات النضال الفلسطيني مصطلحات متنوعة للتعبير عن أشكال المقاومة والرفض للمشروع الصهيوني، والاحتلالَين البريطاني والصهيوني، ولا يمنع ذلك ظهور تلك المصطلحات كتعبيرات لغوية متكررة لمرتين أو أكثر للتعبير عن الحدث نفسه. ولكن عند الحديث عن الهبّات والانتفاضات في السياق الحديث، وتحديداً ذاك السياق المتشكل بعد اتفاقية أوسلو Oslo وما نتج عنها من واقع فلسطيني، فقد صحب مختلف أشكال التحول في المجتمع الفلسطيني، تحولٌ في أنماط وأشكال وصيرورات النضال الفلسطيني.
إنّ المتتبع لأشكال مقاومة الاحتلال الصهيوني، يجدها أخذت أشكالاً عدة، كالهبّة الشعبية، كما حدث في هبّة النفق وهي محور اهتمامنا هنا، ومنها سنصوع التعريف الموضوعي للهبّة، وهي الحراك الشعبي الموجه لهدف معين، بالإمكان تحصيل مكسب فعلي وانتصار سريع عبر المطالبة فيه، ففي حالة هبّة النفق مثلاً، اندلعت الهبّة بسبب افتتاح سلطة الآثار الصهيونية لنفق تهويدي أسفل المسجد الأقصى والمباني الإسلامية من الجهة الغربية للسور، وخلال الأيام الثلاثة للهبّة كانت المطالب واضحة بإغلاق النفق، وبالرغم من عدم نجاح الهبّة في تحقيق ذلك، حيث انتهت أحداث الهبّة التي استمرت لمدة ثلاثة أيام 25/9/1996-27/9/1996، دونما إغلاق للنفق،[2] إلا أنّ الهبّة تمكنت من تثبيت معادلة جديدة على الأرض، مفادها أن الاعتداء على المقدسات في القدس في المرحلة المقبلة سيكلف الاحتلال أثماناً كبيرة، وسيدفعه للدخول في مواجهة، قد تشترك فيها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية جنباً إلى جنب مع مختلف فئات الشعب الفلسطيني.
شكلت هبّة النفق السيناريو المبدئي لانتفاضة الأقصى التي اندلعت شرارتها في 27/9/2000، بعد إقدام وزير الزراعة الصهيوني آنذاك أريل شارون Ariel Sharon على اقتحام المسجد الأقصى، وتفجرت فصول مواجهة شاملة في كافة مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، شاركت فيها كافة مكونات الشعب الفلسطيني، من فصائل فلسطينية وأجهزة أمن للسلطة الفلسطينية.[3]
جسّد المسجد الأقصى برمزيته الدينية والروحية والهوياتية عنواناً للعديد من المواجهات بين الشعب الفلسطيني والاستعمار الصهيوني، منذ بداية توطد هذا المشروع في فلسطين، على يد الاحتلال البريطاني في فلسطين، وكانت المواجهة الأولى في 15/8/1929 حينما نظم عددٌ من المستوطنين الصهاينة مسيرةً تجاه حائط البراق، الحائط الغربي للمسجد الأقصى، لتتفجر على مدار 14 يوماً متواصلة هبّة شعبية، استخدمت الأساليب الشعبية في العنف الثوري، كالسكاكين والسيوف والحجارة والعصي، وامتدت في مدن القدس والخليل ونابلس وصفد، واستشهد خلال الأحداث 116 عربياً، وجرح 339 آخرين، فيما قُتل 133 صهيونياً، و232 جريحاً.[4] وقد سبق تلك المواجهة تحركات على مستوى التنظيم الشعبي، إذ شكَّل عدد من أهالي المدن والقرى الفلسطينية جمعيةً تحت اسم “جمعية حماية المسجد الأقصى والأماكن الإسلامية المقدسة” قبيل اندلاع الثورة، أعقاب خروج مظاهرة صهيونية ضخمة في تل أبيب طالبت سلطات الاحتلال البريطاني بتسليم الصهاينة حائطَ البراق.[5]
نتج عن الهبّة في الوقت ذاته تعزيز حالة النضال الفلسطيني في سائر فلسطين، حيث تبنت الفعاليات الشعبية الفلسطينية قراراً بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، بما في ذلك شركة كهرباء بنحاس روتنبرغ Pinhas Rutenberg، وتشكيل لجان لرعاية أسر الشهداء والمعتقلين.[6] وحققت الثورة في الوقت ذاته مكاسباً سياسية، فشكلت حكومة الاحتلال البريطاني لجنة شو Shaw Commission في تشرين الأول/ أكتوبر 1929، والتي مهَّدت لتشكيل لجنة ثلاثية من عصبة الأمم المتحدة، في حزيران/ يونيو 1930، والتي خلصت لإصدار تقرير يعد الحائط الغربي للمسجد الأقصى، وحائط البراق مقدساتٍ إسلامية، وملكاً حصرياً للمسلمين،[7] وبذلك شكلت هبّة البراق، حالةً نموذجيةً للهبّات الشعبية قصيرة المدة، والتي حققت مكتسباتٍ سياسيةً، وقانونيةً سريعة.
بالعودة للسنوات التي تلت الاحتلال الصهيوني للشطر الغربي من مدينة القدس في 7/6/1967، فقد شهد السنة نفسها حراكاً شعبياً على غرار هبّة البراق، ولكن بمستوى أقل من العنف والمواجهات الدامية. ففي 28/7/1967، عدّل الكنيست Knesset الصهيوني قانون سنة 1950، الذي حدد خلاله حدود مدينة القدس، ليشمل الأجزاء المحتلة من المدينة في سنة 1967،[8] وبناءً عليه نُقلت مسؤولية إدارة الأماكن الدينية في القدس، ومنها المسجد الأقصى من ما يسمى بـ”وزارة الدفاع” الصهيونية إلى وزارة الأديان الصهيونية، وسعت سلطات الاحتلال الصهيوني لتشكيل لجنة وصاية فلسطينية – صهيونية مشتركة تدير الوضع داخل المسجد الأقصى. ولكن مدير المسجد الأقصى آنذاك حسن طهبوب، ومدير أوقاف القدس الشيخ عبد الحميد السائح رفضا تسليم أي وثيقة من وثائق المسجد، وأي مفتاح من مفاتيحه لسلطات الاحتلال الصهيوني، وتمّ الإعلان عن تشكيل “الهيئة الإسلامية العليا” في القدس والضفة الغربية للتصدي لأي خطوة صهيونية من شأنها محاولة الاستيلاء على المسجد الأقصى. وتصاعد التوتر في 14/7/1967 حينما سعى نسيم دانا مسؤول قسم الشؤون الإسلامية والدرزية في وزارة الأديان الصهيونية إلى التدخل في محتوى خطبة صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، فتصاعد التوتر والتهديد بالإضراب والتحرك الشعبي من طرف الهيئة الإسلامية العليا، فبادرت سلطات الاحتلال الصهيوني في 13/7/1967 إلى إعادة إدارة المسجد الأقصى لما يُسمى بـ”وزارة الدفاع” الصهيونية،[9] فشكلت هذه الهبّة ترسيخاً لما أسست له هبّة البراق سنة 1929، وبيّنت كذلك مقدار الهشاشة الصهيونية عند أي مواجهة تتعلق في المسجد الأقصى، وقدرة القيادات الشعبية الفلسطينية على قيادة وتوجيه تلك الحراكات.
مركزية القدس في فصول النضال الفلسطيني:
عند التركيز على الوضع المقدسي تحديداً، كانت القدس طوال فصول النضال والمواجهة الفلسطينية مع الاحتلال الصهيوني، متمتعةً بخصوصية ورمزية، جعلت منها العنوان الأبرز في العديد من الثورات والهبّات الفلسطينية. ففي حالاتٍ مثل ثورة النبي موسى، وثورة البراق، وهبّة النفق، وانتفاضتَي الأقصى، ومن ثم القدس (هبّة السكاكين)، شكلت القدس كجغرافية ورمزية دينية، العامل المفجر لتلك الثورات والهبّات، مما شكل لها عاملاً إضافياً من عوامل أهميتها الجيو-استراتيجية.
وبالعودة للسنوات التي تلت توقيع تفاهم أوسلو الأول في سنة 1995، شكلت القدس عنواناً رئيسياً حاضراً في كافة فصول المواجهة بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الصهيوني، خلال هبّة النفق في سنة 1996، والانتفاضة الثانية بين سنتي 2000 و2005، بل وحتى العمليات الفردية وشبه الفردية في الفترة بين سنتي 2007 و2011، وهبّة القدس في سنة 2015، وهبتَي باب الأسباط 2017، وباب الرحمة 2019، مما أَوْجَدَ الصفة الموضوعية الأولى للهبّات والانتفاضات منذ سنة 2000 ولغاية كتابة هذه الورقة، هي ارتباط تلك الحراكات بالقدس، كمنطقة جغرافية، أو رمزية تسهم في تحريك الأحداث، وصناعتها.
الربيع العربي والحراك الشبابي الفلسطيني:
عند الحديث عن الأنماط النضالية، وأنماط الاحتجاج ككل في السياق العربي ككل، فإننا نلاحظ أنه ومنذ سنة 2011 وتفجر أحداث الربيع العربي، ولدت أنماطٌ جديدة من الاحتجاج تمثلت باستخدام الحشود البشرية والاعتصامات واستخدام الكتلة البشرية كوسيلة من وسائل النضال، ظهر ذلك في ميدان التحرير في القاهرة جلياً، وبدأت الحالة الفلسطينية بالتقاطه مبكراً، عبر تجربة الحراك الشبابي الفلسطيني، الذي قام عليه عددٌ من الشباب الفلسطيني الناشط، عبر المشاركة في التظاهرات الأسبوعية ضدّ الجدار العنصري والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، في قرى الولجة وبيت أمر وكفر قدوم، والمسيرات الداعمة للأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، والفعاليات المناهضة للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني، كما شكلت كل من فعاليتَي “الشعب يريد إنهاء الانقسام” في 15/3/2011، ومسيرات العودة الكبرى في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة وسورية ولبنان، النقطتين الفارقتين في تشكل الحراك الشبابي الفلسطيني[10].
تفاعل الشباب في القدس في وقتٍ مبكر مع حالة “الحراك الشبابي الفلسطيني”، فتشكلت مجموعات مثل “شباب لأجل القدس”، و”شباب البلد”، ومن المُلفت أنّ الأنشطة التي مارستها تلك المجموعات الشبابية في القدس، عن طريق التفاعل الإلكتروني، كان لها صدى من التفاعل في عواصم عربية مجاورة، مثل عمّان.[11]
على الصعيد الميداني، تولدت حالات نضالية مارست النضال الفعلي في القدس متأثرةً بتجربة “الحراك الشبابي الفلسطيني”، فبحسب تقريرٍ إخباري نشرته شبكة فلسطين للحوار أعقاب الإفراج عن نشطاء الحراك الشبابي الفلسطيني من سجون السلطة الفلسطينية في 10/9/2015، وهم: باسل الأعرج، وهيثم سياج، ومحمد حرب، ومحمد السلامين، وسيف الإدريسي، وعلي الشيخ، فإن الشاباك Shabak الصهيوني كشف عن نشاط للحراك الشبابي في القدس عبر تنفيذ وتخطيط عدد من الأنشطة النضالية النوعية، مثل مقاومة الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى، واستهداف القطار الصهيوني التهويدي في منطقة شعفاط، حيث اعتقل الشاباك في وقتٍ لاحق، مراد محمد محيسن من العيساوية بتهمة الإشراف على أنشطة الحراك الشبابي في القدس،[12] ولعل ما يعزز الفرضية بوجود نشاط للحراك الشبابي الفلسطيني في القدس، استهداف خط القطار السريع في شعفاط القريبة خلال سنة 2016 نحو 22 مرة.[13] ولكن وعلى الرغم من تصنيف الاحتلال الصهيوني للحراك الشبابي الفلسطيني كـ”منظمة إرهابية” في 13/7/2016،[14] إلا أنّ هذا السلوك الصهيوني المتكرر مع حالات سابقة ولاحقة مثل “تنظيم المرابطين والمرابطات”، و”تنظيم شباب الأقصى”، لا يعكس وجود تنظيم فعلي تحت اسم “الحراك الشبابي الفلسطيني”، بل هي حالة شبابية شعبية فلسطينية، ذات امتدادات عربية من الجمهور المتضامن مع القضية الفلسطينية، وتحت عنوان محدد وواضح وهو قضية القدس، كجزء مركزي من مكونات المسألة أو القضية الفلسطينية.[15]
ولادة حالة شعبية مقدسية في دول الطوق “مسيرة القدس العالمية”:
شهدت سنة 2012 ملامح ولادة لحالة شعبية عربية متضامنة مع قضية القدس، والقضية الفلسطينية، حيث التقطت العديد من المؤسسات الفلسطينية في دول الطوق، حالة التفاعل الشعبي السريع التي تتمتع بها الجماهير بفعل موجة الربيع العربي، فنظمت تلك القوى مثل مؤسسة القدس الدولية، والاتحاد العام لعلماء المسلمين، وعدد من الشخصيات الفلسطينية والعربية الناشطة في القضية الفلسطينية، لجنة تحضيرية لفعالية تحت اسم “مسيرة القدس العالمية” في آذار/ مارس 2012،[16] في سعيٍ لتكرار تجربة سنة 2011 في مسيرات العودة الكبرى، واتخذت القدس كرمز لهذا الحراك الشعبي العربي الفلسطيني، نظراً للظروف الموضوعية التي تمر بها القدس. تعاملت سلطات الاحتلال الصهيوني مع الحدث بترقب وتشديد أمني واستخباراتي على الحدود مع الأردن ولبنان وسورية.[17] وفي 30/3/2012 انطلقت فعاليات مسيرة يوم القدس العالمي، في عدة دول عربية، من أهمها مسيرة الأردن التي شارك فيها 55 ألف مواطن، وكانت على بعد 3 كم من الأراضي الفلسطينية، ومنعت قوات الأمن الأردنية تقدمها، وشارك 3 آلاف مواطن لبناني وفلسطيني بفعاليات المسيرة في جنوب لبنان، وسط إجراءات أمنية مشددة.[18]
عوامل الانفجار في القدس:
سجلت سنة 2012 وقوع تطور جديد على مستوى الوضع العام في القدس، والمسجد الأقصى تحديداً. ففي سياق صعود اليمين في دوائر صنع القرار داخل “الدولة الصهيونية”، ووصول جماعات المعبد الصهيوني، لمراكز صنع القرار في الكنيست، حدث عددٌ من التطورات على الأرض، ففي 9/8/2012، طرح النائب أرييه إلداد Aryeh Eldad مشروع قانون “تقسيم المسجد الأقصى” بين المسلمين واليهود للنقاش،[19] وذلك للمرة الأولى منذ الاحتلال الصهيوني لكامل مدينة القدس في 7/6/1967. وقد جاء هذا الاقتراح في سياق متصل من تغير التعامل الصهيوني الرسمي مع موضوع المسجد الأقصى على الأرض، فمنذ سنة 2003 والاحتلال الصهيوني يصاعد من إجراءاته الهادفة للسيطرة على المسجد الأقصى وتهويده، ولكن السنوات 2012-2014 شهدت تزايداً كبيراً في كمية ونوعية تلك الاعتداءات. لم تتوقف نوعية الاستهداف الصهيوني الممنهج للقدس عند المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية، بل شهدت تصاعداً متزايداً للممارسات التهويدية والاستعمارية تجاه مختلف القطاعات في القدس. ففي شهر أيلول/ سبتمبر 2011، شرعت بلدية الاحتلال الصهيوني بتوزيع الكتب المدرسية مُحرفة المضامين بما يتوافق مع سياسة الاحتلال على المدارس التي تتلقى دعماُ منها في القدس، والبالغ عددها 52 مدرسة،[20] في تطورٍ غير مسبوق منذ سنة 1967، وتصاعدت الإجراءات الاستعمارية الصهيونية لتمس الحياة اليومية للمواطن المقدسي، ففي 19/9/2012، أغلقت سلطات الاحتلال الصهيوني حاجز راس خميس الرابط لضواحي شمال القدس بجاراتها المعزولة بجدار الفصل العنصري، وحوّلت سلطات الاحتلال الصهيوني حاجز شعفاط، لمعبر “دولي” حدودي وحيد يربط مدينة القدس بمدن الضفة الغربية، وأحياء وقرى القدس المعزولة بالجدار، ليصبح هذا المعبر السبيل الوحيد لـ 55 ألف مقدسي يتنقلون بين الأحياء المعزولة وغير المعزولة شرقي مدينة القدس[21].
في ظلّ المقاومة الشعبية المتصاعدة تجاه الاعتداءات الصهيونية على المجتمع والحيّز المكاني في القدس، تشكلت منذ سنة 2011 حالة حراكية رافضة لإجراءات الاحتلال الصهيوني في القدس.
بدأت ملامح تشكل الحالة الحراكية في القدس ضمن سياق متصل ولكنه متقطع من العمل المجتمعي الشعبي، الذي قامت به عدد من الحركات والمؤسسات الشعبية في القدس والداخل المحتل، بفعل تحول القدس منذ 27/9/2000 إلى إقليم معزول بالكامل عن الجسم الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكنتيجة طبيعية توطدت العلاقة التي جمعت بين الفلسطينيين في الداخل المُحتل سنة 1948، وأهل القدس، وعملت بعض الحركات السياسية الاجتماعية، كالحركة الإسلامية في الداخل المحتل، على توظيف هذا التواصل في سبيل التصدي للسياسات الصهيونية المتصاعدة تجاه القدس، والمسجد الأقصى خصوصاً، فبدأت الحركة منذ سنة 2000 بتنفيذ عدد من المشاريع الموجهة لتعزيز التواجد الفلسطيني في المسجد الأقصى والبلدة القديمة، مثل مهرجان القدس في خطر، والذي كثفت الحركة الحشد له خلال السنوات 2000–2014، ومهرجان طفل الأقصى، وقوافل الرباط من مختلف مدن الداخل الفلسطيني المحتل،[22] وانتهجت الحركة استراتيجية تأسيس الجمعيات والمؤسسات التي تتبنى تلك المشاريع، فأسست جمعيات مثل “عمارة الأقصى”، و”نساء من أجل الأقصى” وغيرها، لمواجهة سياسات الحظر والإغلاق الأمني من سلطات الاحتلال الصهيوني، ونجحت الحركة بتشكيل حالة شعبية فلسطينية مدافعة عن المسجد الأقصى ومتصدية لخطط تهويده، في القدس ومدن الداخل الفلسطيني المحتل، ولعل هذا الأمر ما جعلها في مركز الاستهداف الصهيوني والحظر لاحقاً.[23]
جاءت سنة 2013 بتطورٍ جديد بعد انتخابات الكنيست في 22/1/2012 متمثلاً بنجاح 6 وزراء ونواب وزراء من جماعات المعبد في الحكومة الصهيونية الجديدة،[24] وترجمت تلك الجماعات هذا الإنجاز السياسي إلى فعل على الأرض مباشرةً، عبر تنفيذ الاقتحامات للمسجد الأقصى من الشخصيات الصهيونية الرسمية. ففي 5/2/2013 نفَّذ عضو الكنيست الصهيوني، المرتبط بالجماعات الدينية المتطرفة، موشيه فيغلن Moshe Feiglin، اقتحاماً للمسجد الأقصى، أتبعه بعدة اقتحامات، أحدها كان محاولته اقتحام مصلى قبة الصخرة، واقتحمت النائب في الكنيست الصهيوني تسيبي حوتوفليTzipi Hotovely، كذلك المسجد الأقصى في 26/5/2013، عشية عقد قرانها.[25] وفي السنة ذاتها، سجل الاحتلال الصهيوني اعتداءات متصاعدة، أسهمت في زيادة حالة الرمزية القابلة لتفجير الهبّات في القدس والضفة الغربية، فقد أقدمت قوات الشرطة الصهيونية على الاعتداء على طالبات مصاطب العلم، للمرة الأولى منذ انطلاق هذا المشروع، الذي أطلقته جمعية عمارة الأقصى في سنة 2011،[26] ففي 3-4/3/2013 اعتدت الشرطة الصهيونية على إحدى الطالبات وألقت المصحف الذي تحمله أرضاً، وفي اليوم التالي نزعت شرطة الاحتلال الحجاب عن إحدى الطالبات.[27] دفعت هذه الاعتداءات وبداية الاستهداف الصهيوني المتعمد للمتواجدات في المسجد الأقصى، إلى بروز ظاهرة المرابطات في المسجد الأقصى، واكتسابهن للرمزية، والمحرك للهبّات اللاحقة التي اندلعت في القدس والضفة الغربية، تفاعلاً مع الأحداث داخل المسجد الأقصى.
تحليل المشهد في القدس:
الهبّات الشعبية في القدس خلال الفترة 2014–2017:
انعكست الحالة الحراكية الشعبية في الضفة الغربية، وحالة السيولة والتصاعد في الفعل الشعبي العربي، على الأحداث الميدانية في القدس خلال سنة 2012، والتي ترافقت مع تصاعد الاستهداف الصهيوني للمسجد الأقصى، وتصاعد إجراءاته القمعية والتهويدية في القدس، فخلال السنة نفسها شهدت أحياء البلدة القديمة ومخيم شعفاط والعيساوية 78 مواجهة مع قوات الاحتلال الصهيوني، و6 عمليات طعن، و21 عملية متراوحة بين إلقاء الزجاجات الحارقة والأكواع المتفجرة، وانحصرت تلك الأحداث في حدود منطقة القدس المعزولة عن باقي محافظات الضفة الغربية.[28]
أسهمت عوامل الضغط الصهيونية واستمرار حالة انسداد الأفق السياسي الفلسطيني، الذي صاحبه تراجع الاهتمام المركزي بالقضية الفلسطينية في الدول العربية، بفعل الأحداث الدموية التي وقعت في مصر واليمن وسورية والعراق وليبيا خلال الفترة 2014–2013؛ في توجيه تركيز على نمط العمل الشعبي. ورافق ذلك وجود حالات شعبية متضامنة مع القضية الفلسطينية وقضية القدس في الضفة الغربية والأردن ولبنان، مما أسهم في تكريس شكلٍ متجددٍ من أشكال النضال الفلسطيني، وهو نمط الهبّات. ففي أعقاب إقدام مجموعة من المستوطنين على اختطاف الفتى محمد أبو خضير، في 2/7/2014، اندلعت مواجهات عنيفة في القدس ومختلف مدن الضفة الغربية،[29] وقد سبق ذلك تطور نوعي في العمليات الفدائية المنظمة في الضفة الغربية، ففي 12/6/2014 أعلن الاحتلال الصهيوني عن فقدان ثلاثة مستوطنين صهاينة بالقرب من مفترق مستوطنة عتصيون، بين بيت لحم والخليل،[30] وبعد عمليات بحث مستمرة اشتركت فيها فرق من المستوطنين الصهاينة عثر على جثثهم في أرض زراعية في الخليل في 30/6/2014.[31]
تفجرت أعقاب تلك التطورات الميدانية ما عُرف بـ”هبة رمضان” التي شملت مواجهات في مختلف المدن الفلسطينية، وسرعان ما أسهمت تلك الهبة باندلاع حرب ضارية على جبهة قطاع غزة، استمرت على مدار 52 يوماً. ومما ميّز هذه الهبة شموليتها وعودة نمط جديد (قديم) من الأنماط النضالية الفلسطينية، وهو نمط العمليات الفردية؛ مثل عملية عبد الرحمن الشلودي في 22/10/2014، ومحاولة اغتيال الصهيوني المتطرف، عرّاب اقتحامات المسجد الأقصى وعضو الكنيست الصهيوني، يهودا غليك Yehudah Glick على يد الأسير السابق في سجون الاحتلال الصهيوني معتز حجازي في 29/10/2014، وأولى عمليات الدهس في موجة الهبات الشعبية المعاصرة في القدس على يد إبراهيم العكاري في 5/11/2014.[32] وخلال موجات المواجهة المستمرة خلال هذه الهبة التي استمرت لنهايات سنة 2014 تم إحصاء 2,946 نقطة مواجهة مع الاحتلال الصهيوني، شهد بعضها عمليات إطلاق النار، وتم إلقاء 75 عبوة ناسفة وكوع متفجر تجاه قوات الاحتلال الصهيوني، و636 زجاجة حارقة، وعلى صعيد العمليات الفردية، فقد شهدت الهبة 24 عملية توزعت بين 16 عملية طعن، و6 عمليات دهس، وقُتل 19 صهيونياً، فيما جُرح 449 آخرين خلال سنة 2014.[33]
شهدت سنة 2015 الموجة الأكبر من تصعيد المواجهة المُتخذة من القدس عنواناً لها، ولكن الشرارة في هذه المرة أتت من قرية دوما غرب نابلس، ففي 31/7/2015 أقدمت جماعة “دفع الثمن” الاستيطانية المتطرفة على إحراق منزل عائلة الدوابشة في القرية، ليتشهد الطفل الرضيع علي الدوابشة ووالداه لاحقاً، وتتفجر موجة من المواجهات اليومية مع قوات الاحتلال في خطوط التماس اليومية في مدن الضفة الغربية سقط خلالها في شهر آب/ أغسطس 2015 حوالي 4 شهداء و71 جريحاً،[34] ولكن التفجر الحقيقي لـ”الانتفاضة الثالثة” أو “انتفاضة السكاكين” كان في شهر أيلول/ سبتمبر 2015، وكانت لـ”المرابطات” ورمزية ومركزية العنصر النسوي في القدس والمسجد الأقصى، دورٌ محوري في تفجير هذه الهبة أو الانتفاضة، ففي 8/9/2015 أصدر وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون Moshe Ya’alon قراراً بعد استشارة الشاباك، بحظر ما أسماه بتنظيم “المرابطين والمرابطات” في خطوةٍ هدف الاحتلال الصهيوني من خلالها لمنع التواجد البشري، والنسوي منه تحديداً في المسجد الأقصى خلال فترة الاقتحامات الصهيونية له، لتترجم قوات الشرطة الصهيونية هذا القرار في 13/9/2015 على الأرض، عندما أقدم عناصرها على ضرب المرابطات وسحلهنّ، في مشهد استفز الرأي العام العربي والإسلامي،[35] وجاء الرد الشعبي الفلسطيني، بسلسلةٍ من العمليات الفردية، بدأها ضياء تلاحمة في 22/9/2015، وهو أحد كوادر حركة الجهاد الإسلامي في بلدة خرسا[36] بالقرب من الخليل، استشهد ضياء خلال محاولته استهداف دورية عسكرية صهيونية بالقرب من مفرق خرسا – دورا بكوع متفجر،[37] تلا ذلك في عدة أيام عملية فدائية بالقرب من مستوطنة إيتمار شرق نابلس، قُتل خلالها مستوطنين صهيونيين في 1/10/2016، ونفذت العملية خليةٌ تابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام بقيادة الأسير الشهيد بسام السائح،[38] ثم جاءت العملية الفردية التي أسمهت في تفجير الهبة بشكل مباشر، وهي عملية مهند الحلبي في باب السلسلة في البلدة القديمة للقدس في تشرين الأول/ أكتوبر 2015.[39]
تفجرت في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2015 انتفاضة القدس، عبر تفجر نقاط المواجهة الشعبية في مختلف مدن الضفة الغربية، وتصاعد مستمر في العمليات الفردية، ولكن المميز هنا حجم العمليات ونقاط المواجهة في القدس، فتحولت القدس خلال هذه الهبة، ربما لأول مرة بتاريخ النضال الفلسطيني لساحة مواجهة ومعركة حقيقية مادية، بالإضافة للأهمية الرمزية المتمتعة بها، وبالدخول لتفاصيل الهبة أو الانتفاضة، فقد شهدت الانتفاضة 5,383 عملية طعن نجح 99 منها، حيث استحقت بجدارة لقب “انتفاضة السكاكين”، و42 عملية دهس، و123 عملية إطلاق نار، و193 عملية إلقاء أكواع متفجرة، و1,043 زجاجة حارقة.[40] وشهدت القدس وقوع 2,023 نقطة مواجهة مع الاحتلال الصهيوني،[41] حيث وقع نصف المواجهات في المدينة وضواحيها، ودفع الاحتلال الصهيوني أثماناً بشرية باهظة خلال الانتفاضة، إذ قتل خلالها 24 صهيونياً، وجرح 422 آخرين.[42]
شهدت السنتين 2016 و2017 استمراراً في يوميات المواجهة والاستهداف للعدو الصهيوني في القدس، ضمن امتدادات الانتفاضة المندلعة في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 فاستمرت المواجهات في العيساوية ومخيم قلنديا وسلوان، حيث إن غالبية عمليات الاقتحام لتلك الأحياء كانت تتم خلالها مواجهات ورشق لقوات الاحتلال الصهيوني بالحجارة بمشهدٍ مشابه للمواجهات الدائرة خلال الانتفاضة الفلسطينية سنة 1987، وانتفاضة الأقصى سنة 2000،[43] واستمرت في الوقت نفسه العمليات الفردية وأنماط المقاومة الشعبية من خلال استهداف الاحتلال الصهيوني، فقد شهدت السنتين حوالي 24 عملية طعن، و5 عمليات دهس، و6 عمليات إلقاء أكواع متفجرة، و12 عملية إطلاق نار، قتل خلالها 10 صهاينة وجرح 100 آخرين.[44] وبلغ عدد العمليات ونقاط المواجهة في مدينة القدس حوالي 1,345 نقطة من أصل 4758 نقطة في مجمل مدن الضفة الغربية، إذ تراجع الزخم الكمي لنقاط المواجهة في القدس لصالح مدن مثل رام الله والخليل وبيت لحم.[45]
هبة باب الأسباط وتشكّل النموذج:
شهد شهر تموز/ يوليو 2017 تطوراً نوعياً مهماً كان له بصمة في تطورات الأحداث في القدس، ومستويات المواجهة والصمود فيها، ففي صباح يوم الجمعة 14/7/2017 نفذ ثلاث أبناء عمومة من عائلة جبّارين من أم الفحم في الداخل المحتل عملية فدائية داخل باحات المسجد الأقصى، استشهد الثلاثة خلالها، وقُتل اثنان من أفراد الشرطة الصهيونية،[46] وأعلنت سلطات الاحتلال الصهيوني أعقاب ذلك منع إقامة صلاة الجمعة في المسجد الأقصى لأول مرة منذ سنة 1967،[47] مستفزةً مشاعر ملايين العرب والمسلمين، فيما نفذت الشرطة والمخابرات الصهيونية اقتحاماتٍ استفزازية للمسجد الأقصى، واعتدت بالضرب على حراس المسجد الأقصى وأخرجتهم خارجه.[48] أدى الآلاف من المقدسيين وعرب الداخل المُحتل صلاة الجمعة في المناطق القريبة من المسجد الأقصى في باب العامود وشارع صلاح الدين ووادي الجوز، وانطلقت مواجهات مع قوات الاحتلال الصهيوني في مختلف مناطق الضفة الغربية، كان أعنفها في مخيم الدهيشة في بيت لحم، حيث استشهد شاب فلسطيني خلال المواجهات. وأعلن رئيس الوزراء الصهيوني أعقاب ذلك عن نية الحكومة الصهيونية إعادة فتح المسجد الأقصى يوم الأحد، ولكن بعد تركيب بوابات إلكترونية عليها، وبعد الإعلان مباشرةً، اندلعت مواجهات بين المواطنين وقوات الاحتلال الصهيوني بعد محاولتهم دخول الأقصى عنوةً.[49]
بحلول ظهر يوم 16/7/2017 بدأت ملامح الاعتصام شبه المُنظم تتشكل في القدس، وفي باب الأسباط تحديداً بعد بدء صلاة الظهر هناك، وإعلان عدد من النساء المقدسيات، من ضمنهم نساء “القائمة الذهبية” عن الاعتصام في باب الأسباط حتى فتح كافة بوابات المسجد الأقصى.[50] ورافق ذلك توأمة هذا الاعتصام مع موقف المرجعيات الدينية وموظفي الأوقاف الإسلامية في القدس؛ إذ أعلن الشيخ عمر الكسواني مدير المسجد الأقصى، وواصف البكري قاضي قضاة القدس، رفضهم للدخول للمسجد الأقصى تحت الشروط الصهيونية ومع وجود البوابات الإلكترونية.[51]
على غرار اعتصام ساحة التحرير في القاهرة، بدأ الاعتصام عند باب الأسباط، بنكهة فلسطينيةٍ مقدسيةٍ، حيث مارس الفلسطينيون خلال الـ 14 يوماً التي امتد خلالها الاعتصام أشكالاً متنوعة من ممارسة الحياة، بهدف كسر الإجراءات الصهيونية المتشنجة، تنوعت تلك الأنشطة بين إقامة الصلوات وتناول وجبات الطعام، وبدأت أشكال التكافل الاجتماعي بالظهور، فطوال أيام الهبة أعدّت النساء القاطنات في البلدة القديمة الطعام للمرابطين والمعتصمين في باب الأسباط،[52] وتواجدت النسوة الكبار وطالبات الجامعات في مختلف أماكن الاعتصام مثل ساحة الغزالي وباب المجلس،[53] ولم ينحصر التواجد في الاعتصام على المتدينين فقط فقد شاركت مختلف فئات المجتمع في الاعتصام في تكامل اجتماعي وتلاحم فريد،[54] وشارك في هذا الاعتصام كما هو الحال مع اعتصام ميدان التحرير سنة 2011 المتضامنين الأوروبيون، الذين شاركوا في مختلف تفاصيل الهبة من صلاة وتناول لوجبات الطعام.[55] وعلى الصعيد الميداني لهبة باب الأسباط، شهدت مدينة القدس التي كان لها نصيب الأسد خلال يوميات المواجهة في الهبة، تسجيل 199 نقطة مواجهة، أصيب خلالها 41 من قوات الاحتلال الصهيوني،[56] كان لوسائل التواصل الاجتماعي دور عملية التعبئة خلال الهبة إذ استخدمت مرابطات المسجد الأقصى تلك الوسائل لتشجيع الفلسطينيين للنزول للاعتصام، وبحسب المرابطة هنادي الحلواني كان التفاعل الافتراضي مع ما تبثه من ساحات الاعتصام في باب السلسلة وباب الأسباط يصل إلى الملايين، فبرزت وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة نضالية متجددة، كان حضورها الأبرز خلال انتفاضة سنة 2015.[57]
استمر الجانب الصهيوني بالتعنت بقراره في تركيب البوابات الإلكترونية على أبواب المسجد الأقصى، ففي 21/7/2017 وعلى الرغم من استمرار التوتر في محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة، أصدر المجلس الوزاري الصهيوني المُصّغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) قراراً بدعم إزالة البوابات الإلكترونية المنصوبة على مداخل المسجد الأقصى،[58] ولكن هذا القرار تبدد خلال ثلاثة أيام فقط بعد أن صادق الكابينت نفسه على توصيات قدمها الشاباك بإزالة البوابات الإلكترونية.[59] وفي يوم 27/7/2017 تم إزالة البوابات الإلكترونية وحاول الاحتلال الصهيوني اللعب بعدة أوراق مثل إغلاق باب حطة أو محاولة تفتيش المصلين الداخلين للمسجد الأقصى، واعتداء قوات الاحتلال الصهيوني على المصلين داخل المسجد الأقصى وإصابة 113 منهم،[60] إلا أن الجماهير الفلسطينية سجلت انتصارها بكسر القرار الصهيوني، وترجمت ذلك عبر أداء عشرات الألاف من الفلسطينيين لصلاة الجمعة في المسجد الأقصى، في مشهدٍ احتفالي ضخم في 28/7/2017.[61]
في حالة هبة باب الأسباط أدركت الجماهير الفلسطينية في القدس والداخل المُحتل خطورة الإجراءات الصهيونية المتدرجة بعد عملية الجبّارين في 14/7/2017، والتي تشابه إلى حد كبير ما قامت به سلطات الاحتلال الصهيوني في الخليل أعقاب مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، من تقسيم للحرم الإبراهيمي وتهويد أجزاءٍ منه،[62] فكانت الحركة الجماهيرية قوية وعفوية ومندفعة وذات هدف واحد، الهدف من الحراك هو استعادة السيادة العربية الإسلامية على كامل مُحيط المسجد الأقصى، وهذا ما حققته الجماهير الفلسطينية في القدس والداخل المحتل بعد 14 يوماً من الهبة، والنشاط الجماهيري المتواصل.
هبة باب الرحمة (تكريس الحالة):
شكلت المنطقة الشرقية للمسجد الأقصى، والتي يقع مبنى باب الرحمة ضمنها، عنواناً رئيسياً للمواجهة والمعركة الدائرة لحماية المسجد الأقصى من مخططات التقسيم الزماني والمكاني منذ عدة سنوات، فبعد الإنجاز الشعبي المتمثل بإتمام ترميم المصلى المرواني وافتتاحه للصلاة خلال شهر رمضان في 4/1/1999، وذلك بجهودٍ مشتركة بين مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية ودائرة الأوقاف الإسلامية في القدس،[63] تراكم الردم الناتح عن عمليات الترميم في الساحات الشرقية للمسجد الأقصى، والتي تمتد بين بابيّ الرحمة والجنائز، ومنعت سلطات الاحتلال الصهيوني، متمثلةً برئيس بلدية الاحتلال آنذاك إيهود أولمرت Ehud Olmert، موظفي وعاملي الأوقاف الإسلامية من إخراج الردم المتراكم في المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى،[64] في مسعى منها لعزل تلك المنطقة عن المسجد الأقصى وإبقاءها مهجورة.
على الرغم من المحاولات الصهيونية لعزل المنطقة الشرقية للمسجد الأقصى، إلا أنّ تلك المنطقة بقيت تتمتع بالتواجد البشري الحيوي خلال الفترة 1999-2003، إذ كان مبنى باب الرحمة، الواقع داخل الباب ذاته، مشغولاً كمصلى وقاعة لتدريس العلوم الشرعية، وكانت لجنة التراث الإسلامية في القدس هي الشاغلة له، وهي مؤسسة أهلية تابعة ومرتبطة مع دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.[65]
لم يبقَ الحال في مصلى باب الرحمة والمنطقة الشرقية للمسجد الأقصى على ما هو عليه، ففي 9/2/2003، وعقب القرار الصهيوني الأمني بحظر أنشطة لجنة التراث الإسلامي في القدس، أقدمت شرطة الاحتلال الصهيوني على إغلاق مصلى باب الرحمة،[66] في خطوةٍ قرأتها الأوساط الشعبية في القدس والداخل المحتل في سياق محاولات التقسيم المكاني للمسجد الأقصى، وكانت جمعية عمارة الأقصى والشيخ رائد صلاح من أوائل من نبه على خطورة هذه الخطوة التهويدية الصهيونية.[67]
بقيت المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى تُعاني من الإهمال وعدم العمران طوال الفترة 2003-2011، وهذا لا يمنع من وجود بعض المبادرات الشعبية والفردية لعمارة تلك المنطقة، والتي لم تستمر أو يكتب لها النجاح، وخلال تلك الفترة كانت مبادرة مصاطب العلم التي قامت عليها الحركة الإسلامية في الداخل المحتل عبر عدد من مؤسساتها بين سنتي 2011-2015، مثل مؤسسة عمارة المسجد الأقصى، وجمعية نساء من أجل الأقصى، والتي تولدت عنها ظاهرة المرابطات في المسجد الأقصى، من أبرز المحاولات الشعبية لتحقيق التواجد البشري شرق المسجد الأقصى أو المسجد الأقصى بشكل عام.[68]
مع تصاعد نفوذ جماعات المعبد في أوساط صنع القرار الصهيوني، بدأ النقاش جدياً في الكنيست، لتقسيم المسجد الأقصى مكانياً في 11/10/2015، وبمقترحٍ مقدم من موشيه فيغلن Moshe Feiglin، الداعم القوي لجماعات المعبد الصهيونية[69]، ليصبح واضحاً مدى خطورة التهديد الصهيوني على المنطقة الشرقية للمسجد الأقصى، وأنّ مصلى باب الرحمة في مركز التهديد الصهيوني ضمن مخططات التقسيم للمسجد الأقصى. لم تتوقف المطالبات بالاستيلاء على مصلى باب الرحمة، على المستويات التشريعية والنيابية في الكنيست، ففي 11/9/2017 وفي أعقاب انتصار هبة الأسباط، بدأ التحرك الصهيوني في الأوساط الأمنية لفرض السيطرة على المنطقة الشرقية للأقصى ومصلى باب الرحمة، حينما تقدم روني الشيخ Roni Alsheikh، المفتش العام لشرطة الاحتلال الصهيوني في القدس، إلى المحكمة الصهيونية طالباً منها إغلاق مصلى باب الرحمة بشكل نهائي.[70] تزامن ذلك مع مساعٍ صهيونية رسمية لتهويد المحيط الشرقي للمسجد الأقصى من الخارج في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2017 بواسطة سلطة الآثار الصهيونية التي شرعت بإغلاق مقبرة باب الرحمة الإسلامية، الملاصقة للسور الشرقي للمسجد الأقصى، وأزالت عدداً من الأشجار في محيط المقبرة.[71]
تزامنت موجه الاستهداف الصهيوني لمقبرة باب الرحمة، بدعواتٍ أطلقتها لجان القدس في الجامعات الأردنية، والحراك الشعبي في القدس، ومرابطات المسجد الأقصى، للتواجد في مقبرة باب الرحمة والمنطقة الشرقية من المسجد الأقصى تحت مسمى “باب الرحمة النا”، والذي أثمر بانطلاق حملات شعبية لتعزيز التواجد البشري في تلك المناطق خلال العشر الآواخر من شهر رمضان.[72]
مع حلول بداية سنة 2018 بدا واضحاً وجلياً أن عنوان المعركة المقبلة في المسجد الأقصى ستكون باب الرحمة والمنطقة الشرقية للمسجد الأقصى، وقد بدأ الاحتلال الصهيوني التصعيد في تلك المنطقة عندما نصبت قوات شرطة الاحتلال الصهيوني نقطةً عسكرية تطل على مصلى باب الرحمة والفناء الشرقي للمسجد الأقصى في 18/6/2018،[73] وأضحى التواجد الشعبي الفلسطيني في باب الرحمة سبباً كافياً لللتعرض للاعتقال من شرطة الاحتلال الصهيوني.[74]
في 14/2/2019، أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في الأردن عن إعادة هيكلة مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس بتشكيلةٍ تضم شخصيات وطنية ودينية فلسطينية متنوعة، وبزيادة عدد أعضاء المجلس ليصلوا إلى 18 عضواً، وتم عقد اجتماع التأسيس في مصلى باب الرحمة.[75] لم ينتظر الاحتلال الصهيوني كثيراً، ففي اليوم التالي سارعت قوات شرطة الاحتلال لإغلاق باب الرحمة بالأقفال الحديدية، مانعةً أي تواجد بشري فلسطيني داخل المصلى، وإن كان من طواقم الأوقاف الإسلامية في القدس.[76] بعد أن تناهى الخبر إلى أسماع المقدسيين، وبعد حملة إلكترونية وشعبية دعت المقدسيين وفلسطينيي الداخل المحتل للرباط والتواجد في محيط باب الرحمة، بدأت الجماهير الفلسطينية بالتواجد وأداء الصلوات في محيط المصلى، وفي يوم 18/2/2019 تمكن عددٌ من الشبان المقدسيين من خلع الأقفال المنصوبة على أبواب مصلى باب الرحمة،[77] حيث كانت إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس قد نصبت أقفالاً حديدية على أبواب مصلى باب الرحمة، وتذرعت بأن عملية الإغلاق بسبب ترميم وتحديث المصلى،[78] ولكن ذلك لم يمنع من استمرار التواجد البشري في محيط باب الرحمة وإقامة الصلوات في محيطه بدعواتٍ من القوى الشعبية والوطنية والفصائل الفلسطينية.[79] وبعد مرور عامين، تكرر في باب الرحمة، مشهدية وحالة هبة باب الأسباط، حيث تواجدت مختلف الشرائح الاجتماعية من المقدسيين وفلسطينيي الداخل المحتل، وأُقيمت الصلوات وتناول الناس وجبات الطعام، وكان المطلب واضحاً، إعادة فتح مصلى باب الرحمة. وضغطت الجماهير المقدسية على الشخصيات الاعتبارية والقيادات الوطنية والدينية، فتبنت الأخيرة مطالب الجماهير، ومع تشكل ملامح الهبة واتساع رقعة التفاعل معها، بات المطلوب فقط الإقدام على خطوةٌ فعليه على الأرض، وهذا ما تم فعلاً في 22/2/2019، في يوم الجمعة حينما تمكن أكثر من 10 آلاف فلسطيني من القدس والداخل المحتل من فتح مصلى باب الرحمة، بعد 13 عاماً من الإغلاق،[80] لتسجل الحالة الشعبية في القدس انتصارها الثاني بعد هبة باب الأسباط سنة 2017.
الخلاصة:
شكلت القدس موضوعاً رئيسياً، ورافعةً ثورية لمختلف الهبّات الشعبية الفلسطينية، منذ هبة النبي موسى سنة 1920، مروراً بهبة البراق سنة 1929، وهبة سنة 1967، وهبة سنة 1982، والانتفاضات الفلسطينية المختلفة منذ 1987.
سجلت سنة 2015 تحولاً نوعياً في مسار الهبات الشعبية الفلسطينية، إذ انطلقت هبة فلسطينية شعبية شاملة، شكلت القدس كمساحة جغرافية ساحة أغلب أحداثها، واستمرت تلك الهبة عبر موجات متفاوتة من الحدة حتى نهايات سنة 2017، التي سجلت ولادة شكل جديد من النضال الفلسطيني في القدس، والمرتبط في اعتماد نظام “اللاحركة” والمقاومة بممارسة أعمال الحياة الطبيعية في حيز جغرافي يضغط على الاحتلال الصهيوني لتحقيق مطالب محددة، أو ما يُعرف باسم الاعتصامات الجماهيرية، على غرار اعتصام ميدان التحرير في القاهرة سنة 2011. جاءت الترجمة الفعلية لتلك الحالة المعيارية في هبة باب الأسباط سنة 2017، فيما شهدت سنة 2019 تكريساً لهذا النمط من المقاومة الشعبية في هبة باب الرحمة، التي عاودت الجماهير تكريس نموذجها عبر حملة الفجر العظيم التي بدأت بتكريس معادلةً جديدة تسعى لتقويض مخططات تقسيم المسجد الأقصى، لا مقاومتها وحسب.
مارست الجماهير الفلسطينية، من المقدسيين وأهالي الداخل الفلسطيني المحتل، خلال تلك الهبّات ممارساتٍ طبيعية، كالصلاة وتناول الطعام وعقد القران، في المناطق الأكثر استهدافاً من الاحتلال الصهيوني في القدس، وبشكل جماهيري تم الحشد له بوسائل مختلفة عن وسائل التنظيمات التقليدية، في ابتداعٍ لبديلٍ في ظلّ ملاحقة الاحتلال الصهيوني ووكلاءه لأي عمل شعبي جماهيري منظم في القدس والضفة الغربية بشكل عام، وهو ما يعرف بالمقاومة بالحيلة.
لم تنحصر أنماط المقاومة الشعبية في القدس بالهبّات والحراكات الشعبية الجماهيرية، بل عاد الشعب الفلسطيني لممارسة نمط استخدموه سابقاً من أنماط وأساليب العنف الثوري، وهو العمليات الفردية، التي عجز الاحتلال الصهيوني في كثير من فصول المواجهة، عن وقفها أو تقويضها، لعدم ارتباط تلك الظاهرة عنقودياً بأي تنظيم أو فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية، لتشكل الهبّات الشعبية، المترافقة مع العمليات الفردية، ونقاط وبؤر المواجهة شبه اليومية مع الاحتلال، ملامح انتفاضة فلسطينية مقدسية، ما تزال تداعيات أحداثها حاضرةً في الميدان بقوة، ولتثبت عبر عددٍ السنين التي مرت بها مدى نجاعتها في عرقلة التقدم الصهيوني في القدس.
الهوامش:
[1] باحث في قسم الإعلام في مؤسسة القدس الدولية، ومحرر في موقع مدينة القدس، أسهم في مشروع كتاب العالم في مدينة مع ملتقى القدس الثقافي، في عمّان. له عدة أوراق معلومات وأبحاث منشورة مع مؤسسة القدس الدولية، وموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، ومركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني.
[2] هبة النفق 1996، موقع مركز المعلومات الوطني الفلسطيني – وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، في: http://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=3482
[3] مروان درويش وأندرو ريفني، الاحتجاج الشعبي في فلسطين – المستقبل المجهول للمقاومة غير المسلحة (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2018)، ص 89.
[4] أحمد طربين، فلسطين “في عهد الانتداب البريطاني،” في الموسوعة الفلسطينية، المجلد الثاني، الدراسات التاريخية (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1990)، ص 1021.
[5] سميح حمودة، “هبة البراق 1929 – ملحق وثائقي،” حوليات القدس، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، العدد 11، صيف 2011، صفحة 65.
[6] إلياس شوفاني، الموجز في تاريخ فلسطين السياسي – منذ فجر التاريخ حتى سنة 1949 (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1996)، ص 435.
[7] إلياس شوفاني، الموجز في تاريخ فلسطين السياسي – منذ فجر التاريخ حتى سنة 1949، ص 435.
[8] معاذ الزعتري وجوناثن مولوني، سياسة هدم المنازل في قرية سلوان – تهويد مدينة القدس (القدس: مؤسسة المقدسي لتنمية المجتمع، 2010)، ص 11.
[9] مايكل دمبر، سياسة إسرائيل تجاه الأوقاف الإسلامية في فلسطين 1948–1988 )بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، (1992، ص 197-198؛ وانظر أيضاً: عبد الحميد السائح، فلسطين لا صلاة تحت الحراب – مُذكرات الشيخ عبد الحميد السائح )بيرت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2001)، ص 80–85.
[10] باسل الأعرج وزيد الشعيبي، “الحراك الشبابي وحزب الكنبة الفلسطينية،” مجلة الدراسات الفلسطينية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، المجلد 90، العدد 118، ربيع 2012، ص 117، و122-123.
[11] أحمد عزم، الشباب الفلسطيني من الحركة إلى الحراك 1908–2018 (رام الله: المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات والاستشارات السياسية – مسارات، 2018)، صفحة 116.
[12] ياسين عز الدين، الحراك الشبابي بالضفة في قفص الاتهام، موقع فلسطين.نت، 10/9/2016، في: http://palestine.paldf.net/news/2016/9/10/الحراك-الشبابي-بالضفة-في-قفص-الاتهام
[13] تم استخراج هذا الرقم من الأوراق التحضيرية التي أعدها الباحث كمال الجعبري لفصل “الأرض والمقدسات” في كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2017–2016، الصادر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.
[14] الاحتلال يحظر الحراك الشبابي في القدس والضفة، موقع مدينة القدس، مؤسسة القدس الدولية، 13/7/2016، في: http://qii.media/index.php?s=1&id=19578
[15] جميل هلال، الحراكات الشبابية الفلسطينية – رؤية نقدية استشرافية (رام الله: المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية – مسارات، 2013)، صفحة 74.
[16] مؤتمر اللجان الدولية لمسيرة القدس العالمية ينهي أعماله في بيروت، موقع مدينة القدس، 20/1/2012، في: http://qii.media/news/14080
[17] الاحتلال يخشى من مسيرة القدس العالمية ويتوعد المشاركين، موقع مدينة القدس، 29/3/2012، في: http://qii.media/index.php?s=1&id=14777
[18] 55 ألف أردني يهتفون لنصرة القدس والاقصى، موقع مدينة القدس، 30/3/2012، في: http://www.qii.media/index.php?s=news&id=14787
[19] إدارة الإعلام والمعلومات، “تقرير حال القدس 2012،” مؤسسة القدس الدولية، بيروت، 2013، ص 4.
[20] عبد الوهاب الأرناؤوط، “القدس 2016: إجراءات تهويدية تبقي عوامل الانفجار قائمة،” مجلة الدراسات الفلسطينية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، العدد 160، ربيع 2016، ص 165.
[21] إدارة الإعلام والمعلومات، مؤسسة القدس الدولة، “تقرير حال القدس 2012،” ص 6.
[22] مقابلة أجراها الباحث مع خالد زبارقة، محامي الشيخ رائد صلاح، عبر الهاتف، 27/4/2019.
[23] مقابلة أجراها الباحث مع هنادي الحلواني، إحدى المرابطات في المسجد الأقصى، ومسؤولة مشروع مصاطب العلم في المسجد الأقصى في العام 2012، 1/4/2019.
[24] محسن محمد صالح (محرر)، التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2012–2013 (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2013)، ص 244.
[25] إدارة الإعلام والمعلومات، مؤسسة القدس الدولة، “تقرير حال القدس 2012،” ص 14.
[26] مقابلة أجراها الباحث مع هنادي الحلواني، 1/4/2019.
[27] أبرز الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى 2011-2014، موقع مركز المعلومات الوطني الفلسطيني – وكالة وفا، في: http://info.wafa.ps/userfiles/server/pdf/a_q_2011-2014.pdf
[28] محسن محمد صالح، التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2012–2013، ص 261.
[29] قسم الأبحاث والمعلومات، (انتفاضة القدس) في شهرها الثالث: إطلالة على الخلفيات والتوقعات، مؤسسة القدس الدولية، بيروت، 2014، ص 1؛ وانظر أيضاً: خالد أبو عرفة، المقاومة الشعبية الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي في بيت المقدس 1987–2015 (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2017)، ص 113-114.
[30] محسن محمد صالح (إشراف وتحرير)، اليوميات الفلسطينية لسنة 2014 (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2015)، ص 195.
[31] إسرائيل تعثر على جثث المستوطنين الثلاثة، موقع الجزيرة.نت، 30/6/2014.
[32] محسن محمد صالح، التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014–2015 (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2015)، ص 292.
[33] “حصاد فلسطين – تقرير بالأرقام عن أهم أحداث فلسطين خلال عام 2014،” شبكة فلسطين للحوار، 2015، ص 5.
[34] باسل الأعرج، “الهبة الفلسطينية: تحديّات وفرص،” دائرة سليمان الحلبي للدراسات الاستعمارية والتحرر المعرفي، القدس، 2015، ص 3.
[35] قسم الأبحاث والمعلومات، مؤسسة القدس الدولية، (انتفاضة القدس) في شهرها الثالث: إطلالة على الخلفيات والتوقعات، ص 3.
[36] خرسا هي إحدى قرى الخليل التابعة لبلدية دورا وتقع على بُعد 20 كم جنوب غرب الخليل بين بلدة دورا وقرية طرامة.
[37] موقع سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، 22/9/2017، انظر: https://saraya.ps/
[38] محسن محمد صالح (إشراف وتحرير)، اليوميات الفلسطينية لسنة 2015 (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016)، ص 381.
[39] قسم الأبحاث والمعلومات، مؤسسة القدس الدولية، (انتفاضة القدس) في شهرها الثالث: إطلالة على الخلفيات والتوقعات، ص 4.
[40] “حصاد فلسطين – تقرير بالأرقام عن أهم أحداث فلسطين خلال عام 2015،” شبكة فلسطين للحوار، 2016، ص 5.
[41] المرجع نفسه، ص 6.
[42] المرجع نفسه، ص 9.
[43] استخرجت هذه المعلومات خلال متابعة يوميات صحيفة القدس، والوكالة الفلسطينية للإعلام، ومركز المعلومات الفلسطيني – وفا، خلال الفترة 2016–2017 من قِبل الباحث كمال الجعبري.
[44] محسن محمد صالح، التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2016–2017 (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2017)، ص 177.
[45] “حصاد فلسطين – تقرير بالأرقام عن أهم أحداث فلسطين خلال عام 2016،” شبكة فلسطين للحوار، 2017، ص 7.
[46] ثلاثة شهداء وقتيلان إسرائيليان باشتباك في الأقصى، الجزيرة.نت، 14/7/2017.
[47] وكالة وفا، 17/7/2017، في: http://www.wafainfo.ps/ar_page.aspx?id=20090
[48] المرجع نفسه.
[49] محسن محمد صالح وربيع محمد الدنان ووائل عبد الله وهبة (إعداد وتحرير)، اليوميات الفلسطينية لسنة 2017 (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2018)، ص 300.
[50] مستمرون بالاعتصام صلاة الظهر على بوابات الأقصى، موقع المركز الفلسطيني للإعلام، 15/7/2017.
[51] أكثر من 40 إصابة في مواجهات باب الأسباط واعتقال شابين، موقع مدينة القدس، 16/7/2017.
[52] عيسى عيسى قواسمي، انتصار الغضب 7/2017 (القدس: عيسى عيسى قواسمي، 2018)، ص 26.
[53] المرجع نفسه، ص 41.
[54] المرجع نفسه، ص 50.
[55] المرجع نفسه، ص 78–79.
[56] هشام يعقوب (محرر)، حال القدس 2017 (بيروت: مؤسسة القدس الدولية، 2017)، ص 128.
[57] مقابلة أجراها الباحث مع هنادي الحلواني، 1/4/2019.
[58] محسن محمد صالح وربيع محمد الدنان ووائل عبد الله وهبة، اليوميات الفلسطينية لسنة 2017، ص 310.
[59] المرجع نفسه، ص 314.
[60] المرجع نفسه، ص 318.
[61] وسام محمد، “هبة باب الأسباط – عزيمة وصمود ونصر قابل للتكرار،” مؤسسة القدس الدولية، بيروت، 2017، ص 9.
[62] أحمد سعد، سيسولوجيا المقاومة والحراك في فضاءات مدينة القدس المُستعمَرة، سلسلة أوراق بحثية 11 (رام الله: مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، 2018)، ص 32؛ وانظر أيضاً: نظمي الجعبة، مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل – معاقبة الضحية ومكأفاة المجرم (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2018)، ص 12-13.
[63] سامي محمد الصلاحات، الأوقاف الإسلامية في القدس ودورها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي (بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2011)، ص 49.
[64] أبرز الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى 1967-2000، موقع مركز المعلومات الوطني الفلسطيني – وكالة وفا، في: http://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=9551
[65] “باب الرحمة – محطات تاريخية من المشهد وأحداث شهري شباط وآذار 2019،” الجمعية الأكاديمية الفلسطينية للشؤون الدولية PASSIA، القدس، أيار/ مايو 2019، ص 5.
[66] أبرز الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى 2001-2010، موقع مركز المعلومات الوطني الفلسطيني – وكالة وفا، في: http://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=9552
[67] تل أبيب تخطط لتحويل غرف داخل الأقصى إلى كنيس يهودي، جريدة الدستور، عمّان، 15/3/2003.
[68] مقابلة أجراها الباحث مع هنادي الحلواني، 1/4/2019؛ وانظر أيضاً: ماجدة إبراهيم عامر، أمة في حركة – الرباط في الأقصى بين التحدي والتصدي (طهران: مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 2017)، ص 10 -11.
[69] زياد ابحيص، مخطط التقسيم والمخاطر المحدقة بشرقي فناء المسجد الأقصى المبارك، ورقة مقدمة لندوة المسجد الأقصى والمآلات، ملتقى القدس الثقافي، مركز هيا الثقافي، عمّان، 2/5/2016، ص 8. (ورقة غير منشورة)
[70] إغلاق “باب الرحمة”… السهم “الإسرائيلي” في قلب الأقصى، المركز الفلسطيني للإعلام، 12/9/2017.
[71] المركز الفلسطيني للإعلام، 10/12/2017.
[72] قسم الأبحاث والمعلومات، “تقدير موقف: هبة باب الرحمة أين تقف؟ خيارات الجماهير والدولة الأردنية،” مؤسسة القدس الدولية، بيروت، 2019، ص 6.
[73] نصب نقطة مراقبة فوق سطح قاعة باب الرحمة داخل الأقصى، وكالة قدس نت للأنباء، 18/6/2018.
[74] باب الرحمة: مواجهة متجددة في الأقصى، موقع متراس، 20/2/2019، انظر: https://metras.co/
[75] نشرة فلسطين اليوم، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارت، بيروت، العدد 4876، 28/2/2019، ص 26.
[76] براءة درزي، “مصلى باب الرحمة: التطورات والمآلات،” قسم الأبحاث والمعلومات، مؤسسة القدس الدولية، بيروت، 2017، ص 2.
[77] براءة درزي، “مصلى باب الرحمة: التطورات والمآلات،” ص 3.
[78] مجلس أوقاف القدس: نعمل على ترميم مصلى باب الرحمة لافتتاحه أمام المصلين، الدستور، 20/2/2019.
[79] موقع مدينة القدس، 18/2/2019.
[80] فتح مصلى الرحمة.. الوعي الفلسطيني ينتصر مجدداً، المركز الفلسطيني للإعلام، 22/2/2019.
المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2021/5/10