سيدة مقدسية تروي شهادتها حول ما حدث لحيّ المغاربة عام 1967
الإثنين 9 حزيران 2014 - 12:50 م 10236 0 شؤون المقدسات، شؤون المقدسيين، أبرز الأخبار |
موقع مدينة القدس
أوردت مؤسسة الأقصى حلقة جديدة من سلسلة حلقات تؤرخ لنكسة عام 67 والتي أدت إلى احتلال شرقي القدس وذلك من خلال شهاداتٍ حية من أهل المدينة المقدسة.
وجاء في الحلقة الجديدة: عندما يُذكر الاحتلال عام 1967 يٌذكر حيّ المغاربة الذي هدم فوق رؤوس أصحابه، ومن الممكن تخيُل ما عاناه مئات المقدسيين حين أجبروا على مغادرة بيوتهم خلال ساعات قليلة، وكيف غدوا لاجئين مشتتين يتمنون العودة إلى بيوتهم، بعد أن كانوا يقطنون في أطهر بقاع الأرض، في قلب القدس.
عائشة المصلوحي "أم سمير" ولدت في حيّ المغاربة سنة 1946 لوالد مغربيّ وأم فلسطينية رأت هي وأهلها ما حدث بالحيّ، وما تلاه من نكبات لحقت بالقدس والأقصى.
تستذكر أم سمير طفولتها فتقول: "لي عشرة أخوة، كلنا ولدنا في حيّ المغاربة، كنّا من أسعد الناس في الحيّ، جميعنا مثل أسرة واحدة، نتقاسم الأفراح والأتراح، كان المغاربة في الحي يشتهرون بطبخ "الكسكس" كل يوم جمعة ، أمي كانت تحب الأقصى كثيرا، وكانت تحضرنا لزيارته في كل حين، تربيّنا في الأقصى ورضعنا حبه".
يقع الحيّ جنوب شرق البلدة القديمة لمدينة القدس، مطلا على الأقصى من باب المغاربة وملاصقا لحائط البراق، تعود نشأة الحي إلى استعانة صلاح الدين الأيوبي بملوك المغرب العربي لإرسال جنودهم لتحرير القدس، وفعلا لبوا النداء وقصدوا القدس أفواجا، وبعد فتح القدس أقطعهم صلاح الدين أراض في البلدة القديمة والقدس إكراما لجهادهم معه، ولما سئل عن سبب إقطاعه لهم الأراضي قال: "أنهم أصحاب الثغور، وأنهم المجاهدون وأمناء الأقصى".
تروي "أم سمير" ما حدث للحي آنذاك فتقول: "بعد أن احتل اليهود القدس، أسرعوا إلى حائط البراق وعزموا على هدم حيّ المغاربة، كي يوسعوا المكان لعبادة اليهود ويقيموا ساحة تستقبل مئات الآلاف منهم .
فبدأوا ينادون بمكبرات الصوت: "جيش الدفاع "الإسرائيلي" يخطركم بالخروج من بيوتكم خلال 3 ساعات فقط"، بدأ السكان بالهرب، منهم من استطاع أن يأخذ البسيط من أغراضه، ومنهم من لم يأخذ شيئا، وبعد ثلاث ساعات بدأت الجرافات بالعمل وسوّت الحيّ بالأرض ما يقارب 135 بيتا سكنيّا."
تضيف أم سمير: "بيتنا كان آخر ما هدم، فكان اخوتي يساعدون الجيران، ولجأنا مع بعضهم إلى زاوية "تكيّة" في الحي بقيت إلى الآن ولم تهدم، ويعيش فيها اليوم 13 عائلة."
تقول عائشة المصلوحي: "بعد ثلاثين عاما من هذه الذكرى، نشرت تسريبات في جريدة هآرتس العبرية، كتب فيها أحد ضباط الاحتلال الذين أشرفوا على الهدم أن سائق الجرافة تردد بهدم البيوت وأوقف الجرافة، ولكن أحد الضباط تولى قيادة الجرافة وبدأ بنفسه بتدمير الحيّ، وصرّح أنهم وجدوا تحت الأنقاض ثلاث جثث قضت حتفها".
والد أم سمير كان حارساٌ في الأقصى لمدة 42 عاما، أخوها أيضا حَرَس المسجد الأقصى وشاهد بعينه اليهود وهم يدخلون المسجد ويحتلونه، تذكر ما رواه أخوها لها فتقول: "دخل اليهود إلى الأقصى برفقة موشيه ديان، فاعتقد أحدهم أننا جنود أردنيون بسبب لباسنا المشابه لهم، لكن موشيه ديان ردّ عليهم وقال: "لا، إنهم حراس الأقصى نحن نعرفهم"، سألهم أخي كيف تعرفوننا، فقال أننا كنا ندخل الأقصى بجوازات سفر غير "إسرائيلية"، ما يعني أنهم دخلوا أكثر من مرة ولجولات عدة، وكل شيء كان مخططا له منذ زمن".
كلما تتذكر أم سمير أخواها الذي كان أحدهم من الفدائيين في الأردن والآخر نزح إلى المغرب ولم يتمكن من العودة حتى الآن، تجهش بالبكاء وتقول: "أخي يتمنى صلاة واحدة في المسجد الأقصى، أنا لا استوعب ماذا حصل إلى الآن، كلما أقف على أطلال الحيّ أشرع بالبكاء، هم هدموا الحي لكي يصلوا، فهل يقبل الله صلاة من قتل نفوسا ليصلي؟. هم يعملون ليل نهار، ولو قدّر لـ"هيرتسل" أن يخرج من قبره لخرج وشكرهم، أما آن للعرب أن يستيقظوا؟".