55 عامًا على ضمّ القدس

تاريخ الإضافة الثلاثاء 28 حزيران 2022 - 9:23 م    عدد الزيارات 1728    التعليقات 0     القسم تدوينات

        


براءة درزي

باحثة في مؤسسة القدس الدولية

في 1967/6/27، وافق "الكنيست" على مشروع قرار ضم القدس إلى دولة الاحتلال على أثر عدة اجتماعات عقدتها حكومة الاحتلال بدءًا من 1967/6/11 لبحث الضمّ.

 

وعلى أثر قرار الضمّ، تحديدًا في 1967/6/29، أصدرت دولة الاحتلال قررًا يقضي بحلّ مجلس أمانة القدس العربي (المجلس البلدي للمدينة في فلسطين)، واستولت على جميع ممتلكاته وسجلاته، وألغت القوانين والأنظمة العربية واعتبرت الأنظمة الإسرائيلية هي السّارية.

 

ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف مساعي الاحتلال الهادفة لتهويد الشطر الشرقي من القدس بعد احتلاله وإعلان ضمّه عام 1967 لتكريس القدس "الموحدة والكاملة" عاصمة للدولة العبرية. وترزح القدس اليوم تحت ثقل احتلال يصادر أرضها، ويستغلّ مقدّراتها، ويعزّز الاستيطان فيها، وينتهك مقدّساتها، ويقسّم أحياءها ويضيّق الخناق على أهلها ويهدم بيوتهم ويهجرّهم منها. وتشير المعطيات والتطوارت إلى أنّ الاستيطان والهدم والتهجير وغيرها سياسات ثابتة لدى حكومات الاحتلال المتعاقبة ونهج تسير عليه للوصول بالقدس إلى مدينة متّسقة مع مزاعم الاحتلال، في التاريخ والديموغرافيا والهوية الدينية والثقافية.

 

ويعتمد الاحتلال تهويد القدس ضمن مسارين رئيسين هدفهما في المحصلة تغيير الوجه الديني والثقافي للمدينة، وتحقيق ميزان ديمغرافي ذي أغلبية يهودية بعد التخلّص من أكبر عدد من المقدسيين عبر وسائل التهجير والتطهير العرقي.

 

فعلى المستوى الديني والثقافي، يصر الاحتلال على استهداف المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتأتي في مقدمة اعتداءاته تلك التي يمارسها في الأقصى، وهي تتوزّع ما بين اقتحامات المستوطنين للمسجد، ومحاولات التقسيم الزماني والمكاني، وأداء الصلوات والطقوس التلمودية في الأقصى، وإنهاء دور الأردن وفرض السيادة الإسرائيلية على المسجد.

 

أمّا التهويد الديمغرافي فيشمل محاولات التحكم بالميزان الدّيمغرافي في القدس، وتتعدّد أدواته ومن ضمنها الاستيطان، وهدم منازل المقدسيين، ومصادرة أراضيهم، وتهجير أحياء كاملة، وذلك لمصلحة بناء حدائق تلمودية تعزّز رواية الاحتلال أو لمصلحة جمعيات استيطانية، وهذا ما يحدث اليوم في عدد من الأحياء المقدسية، لا سيما المعركة التي تشهدها أحياء الشيخ جراح وسلوان.

 

وقالت منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية مؤخرًا إنّ بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية بما فيها القدس، قفز 62% خلال فترة حكومة "بينيت- لبيد"، مقارنة بالحكومة التي سبقتها، بزعامة بنيامين نتنياهو، وقد بنيت ست بؤر استيطانية في عهد الحكومة الحالية.

 

أما على مستوى الهدم، فبيّن وزير شؤون القدس فادي الهدمي أن حكومة بينيت هدمت منذ تأليفها أكثر من 270 مبنى في محافظة القدس، ما أدى الى تهجير نحو 500 فلسطيني، وكانت أعلى عمليات هدم في بيت حنينا، وسلوان، وجبل المكبر، وحزما، وصور باهر، والعيسوية، وعناتا، والطور.

 

ووفق أرقام مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فقد هدمت سطات الاحتلال قرابة 1670 منزلا ًومنشأة في القدس ما بين 1/1/2009 و1/6/2022، ما أدى إلى تهجير نحو 3100 فلسطيني، وتضرر نحو 8 آلاف آخرين.

 

يضاف إلى ذلك سياسة سحب الهويات المقدسية أو الإقامة الدائمة من المقدسيين، لحرمانهم من العيش في القدس، وبحسب أرقام صادرة عن "مركز الدفاع عن الفرد- هموكيد" الإسرائيلي فقد سحبت سلطات الاحتلال هويات 14,727 مقدسيًا بين عامي 1967 و2021.

 

وفي مقابل مساعي الاحتلال وسياساته، وما يرافقها من محاولات الانقضاض على المقدسيين وكسر صمودهم، فإنّ مقاومة الاحتلال لم تتوقّف، بل إنّ العقود الماضية، منذ بداية الاحتلال، كانت حافلة بتجليات العمل المقاوم، وبمحطّات كبيرة وفارقة، وفي السنوات الأخيرة برزت هبّة القدس في عام 2015، ومن بعدها هبة باب الأسباط عام 2017، وهبة باب الرحمة عام 2019، ومن ثمّ هبة باب العمود في نيسان/أبريل 2021، إضافة إلى معركة "سيف القدس" في أيار/مايو من العام ذاته.

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



السابق

في مواجهة الادعاءات اليهودية الصهيونية تجاه الأقصى والقدس

التالي

المشهد في القدس في النصف الأول من عام 2022 (1)

مقالات متعلّقة

علي ابراهيم

عام من "الطوفان" وما شجن في النفس والعالم!

الثلاثاء 8 تشرين الأول 2024 - 10:54 م

لو سألنا في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أيَّ خبير إستراتيجي أو محلل سياسي، عن التغييرات الكبرى في العالم، والصراعات القادمة فيه، لتحدث عن ملفات عديدة، ابتداء بالصراع الروسي والأوكراني، وتحجيم ا… تتمة »

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »