المـــدارس والمكــتبـات في القـــــدس
مستخلص
تتحدّث المقالة عن سلطات الاحتلال التي عمدت إلى إهمال المؤسسات التعليمية.. وكرست سياسات تمس المضمون العربي والقويم للتعليم وفرضت المناهج "الإسرائيلية".. مما دفع الطلبة الفلسطينيين إلى رفض التعليم الذي يقوم على تشويه الحقائق الجغرافية للأرض الفلسطينية، كما سلط الضوء على المدارس، والمكتبات في القدس التي فقد معظمها، وتحدثت عن المخططات الصهيونية لتهويد مدينة القدس.
مقدمة
تُعَدّ مدينة القدس من أقدم مدن العالم، وتعود إلى أكثر من خمسة آلاف عام من الآن، تعود نشأة النواة الأولى لهذه المدينة المقدسة إلى الألف الثالث ق.م على تلال الظهور (الطورـتل أوفل) الذي يقع إلى الجنوب الشرقي من المسجد الأقصى المبارك. ومن أهم عوامل اختيار هذا الموقع وفرة مياه عين "أم الدرج" في الجانب الشرقي من جبل الطور الذي يؤمن الاحتياجات المائية لسكانها، ولم يكنْ البناء على هذا الجبل مصادفة، فمن الجنوب يحيط بها وادي الربابة "هنوم" ومن الشرق وادي جهنم"قدرون"، ومن الغرب وادي الزبل. وبالتالي تكون المدينة محاطة بمواقع طبيعية صعبة من الجهات الثلاث بحيث يصعب اقتحامها من الغزاة إلا من الجهة الشمالية تحديداً(1).
استوطن الكنعانيون فلسطين في الألف الثالث قبل الميلاد(2)، وعُرِفت آنذاك باسم "أرض كنعان"، كما أسّس الكنعانيون مدينة وأطلقوا عليها اسم "أورشليم" أي مدينة الإله "شالم" إله السلام لدى الكنعانيين. واسم القدس أو "بيت المقدس" بدأ يبرز من أيام الدعوة الإسلامية، كما أطلق على المدينة اسم"يبوس"، ويبوس اسم إحدى القبائل الكنعانية التي هاجرت إلى فلسطين في حدود 2500ق.م، حيث ورد ذكرها في أكثر من موضع، واحتلت القدس مكاناً هاماً في الدعوة الإسلامية، التي احترمت قدسية المدينة وكذلك أماكن العبادة لمختلف الأديان، هذا يعني أنّ مملكة داوود التي لم تدُمْ إلا خمسة وسبعين عاماً، وكذلك مملكة سليمان وجميع قضاة إسرائيل الذين خلفوهما لم يستطيعوا مضاهاة الحضارة الكنعانية في الشكل العمراني وخاصة اليبوسية، لذلك لم يتقدموا خطوةً نحو تخطيط المدينة لعدم تمكّنهم من امتلاك مقوّمات الحضارة، حتى الذين عادوا من السبي البابلي، لم يزيدوا أو يغيّروا من معالمها، لأنّها لا تحتاج إلى إعادة تخطيط عمراني. أمّا ما يُعرَف اليوم بالقدس القديمة، فهي تلك الأحياء من القدس التي نشأت بعد هجرة النواة الأولى للمدينة مع مرور الزمن، والتي تقع داخل سور القدس الذي بناه السلطان العثماني "سليمان القانوني" عام 1542م بطول 4 كم، وله سبعة أبواب وبنيت الأحياء داخل السور على مرتفع/بيت الزيتون "بزيتا" في الشمال الشرقي من المدينة، ومرتفع ساحة الحرم "موريا" في الشرق ومرتفع صهيوني في الجنوب الغربي(3).
وتجدر الإشارة إلى أنّ السلطات "الإسرائيلية" عمدت إلى البدء في الحفريات حول المسجد الأقصى ومنذ وقتٍ مبكّر من الاحتلال وما تزال تهدف إلى الربط بين المسجد الأقصى وحائط البراق، وفي كلّ مرة تتلقّى هذه المحاولات مقاومة صلبة من قبل الفلسطينيين فتعود الأمور إلى نصابها.
التعليم في القدس
منذ استيلاء البريطانيين على فلسطين عام 1917-1918 كانت الإدارة في ذلك الوقت إدارة عسكرية تعمل إلى جانبها لجنة صهيونية لوضع السياسة التي تحقق وتنفذ وعد بلفور، وقد قصرت الحكومة البريطانية تقصيراً كبيراً في تعليم أبناء العرب، بعكس اليهود الذين تولوا تعليم أبنائهم بأنفسهم، فقد بلغت نسبة الذين حرموا من التعليم من أطفال اليهود، وأعمارهم ما بين الخمس سنوات إلى سن الرابعة عشرة حوالي 3%، بينما بلغت النسبة بين الأطفال العرب حوالي 67%، فبقوا مشرّدين ومحرومين من التعليم(4)، إضافةً إلى أنّ هناك من لم يتقدّموا أبداً بطلبات الدخول إلى المدارس لاعتقادهم بأنّ الفرصة لن تسمح لهم، أو لعدم وجود مدرسة في قريتهم. وقد بلغت النسـبة المئوية لعـدد الطلبـة في عام 1944 إلى عـدد من هم في سن التعليم (5ـ14) سنة عند العرب 32,5%، أما عند اليهود فقد بلغت 97%(5).
وفي ظلّ الاحتلال "الإسرائيلي" للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 قامت السلطات "الإسرائيلية" باتخاذ عدة إجراءات متعلقة بشؤون التعليم، ومنها ما يخصّ مدينة القدس، حيث عملت على إلغاء جميع البرامج التعليمية الأردنية والمطبقة في مدارسها واستبدالها بالبرامج المطبقة في المدارس العربية داخل فلسطين المحتلة 1948.
وقد اتخذت هذا القرار وزارة المعارف "الإسرائيلة" على أساس أنّ القدس أصبحت جزءاً ممّا يسمّى "دولة إسرائيل"، وبناءً على ذلك وضعت يدها على جميع المدارس الحكومية ومديريات التعليم الأردني، وطلبت من الموظفين والعاملين في الجهاز التعليمي أنْ ينقلوا للعمل بأجهزة التعليم "الإسرائيلية".
وقد لاقت هذه الإجراءات "الإسرائيلية" معارضةً كبيرة ورفض من قبل موظفي سلك التعليم، الذين بعثوا بمذكرة إلى وزارة المعارف "الإسرائيلية" وأخرى إلى الحاكم العسكري "الإسرائيلي"، ولكن سلطات الاحتلال رفضت ذلك وقامت باعتقال عددٍ كبير من المدرسين ومديري التعليم في القدس، واستطاعت بالقوة فتح ست مدارس خلال الأيام الأولى من الاحتلال، ولكن لم ينتظم في المدارس من الطلبة أو المعلمين إلا القليل.
وقد عمدت سلطات الاحتلال إلى إهمال المؤسسات التعليمية وكرست سياسات تمس المضمون العربي والقومي للتعليم. ورغم كلّ الصعوبات والمشكلات وحملات الاعتقالات العشوائية والتوقيف المستمر في أوساط الطلبة والمعلمين، فما يزال الإصرار الوطني على توسيع برامج التعليم والحفاظ على مضمونه الوطني والقومي، واستمرّ الوضع كذلك إبان فترة انتفاضة الأقصى، إضافةً إلى ذلك قامت سلطات الاحتلال بتعيين مدرسين من ذوي المؤهلات المتدنية في التعليم، كحملة الثانوية العامة.
كما فرضت المناهج "الإسرائيلية" التي تعمل على تثقيف الطلبة وفق التربية "الإسرائيلية" التي تتجاهل الشعب الفلسطيني ووجوده، وتؤكّد على وحدة الشعب اليهودي، والولاء التام للدولة الصهيونية، وتهويد المجتمع الفلسطيني ومؤسساته(6). فمثلاً في مادة التاريخ يدرس الطالب نصف المنهاج للتاريخ العربي والنصف الآخر للتاريخ العربي واليهودي، وفي مادة الأدب العربي تمّ حذف دراسة الشعر العربي الفلسطيني، وفي مادة الدين تدرس التوراة والأساطير اليهودية، ولم يسمْح بتدريس المنهاج الأردني إلا في المدارس الخاصة والمدارس التابعة لوكالة الغوث، في حين طبق المنهاج الإسرائيلي في المدارس الحكومية(7).
ثم طبقت سلطات الاحتلال عام 1968 المناهج "الإسرائيلية" السائدة في المدارس العربية داخل فلسطين المحتلة 1948 في المرحلة الابتدائية والإعدادية، بهدف إعداد الطلبة للثانوية العامة "الإسرائيلية"، وفي العام الدراسي 1969-1970 أعادت السلطات "الإسرائيلية" تطبيق المناهج الأردنية بشكلٍ غير رسميّ.
وقد رفض الطلبة الفلسطينيون المناهج التعليمية "الإسرائيلية"، لأنها تقوم على تشويه الحقائق الجغرافية للواقع الفلسطيني، فمثلاً تم الاستغناء عن فلسطين واستعمال كلمة "إسرائيل"، كذلك أورشليم بدل القدس، كما قامت بتزييف الحقائق التاريخية وطمس العقيدة الإسلامية وتشويهها، فرأت أنّ الإسلام هو مجرد تربية روحية، وتاريخ الإسلام هو تاريخ كوارث وفتن، وهي تسعى جاهدة لإقناع الطلبة بالأفكار "الإسرائيلية" وبقي هذا الحال حتى عام 1971، حيث اعتمدت سلطات الاحتلال سياسة أخرى منذ عام 1972، وهي استمرار تطبيق المناهج "الإسرائيلية" في المرحلة الابتدائية، أمّا في بقية الصفوف فكانت المناهج خليطاً من المناهج الأردنية والمناهج "الإسرائيلية".
ومنذ عام 1973 وحتى الوقت الحالي عادت المدارس الإعدادية والثانوية إلى تدريس المناهج الأردنية، أمّا المدارس الابتدائية فما زالت تدرّس المناهج "الإسرائيلية". وبذلك ورغم الحملات والجهود الاستعمارية التي بذلتها السلطات "الإسرائيلية" فإنها لم تستطع فرض المناهج "الإسرائيلية" في الأراضي المحتلة عام 67 واستمرّ تدريس المناهج الأردنية في الضفة والقدس والمناهج المصرية في قطاع غزة، لكنّها حُذِفت من المناهج كل ما يتعلق بالشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية لمحو الذاكرة الفلسطينية ذاكرة الأجداد من فكر وعقول أطفال فلسطين وعزل الطالب الفلسطيني عن قضيته وتشويه تاريخه الفلسطيني.
المدارس في مدينة القدس تحت الاحتلال
تشرف على المدارس في مدينة القدس ثلاث جهات، وبالتالي تقسّم هذه المدارس إلى ثلاثة أقسام وفق الجهة التي تشرف عليها وهي: المدارس الحكومية: وتشرف عليها سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" من خلال بلدية القدس. والمدارس الخاصة: تشرف عليها مؤسسات تعليمية خاصة وإدارات أجنبية، والمدارس التابعة لوكالة الغوث الدولية.
وقد ترك العرب والطلبة كما أسلفنا مدارسهم نتيجة لسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إضافةً إلى نزوح قسم كبير من الطلبة مع أسرهم إلى الخارج، ولكنْ في السنوات اللاحقة للاحتلال ازداد عدد الطلبة في رياض الأطفال والمراحل التعليمية الأخرى مقارنة بباقي مدن الضفة العربية المحتلة، ويعود ذلك إلى أنّ هناك الكثير من الهيئات الخاصة والاتحادات والجمعيات الخيرية التي تدعم وتهيّئ الأوضاع المناسبة، والإمكانيات لتأسيس وإدارة رياض الأطفال في منطقة القدس.
وتحتلّ منطقة القدس المركز الأول في النسبة التي يمثّلها القطاع التعليمي الخاص، ويتمثّل هذا الواقع في ارتفاع نسب المدارس والطلبة والمعلمين في هذا القطاع عن نسبتها في كل من المدارس الحكومية والتابعة لوكالة الغوث، وسبب ذلك يعود إلى ضمّ مدينة القدس الشرقية إلى القدس الغربية وحساب أهالي القدس الشرقية تحت التبعية اليهودية، وهذا الأمر أجبر الطلبة على دراسة المناهج "الإسرائيلية" والتي تدرس في فلسطين المحتلة 1948، مما جعل الطلبة الفلسطينيين يقاطعون المدارس الحكومية ويلتزمون بالمدارس الخاصة التي تدرس المناهج الأردنية فيها، وأدّى ذلك إلى قيام بعض الفعاليات الفلسطينية الحريصة على إنشاء المزيد من المدارس الخاصة لاستيعاب عدد أكبر من طلبة القدس، وابتعاد الطلبة عن الدخول في المدارس الحكومية التابعة للحكم العسكري "الإسرائيلي"، مما دفع السلطات "الإسرائيلية" إلى التراجع عن تطبيق المنهاج "الإسرائيلي"، ولكنْ ذلك تمّ على مراحل، في المرحلة الابتدائية والإعدادية أولاً ثمّ الثانوية، مع الإبقاء على تدريس مادة اللغة العبرية في جميع المراحل وتدريس كتاب (مدينات إسرائيل)(8).
واستمرت سلطات الاحتلال بإجراءاتها التعسفية وفصل المعلمين وعدم تعيين معلّمين جدداً، مما أدّى إلى زيادة عدد الطلبة في الشعبة الواحدة خاصة في الصفوف الابتدائية والمدارس الحكومية، حيث وصل إلى حوالي (5) طالباً في القدس، في حين بلغ العدد 26 طالباً في المدارس الابتدائية اليهودية، كما أنّ سلطات الاحتلال لم ترصدْ أية مبالغ في موازناتها لإقامة مدارس جديدة أو تطوير القديمة في القدس، وهي تتنصل من واجباتها كإدارة محتلة إزاء تقديم الخدمات الضرورية لاستقرار سير العملية التربوية وتنميتها.
التعليم في القدس في ظلّ الانتفاضة الباسلة
تسعى سلطات الاحتلال دائماً إلى عرقلة التعليم في فلسطين بأقسى الوسائل وأشدّها خاصة بعد الانتفاضة الباسلة الأولى والثانية كون قطاع التعليم هو من أهم القطاعات الاجتماعية والاقتصادية في فلسطين المحتلة عام 1967. وقد قامت سلطات بلدية القدس بإغلاق المدارس الحكومية في القدس، ثم أغلقت الكثير من المدارس الخاصة بحجّة عدم الحصول على تصاريح خاصة من الحاكم العسكري، كما أغلقت المدارس التابعة لوكالة الغوث بهدف شطب المسؤولية الدولية عن تبعيات الاحتلال وانعكاساته على الوضع الاجتماعي، وخاصة التعليم بين الفلسطينيين في القدس.
كما واجه الفلسطينيون في تعلمهم الجامعي، خاصة في مدينة القدس، حيث لا يستطيع الطلبة الدخول في الجامعات "الإسرائيلية"، مما دفعهم إلى تأسيس عددٍ من الكليات في القدس لاستيعاب الطلبة الذين أنهوا الثانوية العامة، وفي مدرسة القدس جامعة واحدة تضم أربع كليات منفصلة، وهذه جميعها أغلقت بهدف الضغط على صمود أهلنا وانتفاضتهم المباركة.
المكتبات في القدس
تُعَدّ خزائن المسجد الأقصى من أهمّ دور الكتب الإسلامية، حيث كان المسجد الأقصى مركزاً فكرياً ومدرسة لتعليم العلوم الإسلامية. أمّا ما يخص المدارس فكان لها مكتباتها الخاصة بها، وكان لهذه المكتبات خزنة ومشرفون، ومن أشهر هذه المكتبات المكتبة الفخرية، حيث كانت غنية بمخطوطاتها الدينية والفكرية، وقدّر عدد مجلداتها بنحو عشرة آلاف مجلد، كما كان هناك قاعة مخصصة لكتب الشيخ محمد صالح الإمام شيخ المدرسة الأمينية(9).
وقد فقدت القدس نتيجة للنكبات والهجمات الكثيرة على مدى التاريخ إضافةً إلى الزلازل التي أصابتها، والمجاعات التي حلّت بها، ونزوح وهجرة وتدمير للممتلكات، الكثير من الكتب والمخطوطات. وعندما شكّل المجلس الأعلى في فلسطين عام 1921 تنبه لهذه المأساة، فجمع الكثير من المخطوطات الباقية، وتم إنشاء دار للكتب في المسجد الأقصى، وقد بلغ عدد مجلدات مكتبة الأقصى حوالي أربعة عشر ألف مجلد. وبعد الاحتلال "الإسرائيلي" عام 1967 للقدس سرقت سلطات الاحتلال الكثير من هذه المجلدات والكتب والمخطوطات إلى الجامعة العبرية وغيرها من مراكز الأبحاث "الإسرائيلية".
وكان هناك العديد من مكتبات الأُسَر المقدسية الخاصة، وقد ضاع الكثير منها بسبب الكوارث التي حلّتْ بفلسطين والإجراءات "الإسرائيلية"، ومن أشهرها المكتبة الخالدية، ومكتبة الخليلي والبديري وغيرها(10). كما أنّ السلطات "الإسرائيلية" لم تُبْدِ أيّ اهتمامٍ تجاه مكتبات المدارس وتطويرها أو تزويدها بالكتب، بل قامت بتفريغ المكتبات المدرسية من الكتب وذهبت إلى أبعد من ذلك؛ حين احتل الجيش "الإسرائيلي" في شباط/فبراير 2002، كلّ المؤسسات الفلسطينية في القدس وعلى رأسها بيت الشرق الفلسطيني والمركز الجغرافي، محاولةً لتهويدها.
المخططات الصهيونية المستقبلية للتهويد في القدس
تستمرّ محاولات التهويد في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، وخاصةً في القدس عبر التضييق على سكان القدس ومصادرة مساحات وعقارات لصالح الاستيطان "الإسرائيلي" في المدينة، حيث طردت سلطات الاحتلال مائة ألف فلسطيني عام 1948 ونحو خمسة وعشرين ألفاً عام 1967. هذه السياسة تستهدف اقتلاع الفلسطيني وطمس المعالم العربية والإسلامية في المدينة المقدسة، حيث يلف القدس طوقين من المستوطنات تضم (185) ألف مستوطن "إسرائيلي" لطمس معالم القدس التاريخية.
وهناك مخططات جاهزة لفرض وقائع جغرافية "إسرائيلية" على الأرض يصعب الانفكاك عنها عند بدء المفاوضات الفعلية حول الوضع النهائي لمدينة القدس. حيث تتفق كلّ الأحزاب بأنْ تبقى مدينة القدس الموحّدة بشطريها الشرقي والغربي العاصمة الأبدية لدولة "إسرائيل". ولتمتدّ مساحتها على ربع مساحة الضفة الغربية التي مساحتها حوالي (5800)كم2.
مما تقدّم يتّضح أنّ السياسات والإجراءات "الإسرائيلية" في القدس استهدفت مناحي حياة الفلسطينيين جميعها لفرض وقائع جديدة على الأرض وتهويد قطاع التعليم للضغط على الفلسطينيين جميعها وجعل حياتهم صعبة لدفعهم في نهاية الأمر إلى النزوح خارج الوطن، الأمر الذي يحقّق أهداف "إسرائيل". وتبعاً لذلك فإنّ تلك السياسات المبرمجة تتطلب دعماً مادياً عربياً وإسلامياً للمقدسيين في أرضهم، حتى يتسنّى لهم مقاومة السياسات الصهيونية. كما يتطلّب ذلك تأسيس خطاب إعلامي عربي يرقى إلى حجم المواجهة مع الاحتلال، حتى لا يتمكّن من تهويد ما تبقّى للعرب في المدينة المقدسة، ومن بينها المدارس والمكتبات التي تعد عنصراً من عناصر الحضارة في القدس.
المصادر
- الموسوعة الفلسطينية، المجلد الثالث، ط1، 1984 ص508ـ509.
- المصدر السابق، ص509.
- الموسوعة الفلسطينية، ج3، ص666ـ667.
- روحي الخطيب، تهويد القدس، بحث ألقِيَ في الندوة العلمية للإسراء والمعراج-عمّان.
- مصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسطين، الجزء العاشر، القسم الثاني بيت المقدس(2)، رابطة الجامعيين، الخليل 1976، ص210.
- كامل منسي، التعليم في القدس- التطور التاريخي والواقع في ظلّ الاحتلال، صامد الاقتصادي، السنة الثالثة عشرة، العدد 85، تموز وآب، أيلول 1991.
- الدكتور عبد القادر يوسف، تعليم الفلسطينيين ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، دائرة التربية والتعليم منظمة التحرير الفلسطينية، عمان 1989، ص151.
- واقع التعليم في الضفة الغربية وقطاع غزة، دائرة التربية والتعليم العالي، م.ت.ف، القسم الخامس، مركز الشرق للدراسات والترجمة عمان 1987، ص725.
- د. كامل جميل العسلي- معاهد العلم في بيت المقدس، الجامعة الأردنية، عمان 1981، ص369.
- المصدر السابق، ص371.