واقع ومشاكل الشباب المقدسي

تاريخ الإضافة الإثنين 24 كانون الأول 2007 - 4:31 م    عدد الزيارات 27813    التعليقات 0

        

في دراسة واستطلاع قامت به دائرة الدراسات والأبحاث في الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الآفات الاجتماعية لإلقاء الضوء على هذه الشريحة التي تشكّل أكثر من نصف المجتمع وتحديداً المرحلة الواقعة ما بين (18-24) سنة والتي نعتبرها مرحلة الحيوية والإثارة والنشاط، وإيماناً من الهيئة الوطنية العليا للحدّ من الآفات الاجتماعية في القدس بأنّ الشباب هم قلب الأمة النابض وبأنّ الأمة تعلو وتتقدم وتزدهر بشبابها، ولأنهم قادة المستقبل والمرآة التي تعكس حقيقة الوطن، فكان لا بدّ للهيئة من الاعتناء بهذا القطاع الواسع والذي يشكّل أكثر من 55% من الشعب الفلسطيني وأنْ تهتم بواقعهم ومشاكلهم لإيجاد الحلول المناسبة والفعّالة لهذه المشاكل... وهذا تقرير يدلّ على الواقع والمشاكل التي يتعرّض لها جزءٌ من الشباب الفلسطيني في مدينة القدس العاصمة المستقبلية للدولة الفلسطينية.

 

الشباب المقدسي تحت الاحتلال

قام الشباب المقدسي كبقية الشباب الفلسطيني في أنحاء الوطن بدورٍ هامّ وفعّال من خلال تشكيل اتحادات الطلبة والمشاركة بالنوادي والنقابات المختلفة لإبراز هويتهم القومية والوطنية وتحمل المسؤولية للحفاظ على الطابع العربي والفلسطيني للمدينة المقدسة وانخراط الكثير منهم في لجان العمل الاجتماعي والتطوعي. وفي الانتفاضة الأولى قاموا بمهمات اجتماعية وسياسية ونضالية متعددة كتوزيع المؤن على العائلات المستورة وزيارة أهل الشهداء والأسرى والجرحى حيث كان لهم الدور البارز في معالجة القضايا الاجتماعية التي نتجت بشكلٍ غير مباشر عن الانتفاضة حيث أصبحت الانتفاضة كلمة مرادفة للشباب وشكّلت نقلة نوعية لدى الشباب الفلسطيني والمقدسي خصوصاً على مستوى الوعي الوطني وأصبح الشباب هم قادة الشارع والقادة الفعليّين، حيث تعرّض الكثير منهم للاعتقال والإصابات والاستشهاد في كثيرٍ من المواقع والمناسبات، وهم يشكّلون نسبة عالية من المعتقلين داخل السجون "الإسرائيلية".

 

وكان للشباب ألمقدسي الدور الرئيسي والأساسي في انتفاضة الأقصى والتي راح ضحيتها العشرات منهم قضوا في سبيل الدفاع عن المقدسات والأقصى والقدس، واعتُقِل المئات حتى أصبحوا المستهدفين الرئيسيّين من قِبَل "إسرائيل".

 

المؤسسات المقدسية ورعاية الشباب

هنالك ما يزيد عن 40 مؤسسة شبابية ورياضية في مدينة القدس وضواحيها ولكنْ معظم هذه المؤسسات تعاني من مشاكل تتمثّل في إنشاء الملاعب والقاعات والمنشآت التي تخدم الشباب ناهيك عن الضعف في الموازنات والإمكانيات العادية التي تعاني منها هذه المؤسسات، إلا إنّ هنالك بعض المؤسسات التي تُعنى وتعطي قدراً كبيراً من وقتها وبرامجها لخدمة الشباب وتوفير البرنامج الرياضية والثقافية والاجتماعية لهم، إلا أنّ كثيراً من هذه المؤسسات هجَرت المدينة إلى الضواحي إمّا طواعية أو بسبب ضغوطات مختلفة منها الاحتلال أو التمويل نستطيع أنْ نقول إنّ هنالك نقصاً شديداً في المؤسسات الراعية للنشاطات الشبابية ولتحقيق طموحاتهم، وأنّ الموجود منها يقدّم ما يستطيع لكنّها تظلّ تفتقر إلى الإمكانيات الحقيقية. ومع ازدياد الأعداد الشابّة فإنّ هذه المؤسسات غير كافية لهذه الأعداد المتزايدة باستمرار.

 

تأثّر الشباب المقدسي بالسلبيات

إنّ ما يتعرّض له الشباب المقدسي يختلف بعض الشيء عما يتعرّض له الشباب الفلسطيني في باقي مناطق الضفة الغربية حيث هنالك هجمة "إسرائيلية" ممنهجة ومبرمجة ضدّ المقدسيين تأخذ أشكالاً منوّعة منها تفريغ الشباب من مضمونه وإبعاده عن انتمائه العربي والفلسطيني، ومن خلال انتشار المخدّرات بشكلٍ كبير بين الشباب. والإحصائيات الأخيرة تدلّ على وجود أكثر من 15 ألف متعاطٍ للمخدرات وأكثر من خمسة آلاف مدمِنٍ على المخدرات, كذلك ازدياد التسرّب من المدارس بسبب الفقر والبطالة ممّا يدفع الكثير من الطلبة إلى التوجّه لسوق العمل، وأكثر سنوات التسرّب تتركّز ما بين سن (12-16) سنة.

 

إنّ ضعف إمكانيات المؤسسات تؤدّي إلى دفع الشباب المقدسيّ إلى زيادة أوقات فراغهم ناهيك عن ازدياد البطالة من خلال الفصل التعسّفي عن العمل إذا كان الشباب قد سُجِن فلا يستطيع الحصول على حسن سلوكٍ، وآخرها الحصار الشديد الذي تتعرّض له المدينة المقدسة بجدار الفصل العنصري وعزلها مع محيطها وعن بقية أنحاء الضفة الغربية.

 

انتشار الآفات الاجتماعية

ظاهرة انتشار المخدّرات والانحرافات السلوكية والسرقات وأوقات الفراغ من المصائب التي يعاني منها الشباب المقدسي، وعلى الرغم من محاولة بعض المؤسسات لمحاصرة ظاهرة انتشار المخدرات والتسرب من المدارس والانحرافات إلا أنّ هذه المحاولات تنحصر بالتركيز على التوعية والإرشاد وطباعة بعض البوسترات التوعوية وتوزيعها وكذلك بعض المحاضرات والندوات هنا وهناك، إلا أنّ مواجهة انتشار الآفات وعلى رأسها المخدّرات يجب أنْ يكون من خلال تنفيذ برامج وأنشطة هادفة لملء فراغ أوقات الشباب وتجنيبهم الوقوع في فخّ المخدّرات، وهذه البرامج والنشاطات يجب أنْ تكون فعّالة ومفيدة قبل الوقوع في الفخّ من خلال المدارس والأُسرة والمؤسسات، أي شراكة كاملة ما بين أفراد المجتمع ومؤسساته.

 

توصيات للعمل مع الشباب

بعد استعراضٍ سريع للمشكلات والسلبيات التي يتعرّض لها الشباب المقدسي، فإنّّ دائرة الدراسات والأبحاث في الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الآفات الاجتماعية تجد أنّه من الضروري التركيز على دور الأسرة والمدرسة وذلك من خلال قيام أنشطة وبرامج اجتماعية وثقافية لتخفيف المشاكل السلوكية. والاهتمام بمراكز ومؤسسات الشباب من أجل أنْ يُستوعَب الشباب من خلال تنظيم النشاطات الرياضية والثقافية والأنشطة اللامنهجية من خلال دعم وتقوية هذه المراكز والمؤسسات. والأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي المتردّي والحدّ من البطالة المستشرية بين فئات الشباب من خلال إقامة المشاريع الاقتصادية الإنتاجية وتقوية البنى التحية في القدس وتوفير مصادر لتُستغلّ في البرامج التنموية وتجميع الطاقات من أجل القدرة على النهوض بالمجتمع وخدمته، وهنالك ضرورة لتطوير المستشفيات والخدمات في المراكز الصحية وتطوير برامج الوقاية والإرشاد من خطر الانحرافات والمخدرات والتنسيق والتشبيك ما بين المؤسسات الأهلية والرسمية بكافة البرامج التي تخدم فئة الشباب وإشراكهم برسم السياسات من خلال إيجاد قنوات للحوار ما بين الشباب والمجتمع حول القضايا الهامة والمصيرية. وإنشاء مؤسسات شبابية ودعم ما هو قائم منها من خلال تطويرها وتدريب كوادرها وتعليمهم الإدارة السليمة بعيداً عن المحسوبية من أجل قيادات شابة قادرة قوية لصنع المستقبل وتكون قدوة للغير تماماً كما حصل مؤخراً من إنشاء البرلمان الشبابي المقدسي والذي يعتبر نواة لقيادة شابة تتحمل المسؤولية كاملة تجاه مجتمعها ووطنها ومدينتها المقدسة أملاً في هذا البرلمان بأنْ يحقّق ولو الحد الأدنى لطموحات شبابنا وأهلنا في القدس.

رابط النشر
Warning: mysqli_fetch_row() expects parameter 1 to be mysqli_result, bool given in /home/alqudscity/public_html/admin/includes/functions.php on line 845

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.


علي ابراهيم

عام من "الطوفان" وما شجن في النفس والعالم!

الثلاثاء 8 تشرين الأول 2024 - 10:54 م

لو سألنا في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أيَّ خبير إستراتيجي أو محلل سياسي، عن التغييرات الكبرى في العالم، والصراعات القادمة فيه، لتحدث عن ملفات عديدة، ابتداء بالصراع الروسي والأوكراني، وتحجيم ا… تتمة »

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »