ماذا بعد إغلاق مجلس الإسكات الفلسطيني في القدس؟
إنّ ما يحدث الآن في القدس من منع سلطات الاحتلال لنشاطات وفعاليات، وإغلاق مؤسسات كان آخرها مجلس الإسكان الفلسطيني، هو حصار من نوع قديم حديث متجدّد بصورة ما يسمونه القانون والاتفاقيات المبرمة مع السلطة الفلسطينية والخاصة بالقدس، وحتى على الصعيد الثقافي أو الاجتماعي أو الرياضي أو الفني، فما جرى مؤخّراً من إقدام سلطات الاحتلال على إغلاق مجلس الإسكان الفلسطيني وتهديد واعتقال وإبعاد وتحذير الجهة القائمة عليه، وما رأيناه من قيام الاحتلال بدهم كافة المواقع التي يمكن أنْ يكون فيها أي نشاط يأتي تحت أي مسمى والحجة لذلك هي أنّها -أي "إسرائيل"- تطبق ما ورد في اتفاقيات أوسلو.
آه... آه... المؤتمرات والاتفاقيات شماعة لـ"الإسرائيليين" ومن يواليهم ويدعمهم والواقع مغاير ومخالف لكل ذلك؟. على "إسرائيل" أنْ تعلم وتعي بأنّ إغلاق المؤسسات وحلّ الجمعيات ما هو إلا مؤقت وعلى الرغم من مخالفتهم لكلّ الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية التي تمنح أهالي المدينة الحرية والحق للقيام بأيّ نشاط أو فعالية وتبقى القدس مدينة محتلة كبقية المدن الفلسطينية، وما حصل ويحصل من حملات استيطانية ومصادرة وهدم وحفريات واعتداءات على المقدسات -وحتى المقابر التي لم تنجُ هي الأخرى من هذا الأذى والتهويد المقصود والمستمر- فإنّها واسعة لتطويق المدينة، ومن سنّ قانونٍ يقضي بضم القدس وخلق واقع ديمغرافي لصالح "إسرائيل" والتضييق على السكان العرب ومنعهم من حق الإقامة والبناء وفرض الضرائب الباهظة علينا لإجبارنا على مغادرة المدينة، فلكلّ ذلك ولو ضوعف بعشرات ومئات وآلاف المرات سنظلّ أصحاب إرادة قوية كالصوان وجذور كشجرة الزيتون المباركة ضاربة بجذورها في الأعماق وعلى امتداد الأرض، وعلى الرغم من علمنا بأنّ المقدسات الإسلامية والمسيحية لم تسلمْ ولن تسلم من الأذى والمحاولات المستمرة لتدميرها ورغماً عن الأنفاق والحفريات والخطر الشديد الذي يتعرض له الحجر والبشر والشجر في القدس وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك؛ سيظل أهل القدس الصامدون المرابطون الصابرون على كلّ ما يلحق بهم من أذى في سبيل الذود والدفاع وحماية الأرض والمدينة ستظل القبلة الأولى ومسرى محمد -صلى الله عليه وسلم- وقيامة المسيح عليه السلام، هذه هي القدس وهؤلاء هم المقدسيّون... هذه المدينة التي انطلقت من عبق التاريخ حتى طال المنع من دخولها أصحابها وسكانها الأصليين إلا بتصارح من المحتل، والقدس الآن تعيش صراع البقاء، صراعاً بين كل ما هو عربي إسلامي وبين تهويدها وطمس كل معالمها وآثارها وحضارتها وثقافتها العربية الإسلامية المسيحية.
وكلمة أهلها لكلّ العرب والمسلمين ولكلّ الأحرار ولكل من يتشدق بالقومية ولأصحاب الخطابات الرنانة الذين ملؤوا الدنيا هتافاً وصراخاً وفي الحقيقة هم أول الهاربين والمندحرين... القدس ليست بحاجتكم وحاجة جعجعاتكم الفارغة التي أكل عليها الزمن وشرب، هي بحاجة لأهلها للعاملين من أجلها للصامدين والمرابطين فيها أيها السادة؟؟ هل سيتم استعادة القدس سلماً وصلحاً أم أننا نحتاج إلى معركة فاصلة لنفك أسرها ونزيل حزنها ونمسح دموع ثكلاها وشيوخها وأطفالها ونساءها ومؤسساتها وندخل أبوابها كالذين دخلوها وحرروها من قبلنا.