في دراسة حول أسرى القدس: غياب رؤية فلسطينية موحّدة لمناصرة ملف الأسرى
كشفت دراسة قام بها الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس وأعدتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال ومؤسسة الضمير لرعاية المعتقلين وحقوق الإنسان حول "أسرى القدس في سجون الاحتلال الإسرائيلي" صدرت مؤخّراً، كشفت عن العديد من الجوانب المهمة فيما يتعلق بالمعتقلين المقدسيين، من نواحٍ مختلفة ومنها الصحية والقانونية والتعليمية، والتي تتشابه في كثيرٍ من جوانبها مع الأسرى الفلسطينيين بشكلٍ عام، حيث تتشابه الانتهاكات، والتي تعبّر عن سياسة موحّدة تنتهجها الحكومة "الإسرائيلية" تجاه الأسرى الفلسطينيين.
وأكدت الدراسة أنّ هناك غياباً لرؤية فلسطينية موحّدة تجمع الأطراف الفلسطينية المختلفة في مناصرة ملف الأسرى بشكلٍ عام والمقدسيين منهم بشكلٍ خاص، ويمكن رؤية ذلك بتكرار البرامج الموجهة للأسرى، وغياب العمل المشترك في قضية تجمع غالبية الأطراف على أهميتها، مما حال دون طرح وتفعيل هذا الملف على المستويات المختلفة وخاصة الدولية منها.
وأشارت الدراسة إلى أنّ غياب الدور الفاعل والعمل المشترك أضعف من مناصرة المجتمع الفلسطيني والتضامن المجتمعي في الفترات الأخيرة مع هذه القضية، والتي عبّرت عنها الأسر المقدسية بمرارة حين اقتصرت بعض مسيرات الاحتجاج والتضامن على أهالي الأسرى فقط. لا سيما أنّ ذلك يجري في ظلّ غياب دور الأحزاب السياسية والمؤسسات في خلق تضامن والتفاف شعبي حول ملف الأسرى، وغياب البرامج المتخصّصة بالمعتقلين المقدسيّين والتي لم تأخذْ بعين الاعتبار خصوصيّة هؤلاء المعتقلين والتمييز الذي يتعرّضون له، مما أدّى إلى خلق حالةٍ من الإحباط وعدم الرضى عند الأسر المقدسية من أداء مختلف الأطراف ذات العلاقة.
وأوصت الدراسة بضرورة توسيع دائرة المساندة والدعم القانوني من خلال تغطية (النفقات القانونية) وأتعاب المحامين سواءً في المحاكم أو لجان الثلث لما يشكّله من عبءٍ كبير على الأهل، ودعم الأسرى قانونياً من خلال المؤسسات الحقوقية القائمة عبر توفير محامين يتابعون قضايا الأسرى الحياتية في المحاكم "الإسرائيلية" مثل قضايا التعليم، ونوعية وكمية الأكل، توفير قاعات رياضية، ومساحات الغرف، كلها قضايا ينصّ علها النظام الداخلي للسجون ويتمّ تجاوزها، وتعزيز التواصل والعمل المشترك مع الأطر والمؤسسات الفاعلة في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 لوجود العديد من القضايا المشتركة تحديداً في الجانب القانوني.
ودعت الدراسة إلى التأكيد محلياً ودولياً من خلال الأطر والمؤسسات الإعلامية والأنشطة الخاصة بملف (الأسرى المقدسيين) على الوضع القانوني للمعتقلين المقدسيين باعتبارهم جزءاً لا يتجزّأ من الشعب الفلسطيني ومن حقّهم المشروع مقاومة المحتل لتحقيق مصير الشعب الفلسطينيّ، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية وعدم الرضوخ للربط "إسرائيلياً" بين التفاوض حول القدس وبين ملف الأسرى ضمن سياسة الفصل بين الأسرى على أساسٍ جغرافي.
الدراسة:
وأكدت الدراسة أنّ معظم أسرى القدس يقضون فترات طويلة جداً في الأسر، حيث إنّ 11.5% من المعتقلين مضى على اعتقالهم أكثر من خمسة عشر عاماً في السجون "الإسرائيلية"، وأمضى 10% من المعتقلين أكثر من عشر سنوات. وأشارت الدراسة إلى أنّ 38% قضوا أكثر من خمس سنوات، و19% قضوا أكثر من ثلاث سنوات، وقضى 6% أكثر من سنتين. وبيّنت الدراسة أنّ 5% قضوا أكثر من سنة، بينما أشار 3.5% إلى أنهم مضى على اعتقالهم أقل من سنة واحدة.
وأوضحت الدراسة أنّ معظم أسرى القدس هم من الذكور غير المتزوّجين ومعظمهم من أسرى الانتفاضة الثانية وتوجد النسبة الأكبر من المعتقلين المقدسيّين المحكومين في السجون "الإسرائيلية" في منطقة رأس العامود، تليها قرية صور باهر، والبلدة القديمة، وبلدة العيسوية.
ونوّهت الدراسة إلى أنّ نسبة الأمية بين الأسرى المقدسيّين قليلة، فمعظمهم أنهوا المرحلة الثانوية، كما أنّ هناك العديد منهم حاصل على شهادة البكالوريوس.
وأشارت الدراسة إلى أنّ النسبة الأكبر من المعتقلين المقدسين موجودون في سجن "هشارون" حيث بلغت نسبة المعتقلين في هذا السجن 26.6% من مجمل المعتقلين المقدسيّين، كما أنّ هناك عدداً منهم يتوزّعون على باقي السجون ولكن بنسب قليلة.
وأشارت الدراسة إلى أنّ 58.4% من المعتقلين المقدسيين يعانون من أمراضٍ مختلفة داخل السجون "الإسرائيلية".
كما تشير النتائج إلى عدم رضى أهالي المعتقلين المقدسيّين عن التفاعل والتضامن الذي يبديه المجتمع المحلي مع قضية الأسرى سواء في التضامن مع الأسر أو مع قضايا أبنائهم في السجون "الإسرائيلية"، يتمثّل ذلك في اقتصار النشاطات أحياناً على أهالي الأسرى.
وأظهرت الدراسة عدم رضى أهالي الأسرى عن الأداء الحكومي الفلسطيني وفي طريقة التعاطي مع ملف أسرى القدس حيث لم يحظَ هذا الأداء سوى بنسبة 0.5% والتي لا تكاد تذكر على الرغم من أنّ 89% من المبحوثين قد رأوا في وزارة الأسرى الفلسطينية كجهةٍ مساندة من ناحية الإعانات ومخصصات الأسرى، وبالإجمال واجهت الحكومات الفلسطينية انتقادات حادة بما يتعلق بملف الأسرى.
ولم تكنْ باقي المؤسسات الحقوقية الفلسطينية الأهلية، والمنظمات الحقوقية والإنسانية الأجنبية، بأفضل حالٍ من نظيراتها الحكومية.
والسمة الأبرز التي بينتها الدراسة أنّ الأسر المقدسية لا زالت تبدي مزيداً من الصبر والصمود، في مواجهة قرار عدم الإفراج عن أبنائهم.
وبينت الدراسة أنّ 48.4% من الأسرى يتوقعون الإفراج عنهم، بينما كانت النسبة الأكبر عكس ذلك، حيث لم يبنِ 51.6% أيّ توقعات أو أملٍ بالإفراج.
فيما أبدت الأسر المقدسية اللوم على العديد من الجهات في عدم الإفراج عن أبنائها في السجون والمعتقلات "الإسرائيلية" أهمها السلطة الفلسطينية، والأحزاب والقوى السياسية والمجتمع الفلسطيني بشكلٍ عام.