توقيت مشبوه, رسائل على عدة محاور

تاريخ الإضافة الخميس 4 أيلول 2008 - 3:01 م    عدد الزيارات 4842    التعليقات 0     القسم

        



إنّ المشهد الذي شاهدناه في الإعلام في منتصف ليل السبت وصبيحة الأحد الماضي أثناء اقتحام وإغلاق مؤسسة الأقصى, ليس بجديد على الساحة, حيث إنّه ليس الأول من نوعه وطبعاً متيقن أنا, أنه ليس الأخير, لأنّ سلاسل المؤامرة ما زالت طويلة. وليس من المستهجن أنْ تقوم المؤسسة "الإسرائيلية" بهذا المشهد المسرحي المكوّن من المئات من قوات الأمن ووحدات المخابرات في منتصف الليل لإرهاب الناس ولتهويل خطورة الأمر الذي تقوم به, لأنّ ما حصلوا عليه عند مجيئهم في الليل لا يحصلون عليه في حالة مجيئهم بالنهار, والكلّ يعلم من هو الذي يقتحم البيوت والمؤسسات في عتمة الليل؟؟

 

لكن الأبعد من ذلك أيضاً, برأيي , أنّ المؤسسة "الإسرائيلية" تعمّدت التوقيت واليوم والساعة, فليس عبثاً أنْ يوقّع ويوافق على أمر إغلاق مؤسسة الأقصى منذ أسبوع وينفذ الأمر بعد أسبوع، أي بعد انتهاء مهرجان الأقصى, الذي حشد عشرات الآلاف من الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني إضافةً للوفود الخارجية التي حلّت ضيفة على المهرجان, فلا يغيب عن دهاليز المؤسسة "الإسرائيلية" تصاعد قوة الحركة الإسلامية وتوسّع مؤسساتها لتشمل جميع مناحي الحياة, فتلك الضربة التي تعمّدتها المؤسسة "الإسرائيلية" لمؤسسة الأقصى لم تكنْ فقط لمؤسسة الأقصى بل كانت لجميع مؤسسات الحركة الإسلامية, فقادة الأجهزة "الإسرائيلية" يعون جيداً ما يدور حولهم في الآونة الأخيرة, ويرون كيف أنّ الحركة الإسلامية بقياداتها وناشطيها تزداد شعبية ومصداقية يوماً بعد يوم في أعين وقلوب الجماهير العربية, فلم يخفَ عليهم كل الوثائق والمستندات التي كشفتها مؤسسة الأقصى ومشاريعها الإعمارية لحماية المسجد الأقصى المبارك والتصدي لمحاولة تهويد القدس الشريف وإنقاذ الأوقاف الإسلامية والمسيحية من أنْ تجري عليهم يد البطش والطغيان, ولم يخفَ عليهم الدور الذي قام به قادة الحركة الإسلامية من جعل قضية الأقصى في محور إهتمام المؤسسات والدوائر العالمية, ولم يخفَ عليهم تنامي قوة الحركة في الجامعات "الإسرائيلية" بالذات بعد النتائج الأخيرة في جامعات حيفا وتل أبيب والقدس, وتراجع منْ تسميهم "بالقوى المعتدلة" حيث لا يمكن نفي علاقة كلّ ذلك بما حدث.

 

القيادة "الإسرائيلية" في مأزق ثقة منذ حرب لبنان الأخيرة, هي تحاول استعادتها بشتى الطرق, فشلت في لبنان, فشلت في حصار التجويع في غزة, فشلت في محاولات التوصّل إلى تسوية مع قيادة السلطة الفلسطينية, كلّ ذلك خلق بلبلة في صفوفها وجعلها تتخبط في قراراتها وخطواتها, فجاء القرار "الذكي" بضرب مؤسسة الأقصى, التي تمثّل القلب النابض في جسد الأمة العربية والإسلامية في الذود عن حمى المسجد الأقصى والقدس والمقدسات, فبإغلاقها وربطها بتهمة التواصل مع حماس تكرّر "إسرائيل" الدعاية القديمة نفسها التي لا تسمن ولا تغني من جوع, التي كسدت في أسواق البضاعة الإعلامية, إنّ حماس هي الخطر ونحن ندافع عن أنفسنا وما زال الخطر يتهدّد أمننا, فكانت هذه الرسالة, التي رمزت "إسرائيل" بها أنها ما زالت تملك مفتاح الحل وبيدها "الشور والمون" في قضية الأقصى, المفتاح الجوهري للحل, بالذات بعد سفن كسر الحصار التي وصلت غزة ظهر السبت, بعد أنْ فُرِضت على "إسرائيل" فرضاً.

 

أمّا بالنسبة لنا هنا في الداخل, فكانت الرسالة لتلك الجماهير, عشرات الآلاف من الحشود, التي اجتمعت في مهرجان الأقصى في خطر الثالث عشر, أنّكم إذا سرتم مع الحركة الإسلامية أنتم في خطر, لأنّ الحركة تتواصل مع حماس وحماس إرهاب, إذاً فأنتم إرهاب. لأنّكم اخترتم الحركة لتمثّلكم في الجامعات ورضيتم بمؤسساتها ومخططاتها, فعليكم دفع الثمن كما يدفع الشعب الفلسطيني ثمن اختياره لحماس.

 

وأمّا التوقيت, قبل أسبوع من شهر رمضان المبارك, هو لإفشال مخططات مؤسسة الأقصى والحركة الإسلامية لإحياء رمضان في المسجد الأقصى, من مسيرة البيارق بمئات الحافلات, وعشرات آلاف وجبات الإفطار, وذلك لضرب مشاريع التواصل مع المسجد الأقصى وتشتيت الناس من حولها, ليتسنى لهم التقدم في مخططاتهم للاستيلاء على المسجد الأقصى وبناء ما يسمّى بالهيكل.

 

في النهاية نقول, "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون", "والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون".

مقالات متعلّقة

علي ابراهيم

عام من "الطوفان" وما شجن في النفس والعالم!

الثلاثاء 8 تشرين الأول 2024 - 10:54 م

لو سألنا في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أيَّ خبير إستراتيجي أو محلل سياسي، عن التغييرات الكبرى في العالم، والصراعات القادمة فيه، لتحدث عن ملفات عديدة، ابتداء بالصراع الروسي والأوكراني، وتحجيم ا… تتمة »

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »