الأسير المقدسي بسام طلب إدريس
لم تكن قادرة على الدخول الى غرفتها, فكل ما فيها يضج بالخوف والرعب, مشاهد اقتحمت زوايا قلبها وسكنت ذاكرتها لتنبض مع كل دقة قلب بالأسى والحزن والأمل. هي عروس لم يمض على زاوجها 22 يوماً عندما اقتحمت قوات الاحتلال بيتها لتسلبها زوجها, ومعه كل أحلام الحياة من زوج يشاركها أيامها وأمومة تشعرها بامتداد روحها.
15 عاماً لم تكن كفيلة بأن تسلب شادية بريق أحلامها فهي لا زالت تنتظر زوجها الأسير بسام الذي أبى أن يعيش تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي... تنتظره حينما يخرج من سجون الصقيع والظلام تاركاً وراءه سنوات وسنوات من الانتظار , مؤكدة أنها ليست الزوجة الوحيدة التي تنتظر زوجها مضيفة أن عاطفتها تجاه الإنجاب كبيرة وأنها تجاوزت هذة المرحلة.
لم يتبق من سني حكم بسام سوى سنة واحدة, فقد قضى بين الجدران المغلقة ومع القيود الغليظة 15 عاماً بتهمة إلقاء المولوتوف على مواطنين يهود و تشويههم في عملية بالقدس المحتلة والانتماء لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
لحظات الاعتقال
لا زالت زوجة الأسير تذكر لحظات الاعتقال و كأنها حدثت بالأمس, فقد تحدثت عن اعتقاله معلقةً " لحظات الاعتقال ورهبتها مؤلمة جداً, فقد أصبت بصدمة شديدة وامتنعت عن دخول الغرفة وحدي" , أما والدته فقالت "إن اعتقال بسام كان أصعب شئ مر في حياتي و الغصة الكبيرة كانت اعتقالـه وهو لا يزال عريسًا" وهي إذ تستنكر نسيـان ملف أسرى القدس وتطالب بعدم نسيانهم عند التفاوض على الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط متسائلة: لماذا ضج العالم بأسره عندما أسر ولا يهتز لآلآف الأسرى القابعين في السجون الإسرائيلية.
وخاطبت أم طلب ولدها بسام بالقول " يا ابني الله يرضى عليك ويسعدك , اصبر وصابر لك الجنة , والفرج القريب إن شاء الله.
نبذه عن حياة الأسير
ولد الأسير بسام إدريس في مدينة القدس في 1972/4/18 واعتقل في 1993/10/31 و له خمس أخوات وخمسة إخوة , وتقطن عائلته منذ الأربعينات في البلدة القديمة , وقد عمل قبل اعتقاله في منشار بلاط في القسطل, وهو المعيل الوحيد لأسرته.
وكان الأسير بسام قد أصيب قبل اعتقاله بثلاث سنوات برصاصة في يده اليسرى استقرت في يده اليمنى أثناء إحدى المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي , ما أدى تفتت عظم يده وبعد الاعتقال ركزت قوات الاحتلال أثناء التحقيق معه على الضغط على جراح يده حتى تفاقمت حالته , وهو حتى اليوم يعاني من الالام مبرحة في يده.
يوم مقابل دقائق
هي دقائق تخلو من ذلك التواصل الإنساني, أن ترى أحباءك من وراء زجاج صامت وأن تتلمس ملامحهم بعينيك, وأن تختصر بدقائق معدودات شوق أعوام وأعوام من الحرمان, هي دقائق عليك أن تمضي بها على طريق الانتظار الذي ربما لا ينتهي.
لم تر أم بسام ابنها منذ سنوات بسبب وضعها الصحي الذي لا يسمح لها بذلك , وكان مركز شرطة المسكوبية قد سمح لها ولزوجة الأسير بعد ثلاث سنوات من اعتقاله أي منذ 12 عاماً, زيارة خاصة.
أما زوجته التي تحرص على زيارته , فهي تخرج من بيتها في الصباح الباكر, وتجتاز الحواجز والتدقيق والتفتيش المذل, وتعود بعد زيارته في ساعة متأخرة من الليل, وقد مُنعت من زيارته لمدة شهرين بعد أحداث سجن النقب كما أفادت أن بسام تعرض للضرب والإهانات أثناء الحادثة عندما احتج الأسرى على نقلهم من سجن النقب الصحراوي إلى سجون أخرى في الداخل, وقد استشهد حينها رفيقه الأسير محمد الأشقر كما أصيب عدد كبير من السجناء.
يذكر أن زوجة الأسير قد مُنعت من استصدار جواز سفر أردني منذ نحو عشرة أعوام , ويتم رفضه مرارا وتكرارا , كما حُولت الى التحقيق لدى المخابرات الأردنية بسبب اعتقال زوجها.
موعد مع الحرية
سنة واحدة, ويعود بسام لمعانقة الشمس, يعود إلى حريته الى أحلامه المؤجلة, إلى عائلته, إلى كل تفاصيل الحياة الدافئة, سيخرج وقد قضى من عمره 16 عاماً, لن يحمل منها سوى ذكرى مؤلمة, سيخرج ويجد أن القضية التي سجن من أجلها لا زالت كما هي, فما زال العدو يعتدي ويأسر ويُنصب نفسه جهة شرعية, تسلب حياة من تريد, سيجد أن تلك التجربة المؤلمة والسنوات الطوال التي قضاها في الزنانين لن تهز سوى بعض من تبقى لديه بعضاً من ضمير.