بعد سحب هويته المقدسية.. الاحتلال يبعد الأسير المقدسي صلاح الحموري عن القدس
الثلاثاء 20 كانون الأول 2022 - 8:38 م 849 0 أبرز الأخبار، تقرير وتحقيق | صلاح الحموري |
موقع مدينة القدس l فجر الأحد 2022/12/18، رحّلت سلطات الاحتلال المعتقل الإداري صلاح الحموري إلى فرنسا بعد سحب هويّته المقدسية قبل عام، حيث تفاجأ الحموري بنقله في سيارة عسكرية من سجن هداريم إلى مكان مجهول عند منتصف الليل، وتم احتجازه في السيارة مكبلًا بيديه وقدميه حتى الساعة السادسة والنصف صباحًا ليتفاجأ حينها بنقله إلى الطائرة، ظل الحموري مكبلًا طوال الرحلة ولم يسمح له بالدخول إلى دورة المياه إلا مرةً واحدة بعد إصرار وعدة طلبات.
وكانت محكمة الاحتلال في اللد قررت، في 2022/12/6، تأجيل البت في قضية سحب الهوية المقدسية من الحموري وإبعاده عن القدس، بعد نحو أسبوع من صدور قرار قضى بإبعاده إلى فرنسا. هوية المحامي المقدسي صلاح الحموري وإبعاده إلى فرنسا.
صلاح الحموري: مسلسل من الاعتقالات وصولاً إلى الإبعاد
في 7/3/2022، اعتقلت قوات الاحتلال صلاح الحموري بعد اقتحام منزله في كفر عقب، وأصدر القائد العسكري بحقه أمر اعتقال إداري لمدة 3 أشهر تنتهي في 2022/6/6، وثبّت القاضي العسكري أمر الاعتقال على كامل المدة. وفي اليوم المحدد للإفراج عنه، جدّد الاحتلال أمر الاعتقال الإداري 3 أشهر أخرى تنتهي في 2022/9/5 ثُبتت على كامل المدة. وعادت سلطات الاحتلال لتجدّد أمر الاعتقال الإداري بحق صلاح في 9/5 لمدة 3 أشهر تنتهي في 2022/12/4، وقابلة للتجديد إلى أجلٍ غير مسمى.
لم يكن هذا الاعتقال الأول بحقّ صلاح، ففي 2020/6/3، اعتقلته قوات الاحتلال للمرة الخامسة ونُقل إلى مركز تحقيق المسكوبية، وأفرج عنه في 2020/7/7 بشروط تتضمّن منعه من التواصل مع عدد من الأشخاص 90 يومًا، ودفع كفالة بقيمة 2000 شيقل، بالإضافة إلى كفالة شخصية وكفالة طرف ثالث بقيمة 1000 شيقل لكل واحدة. كما اشترط القرار على صلاح الحضور للتحقيق أو إلى جلسات المحاكم عندما يُطلب منه ذلك.
ووفق مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، اعتقل صلاح لأول مرة عام 2001 واستمر اعتقاله 5 أشهر، وأعيد اعتقاله عام 2004 بأمر اعتقال إداري 5 أشهر أخرى، ثم عام 2005، واستمر لمدة 7 سنوات، وفي هذا الاعتقال، تدخلت القنصلية الفرنسية في قضيته لمحاولة التوصل لاتفاق من أجل الإفراج عنه، وعرضت على صلاح عبر محاميته صفقة بالإبعاد إلى فرنسا لمدة 10 سنوات ويتحرر بناء عليها من الأسر مباشرة ويسافر إلى فرنسا، ويعود بعدها للقدس من دون أي شروط أو قيود، أو أن يحكم في حال رفض الصفقة بالسجن الفعلي لمدة ما يقارب 10 سنوات، لكن صلاح رفض هذا العرض، ورفض أن يتم تمييزه عن باقي الأسرى الفلسطينيين. وفي كانون الأول/ديسمبر 2011، أفرج عن صلاح في صفقة وفاء الأحرار، على الرغم من أنّ المدة المتبقية له في الأسر كانت أقل من 3 أشهر، لكن الاحتلال تعمّد اختيار أسرى كانت حريتهم على مرمى حجر.
قرار سحب الإقامة: "خرق الولاء" لدولة الاحتلال
في 2020/9/3، اسُتدعي صلاح لمركز تحقيق المسكوبية وسُلّم إشعارًا بسحب إقامته المقدسية من قبل وزير داخلية الاحتلال بادّعاء أنّه ناشط في تنظيم محظور بموجب الأوامر العسكرية، وأنه معتقل سابق لعدّة مرات على "مخالفات أمنية" قضى في إحداها 7 سنوات. وجاء في الإشعار أنه يمكن لصلاح تقديم ادعاءاته خلال 30 يومًا، ليتم فحصها ومن ثم إصدار القرار النهائي المتعلق بإقامته.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، صادق المستشار القضائي لحكومة الاحتلال ووزير القضاء الإسرائيلي على قرار سحب هوية صلاح وحرمانه من الإقامة في القدس بذريعة "خرق الولاء" لدولة الاحتلال.
13 ألف مقدسي حرمهم الاحتلال من الهوية منذ عام 1995
قالت صحيفة "هآرتس" العبرية، في 2022/12/19، إنّه منذ عام 1995، سلبت سلطات الاحتلال الإقامة من آلاف الفلسطينيين، ومنعتهم من الإقامة بالقدس قبل أن ترحّلهم إلى الضفة الغربية المحتلة أو قطاع غزة، أو هجّرتهم وطردتهم إلى خارج فلسطين. وتتذرّع سلطات الاحتلال بأنّ مركز حياة هؤلاء لم يعد القدس، بل الضفة أو الخارج.
ورفضت وزارة الداخلية في حكومة الاحتلال منح الإقامة لـ13 ألف فلسطيني من سكان القدس، منذ عام 1995 حتى يومنا هذا، حيث حرمتهم من السكن في القدس، وفق تقرير "هآرتس".
وقالت الصحيفة: ""بالصدفة فقط، بما أن الحموري مواطن فرنسي، أمكن ترحيله خارج الحدود، لكن المقدسيين الآخرين الذين سيحرمون من مكانتهم، سيرحلون إلى أحد الجيوب الفلسطينية في الضفة الغربية، وربما لغزة التي تستخدمها إسرائيل كمستعمرة عقابية منذ الانتفاضة الثانية، أو سيبقون في القدس محرومين من حقوق الإقامة الأساسية (العلاج الطبي والدراسات بشكل أساسي)، ما سيكون له بالتأكيد تأثير سلبي في عائلاتهم أيضًا".
الأمم المتحدة: إبعاد الحموري انتهاك خطير وجريمة حرب
دان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في 2022/12/19، ترحيل سلطات الاحتلال الأسير المقدسي صلاح الحموري الذي كان رهن الاعتقال الإداري من مدينة القدس.
وقال متحدث المكتب جيرمي لورانس، في بيان، إن "المكتب يدين ترحيل إسرائيل للمدافع عن حقوق الإنسان الفلسطيني-الفرنسي صلاح الحموري إلى فرنسا".
وجاء في البيان: "نشعر بقلق بالغ إزاء الرسالة المروعة التي توجه إلى العاملين في مجال حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأوضح بيان مكتب الأمم المتحدة أن "القانون الإنساني الدولي يحظر إبعاد الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة، ويمنع صراحة إجبارهم على الانصياع لقوة الاحتلال". وأضاف: "يعتبر ترحيل شخص محمي من الأراضي المحتلة انتهاكًا جسيمًا لاتفاقية جنيف الرابعة، ويشكل جريمة حرب".
وأشار البيان إلى أن ترحيل الحموري "يسلط الضوء على الوضع الهش للفلسطينيين في القدس الشرقية، حيث منحتهم سلطة الاحتلال وضع إقامة قابل للإلغاء بموجب القانون الإسرائيلي"، وبيّن أنّ ترحيل الحموري "يمثل تدهورًا خطيرًا آخر لوضع المدافعين الفلسطينيين عن حقوق الإنسان".
ودعا المكتب الأممي دولة الاحتلال إلى "التراجع عن أمر الترحيل والتوقف عن استخدام مثل هذه المزاعم لوقف العمل المشروع في مجال حقوق الإنسان".
العفو الدولية: إبعاد الحموري يتخطّى محاولة عرقلة عمله في مجال حقوق الإنسان
قالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية هبة مرايف: "أمضى صلاح الحموري بالفعل تسعة أشهر في الاعتقال الإداري من دون تهمة أو محاكمة هذا العام، انتقامًا منه على حملته الدؤوبة من أجل إنهاء نظام الفصل العنصري الإسرائيلي (أبارتهايد) ضد الفلسطينيين. هذه الخطط الأخيرة ليست مجرّد محاولة وقحة لعرقلة عمل صلاح في مجال حقوق الإنسان، بل هي أيضًا تعبير عن الهدف المخيف للسياسات الإسرائيلية على المدى الطويل والمتمثل في خفض عدد الفلسطينيين المقيمين في القدس الشرقية".
وأضافت، في بيان صحفي في 2022/12/2: "يشكل الترحيل غير القانوني من الأراضي الفلسطينية المحتلة انتهاكًا جسيمًا لاتفاقية جنيف الرابعة وجريمة حرب. كما يشكل الترحيل الذي يتم بهدف إدامة نظام الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية. وتخضع جميع هذه الجرائم للولاية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، التي فتح المدعي العام فيها تحقيقًا حول الوضع في فلسطين. نكرّر دعوتنا إلى إدراج جريمة الفصل العنصري في ذلك التحقيق؛ وضرورة محاسبة السلطات الإسرائيلية".