الأسير المقدسيّ إبراهيم عليان
عنفوان في الأسر
واحدٌ وعشرون عامًا من العذاب والقهر والإذلال، واحدٌ وعشرون عامًا مرّت كأنّها ألف سنةٍ مما تعدّون، ولكنْ على الرغم من ذلك لم تحطّم وحشة السجن إرادة وعنفوان الأسير إبراهيم عليان.
اعتُقِل الأسير إبراهيم بتاريخ 19/10/1986 بعد ثلاثةِ أيّام من عمليّة باب المغاربة، وقد وُجّهت له تهمةُ المشاركة في العملية مع الأسيريْن عبد الناصر وطارق حليسي، والانتماء لتنظيم عسكري، وحُكِمَ علية بالسجن المؤبد، علمًا أنّ إبراهيم اعتُقِل أوّل مرة عام 1982 عندما كان عمره نحو 15 عامًا مع مجموعة من رفاقه بتهمة حرق سيارات المتطرّفين وعدة نشاطات وفعاليات أخرى، حيث سُجِن لمدة عامٍ ودفع غرامة مالية قدرها خمسة آلاف شيكل (1428 $).
وأثناء اعتقاله الأخير تعرّض لصنوفٍ مختلفة من التعذيب استمرّت قرابة ثلاثين يومًا متتالية، كما تمّ التغرير به لاغتياله، فبينما كان متوجّهاً إلى المحكمة وهو مقيّد اليدين والساقين طلب منه ضابط المخابرات الهروب وادّعى أنّه متعاطف معه، حينها أمسك إبراهيم بالضابط وقال له: "أنا لا أهرب"، حيث فهم أنّ الضابط يريد قتله بحجّة أنّه حاول الهرب.
وقامت سلطات الاحتلال بإصدار قرارٍ بإغلاق منزل عائلة الأسير إبراهيم بعد اعتقاله لمدة عشر سنوات، وقد داهمت المخابرات المنزل عدّة مرّات للتأكّد أنّ المنزل ما زال مغلقاً، وقد تمّ فتحه ضمن حملة فتح المنازل من قِبَل مبارك عوض، وقد قطنه شقيقه بعدها، وبعد تهديد سلطات الاحتلال لعائلة إبراهيم بإغلاق المنزل، اضطر أشقاؤه للاستدانة من أجل بناء منزلٍ يؤويهم لعدم وجود منزلٍ بديل عنه.
وخلال فترة اعتقاله الطويلة تنقّل بين عدة سجون الاحتلال مثل المسكوبية، السبع، الرملة، شطة، عسقلان، فيما يمكث الآن في سجن بئر السبع. كما شارك في العشرات من الإضرابات عن الطعام الجزئية والطويلة كان أبرزها أعوام 1988، 1991، 1992، 1995، 2000، 2004، وغيرها من الإضرابات الاحتجاجية.
همجية الاحتلال:
خلال الاعتقال أصيب الأسير إبراهيم بإنسدادٍ في الشرايين وأُجرِيت له عملية جراحية في القلب في مستشفى "تل هشومير"، حينها تعرّضت حياته للخطر، فتوجّهت عائلته لعضو الكنيست سابقًا عبد الوهاب دراوشة للتدخّل وإنقاذ حياته، الذي بدوره أرسل كتابًا لوزير شرطة الاحتلال طالبه فيه بمعالجته أو إطلاق سراحه، وقد صدر حينها كتابٌ رسمي من وزير شرطة الاحتلال يصادق فيه على إطلاق سراحه بناءً على التوصية الطبيّة أثناء وجوده في سجن عسقلان ما بيْن عاميْ 1994–1995، ولكن مصلحة السجون رفضت إطلاق سراحه.
وأُجرِيت للأسير عملية جراحية حيث وُضِع صمّام بلاستيكيّ له، ولكن حتى المرض لم يشفعْ له، يصف أخوه محمد حالته بعد خروجه من غرفة العمليات بقوله: "لقد صُدِمت عندما دخلت إلى غرفته في المشفى بعد إجراء العملية فشاهدته مقيّد اليدين والرجلين، هذا أبسط دليل على تجرّد الاحتلال من الإنسانيّة حتى أنّه يمارس جرائمه على المرضى".
وما يزال الأسير إبراهيم حتى وقتنا الحالي يتناول دواءً مميّعاً للدم، فيما كُتِبَت توصيةٌ في تقريره الطبّي تُشيرُ إلى وجوب وضعه في سجن قريب من المستشفى ولكن ذلك لم يُنَفَّذْ مما يُعَرِّضُ حياته دائمًا للخطر.
عقاب جماعي لعائلة الأسير:
أمّا أسرة إبراهيم فقد تعرّضت منذ اعتقاله إلى محاولات متعددة للاعتقال، يقول شقيقه محمد: "منذ اليوم الأول لاعتقال إبراهيم حتى اليوم ومخابرات الاحتلال ما زالت تلاحقنا، ففي عام 1988 تم اعتقالي بتهمة مساعدة التنظيمات الإرهابية لمدة 14 شهرًا، وشقيقي علي (أبو حسن) تم التحقيق معه لمدة 20 يومًا في المسكوبية، وشقيقتي زينب التي تقطن في عمّان اعتقلت وهي قادمة برفقة زوجها وطفلها الصغير فور دخولها إلى الضفّة الغربيّة عبر جسر الملك حسين على الحدود مع الأردن، حينها أخذوا منها طفلها وأعطوه لزوجها ثم اعتقلوها، دون أنْ نعرف مكان اعتقالها، فمرّةَ يقولون لنا إنّها في بيت لحم ومرّةً الخليل ونابلس، فيما سأل المحامي عنها في مركز شرطة المسكوبية ولكنّ الشرطة نفَتْ وجودها هناك، وقد مرّت علينا ستة أيام دون أنْ نعرف مكان اعتقالها مما زاد من خوفنا وقلقنا عليها، وبعدها تحايل المحامي على الشرطة في المسكوبية وقال لهم (لقد اتّصلت بضابط المخابرات في الجسر وقال لي إنّ زينب معتقلة عندكم) فأجاب إنّها بالفعل عندنا ونريد إخلاء سبيلها.
وأضاف: "ما جرى هو عملية خطفٍ لشقيقتي، فاسمها لم يكنْ مسجّلاً في سجلّ المطلوبين، ولدى إفراجهم عنها أخرجوها من الباب الخلفي ومعها حقيبة السفر، بينما كنّا ننتظر الإفراج عنها أمام مركز المسكوبية، وقد تحدّثت لنا عن تعذيبها في زنازين المسكوبية العتمة، وإصدار الأصوات المخيفة ليلاً لتخويفها والتأثير على وضعها النفسي".