الأسير المقدسيّ المحرّر بدر حسن الحرباوي
دموع بدموع
كما استقبل خبر وفاة والديْه بالدموع، ودّع الأسير المحرّر أصدقاءَه الأسرى في سجن "إيشل" بالدموع، فقد عاش معهم في الغرفة ذاتها وقاسمهم الأحلام والآلام لمدة خمسة عشر عامًا، لكن لقاء الأهل الذين انتظروه خفّف من وطأة الحزن، ولكنّه لم ولنْ ينسى معاناته في سجون الاحتلال، وأصرّ أنْ تكون وجهته الأولى بعد الإفراج عنه إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه والدعاء لكافة المعتقلين بالفرج العاجل.
خمسة عشر عامًا مضتْ من حياة الأسير المحرّر بدر الحرباوي الذي وُلِد بتاريخ 12/10/1970، واعتُقِل بتاريخ 31/10/1993، تشابهت فيها الأيام وطغَتْ عليها الدموع والآلام، ولعلّ أصعب لحظات السجن كانت وفاة الوالديْن دون وداع.
يقول شقيق الأسير بدر: "لقد تلقّى شقيقي بدر أكبر حكْمٍ دون أنْ يكون لديه اعتراف، فقد وجّهت له تهمة الانتماء لحركة حماس والمشاركة في إلقاء زجاجات المولوتوف على اليهود بالقرب من سينما تيك".
تعرّض للتعذيب لمدة 45 يومًا، وبقِيَ لمدة عامين موقوفاً في مركز شرطة المسكوبية حيث قضى خلالها شهرين في الزنزانة الانفرادية، وخضع لعشر جلسات في محاكم الاحتلال، حتى تم إصدار الحكم بحقّه لمدة 15 عامًا.
يتحدّث الأسير المحرّر بدر الحرباوي بحزنٍ عن وضع الأسرى المقدسيّين الذين لم تشملْهم أي اتفاقية أسرى ولم يتمكّن أيّ وزيرٍ للأسرى من زيارتهم بعد منع إدارة السجون ذلك، حتى المحامي كان يعاني من الصعوبات التي تفرضها سلطات الاحتلال على الزيارة، حيث تخضع الزيارة للمراقبة وأيّ ملاحظات يأخذها المحامي من الأسير أو أوراق يتم فحصها قبل مغادرة المحامي السجن.
ويضيف الحرباوي أنّ سجن "إيشل" يضمّ 18 أسيرًا مقدسيًا معظمهم من ذوي الأحكام العالية، وقال: "تتعامل معنا إدارة السجن على أنّنا مواطنون إسرائيليون حين يدور الحديث عن إفراجات أو صفقات تبادل، في حين تتناسى ذلك عندما نطالب بحقوقنا كأيّ مواطن يحمل الهوية الزرقاء"، وقال: "إنّ إسرائيل تحاول جاهدةً أنْ تقنع العالم بأنّ أسرى القدس هم إسرائيليّون خالفوا القوانين الإسرائيلية ويجب أنْ ينالوا العقاب المناسب لذلك".
كما أنّ دولة الاحتلال تمارس أسوأ أنواع المعاملة مع الأسرى، حيث تعمل إلى نقلهم من سجن لآخر، بالإضافة إلى منعهم من الشمس والرياضة يوميْ السبت والأحد، كما أنّ هناك نقصاً في الاحتياجات الأساسية للأسرى من مأكل وملبس وغيرها، حتى أنّ السجين يضطر أحيانًا للسير بلا حذاء.
أمّا بالنسبة للإهمال الطبي فحدّث ولا حرج، فدولة الاحتلال تتعمّد إهمال الحالات المرضية للأسرى، فهناك العديد من الحالات المرضية المحتاجة للعمليات والعلاج المهملة.
وبدوره، كان الأسير المحرّر بدر يعاني من كسرٍ في أنفه ولعدم تقديم العلاج المناسب لهم داخل السجن أدّى إلى إصابته بضيق التنفس.
وحول دور الصليب الأحمر في خدمة الأسرى، أعرب الحرباوي عن أسفه الشديد لتقصير الصليب الأحمر في عناية الأسرى، وقال: "معظم مطالب الأسرى من الصليب الأحمر لا تُوفَّر، وكذلك لا نلمس الاهتمام الكافي من قِبَله في مشاكلنا ومعاناتنا"، مضيفاً: "باستمرار نعرِض على الصليب الأحمر الحالات المرضية والإنسانية إلا أنّه لا يهتم لذلك، كذلك نطلب منه مواد ترفيهيّة أو كتباً ولا يتمّ توفيرها". وطالب المؤسسات الدولية وضع قضية الأسرى في أعلى سلم الأولويات، مناشدًا السلطة بضرورة العمل بجهدٍ لتوفير حاجات الأسرى من المأكل والملبس.
زيارة الأهل
أمّا زيارة الأهل فكانت تقتصر على الأقارب من الدرجة الأولى، ممّا ولّد شعورًا بالغربة للأسير المحرّر حتى بعد تحرّره حيث عبّر عن ذلك بعد خروجه من السجن بقوله: "لقد صدمت حين خرجت من السجن ولم أكنْ أعرف أحدًا من الأقارب من الدرجة الثانية والثالثة، ولكن تعاطف الأهل والجيران معه أعاد له شيئًا من الأمل الذي فقده من سنوات.