الأسير المقدسيّ ناصر موسى أحمد عبد ربه
عميد الأسرى المقدسين
بين الولادة في 5/1/1967 والأسْر في 9/2/1988، لم يدركْ الأسير ناصر عبد ربه أنّ هذه السنوات هي آخر عهده في الحرية. اعتُقِل ناصر وهو في العشرين من عمره ويعتبر اليوم واحدًا من عشرات الأسرى الفلسطينيين والعرب الذين يطلق عليهم مصطلح "عمداء الأسرى" وهم من مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عامًا بشكلٍ متواصل ولا زالوا في الأسْر، مع العلم أنّ التهمة التي وجّهت لناصر بعد اعتقاله هي حريق سيارات والمشاركة بالمظاهرات وحريق أعلام وفْق ادّعاء سلطات الاحتلال وحُكِم لمدة ثلاثة سنوات، وقبل أنْ تنتهي فترة محكوميته بشهرين والإفراج عنه، قام بقتل عميلٍ كان موجوداً معه في سجن شطّة، حينها كان ناصر أصغر المعتقلين وتحمّل قضية قتل العميل لوحده، وتمّ إصدار حكمٍ بحقه يقضي بسجنه مدى الحياة وبالتحديد سبع وثلاثين عاماً وثمانية أشهر حسب إفادة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
تقول والداته: "شعرت بقلبي يدقّ من شدّة الخوف بلا سبب، ليلتها طوّقت مخابرات الاحتلال المنزل من جميع الجهات، واعتقلوه بينما كان نائمًا في وقاموا بتعصيب عينيْه قبل اقتياده إلى السجن وهو يرتدي البيجامة وحافي القدمين ولم يكفّوا عن ضربه بالهروات، حينها ركضت خلفهم وأنا أصرخ وأرشقهم الحجارة".
ويعاني الأسير ناصر من مرض الشقيقة في الرأس من شدّة ضربه أثناء التعذيب، وظهر في عينه ظفرٌ لحمي قبل عشر سنوات، وقد تمّ نقله للعلاج عدة مرات إلى مستشفى سجن الرملة من أجل إزالة الظفر اللحمي، وبالرغم من حاجته لإجراء عملية جراحية إلا أنّ الإدارة تماطل حتى الآن في إجرائها له، وبسبب معاناته من أوجاع كثيرة في رأسه وعينه اضطر إلى ترك دراسته بعد أنْ درَس علوماً سياسية لمدة عامين في الجامعة العبرية.
الرحلة الحتمية وصمود أم وأخت
تنقّل الأسير ناصر مثله مثل باقي الأسرى من سجنٍ لآخر حيث مكث في كافة السجون تقريبًا فسجن في نفحة، هداريم، المسكوبية، الجلمة، شطة، عسقلان، بئر السبع، أبو كبير، الرملة واستقرّ به الحال منذ ثلاث سنوات في سجن "هشارون".
وخلال سنوات الانتقال القاسية لم تتوانَ والدته أم أحمد على الرغم من حالة الألم والحرمان التي تعيشها بسبب عدم الإفراج عنه من جهة، ومرضها الشديد وعدم قدرتها على السير من جهة أخرى، من زيارته متحمّلةً البرد والثلج والحر والشمس، ولم تفرّط بالمشاركة بالاعتصامات في مقر الصليب الأحمر في القدس أو أمام سجون الاحتلال وفي بيت الشرق الفلسطيني للتضامن مع ابنها والأسرى والمطالبة بالإفراج عنهم، متحدّيةً سنّها حيث بلغت 76 عامًا، ورغم ذلك فإنّها ما زالت تناضل من أجل إيصال صوتها للمسؤولين والرأي العام والتذكير بوجود ولدها داخل أقبية الاحتلال، رغم أنّها أصيبت بخيبات أملٍ متعدّدة بسبب الوعود الكاذبة التي تتلقّاها وغيرها من أهالي الأسرى من قِبَل المسؤولين الفلسطينيين الذين عجزوا عن إدراج الأسرى المقدسيّين ضمن أيّ صفقة تبادل للأسرى.
تقول أم أحمد واصفةً شعورها عند سماعها عن إفراجات: "عندما أسمع بحدوث عملية تبادل للأسرى، أتأمّل أنْ يُفرَج عن ابني معهم، ولكن عندما يتمّ الإفراج عن الأسرى الذين لم يتبقَّ من أحكامهم سوى عدة أشهر، أشعر بقمة الإحباط والألم، ومن كثرة الصدمات وخيبات الأمل لم نعدْ نهتمّ أو نصدّق ما يُقال عن عمليات التبادل، ولكنْ أملنا كبير بربّ العالمين الذي لا يخيب لديه دعاء أو رجاء".
بالمقابل ضحّت شقيقته حنان (42 عامًا) بحياتها من أجل شقيقها ناصر وزيارته في السجن ورعاية والدتها المريضة ورفضت الزواج خوفًا من حرمانها من رعاية والدتها وشقيقها.
تقول حنان: "كيف أترك أمي لوحدها..؟ وهل سيسمح لي زوجي أنْ أستمرّ بزيارة شقيقي في السجن؟ لقد ألغيت فكرة الزواج من رأسي منذ اعتقال ناصر، فبدون زواجٍ أقدر على رعاية والدتي وناصر بحرية أكبر، وهذا أبسط ما أقدّمه حيال أمي وشقيقي".