الأسير المقدسيّ محمود محمد أحمد عطون
بطل وحكاية
غرفته، سريره، مكتبته، صوره، أصبحت الحقائق الملموسة التي تثير شجون والدة الأسير محمود عطون، وتحنّ دومًا إليها عندما تشتاق لولدها الذي يفارقها بجسده، ولكن ذكرياته ووجوده الدائم في المنزل يجدّد الأمل والحياة والصبر في قلب والدته أم أحمد.
ما زالت غرفة محمود تنتظر عودته وسريره وصوره وشهادة التوجيهي وطاولته ومكتبته موجودة منذ 15 عامًا ولم يتغيّرْ عليها شيء منذ أنْ تركها لحظة اعتقاله.
وُلِد الأسير محمود محمد أحمد علي عطون بتاريخ 25/9/1970، واعتُقِل بعد مطاردةٍ في شارعٍ بين بيت لحم والقدس بتاريخ 3/6/1993، وتعرّض لتعذيبٍ استمرّ شهرين، وقضى 15 عامًا من مدة محكوميته البالغة ثلاثة مؤبدات و40 عامًا.
في سابقة غريبة.. الكنيست يفتح يوم السبت للإعلان عن اعتقال خليةٍ لحماس:
اعتُقل محمود لمشاركته في خلية الوحدة الخاصة لعز الدين القسام التابعة لحركة "حماس"، والتي قامت بخطف ضابط حرس الحدود "نسيم طوليدانو" من الرملة، وأحضروه لمنطقة الخان الأحمر في طريق أريحا، وذلك بهدف الإفراج عن أسرى حماس من سجون الاحتلال، وفي مقدّمتهم الشيخ أحمد ياسين –رحمه الله-، وذلك عن طريق إبلاغ مجموعة هيئة الصليب الأحمر بعملية الخطف وشروطهم، في حينها رفضت سلطات الاحتلال طلبهم، وبعد يوميْن قتلت المجموعة الجنديّ، ثمّ استمرّت المجموعة في محاولات خطف الجنود، حيث قامت بقتل شرطيّيْن في الخضيرة بوادي عارة، ثم حاولوا خطف قائد حرس الحدود في بيت ليد في الداخل الفلسطينيّ المحتلّ عام 1948، وقد فشلت المحاولة حيث أطلقوا عليه الرصاص وأصابوه بعدة طلقات نارية، واستمرّوا على هذا النهج من أجل القيام بعمليات تبادل أسرى، وبعد مدةٍ تمّ إلقاء القبض على أفراد المجموعة، حيث كانت أول عملية خطف قامت بها المجموعة في تاريخ 21/11/1992، في حين تمّ اعتقال الخلية في عام 1993، مع العلم أنّه وللمرة الأولى في تاريخ حكومة الاحتلال تفتح الكنيست أبوابها يوم السبت من أجل الإعلان عن اعتقال الخلية.
ووصف والده أبو أحمد -الذي اعتُقِل عام 1998 لمدة عام على خلفية حيازته سلاحاً- أنّ قتل الجندي "نسيم طوليدانو" بأنّها العملية الأولى النوعية في تاريخ دولة الاحتلال والجهاد الفلسطينيّ التي تمّت على أيدي المجاهدين البواسل، فمن شدّة خطورتها هزّت الكيان في الداخل والخارج، وكان لها صدى كبير على مستوى التنظيمات المجاهدة والمقاومة في فلسطين، لأنّها عملية قام بها أبطال بواسل بشكلٍ فردي، فالمجموعة لم تقتلْ يهوداً مدنيين وإنما جنوداً يلبسون الزي العسكري في القدس والداخل.
مطاردة شرسة لبطل
وفي يوم اعتقال محمود، قدم عددٌ كبير من أفراد المخابرات إلى منزله، وقاموا بمداهمته وتفتيشه بشكلٍ دقيق جدًا، وتدمير كافة محتوياته وزجاج نوافذه والأثاث وألقت نحو عائلته الغاز المسيّل للدموع واعتدوا على أفرادها بالضرب المبرح.
ولكن حينها لم يكنْ محموداً في المنزل، وقد اعتقلوه بينما كان يقود سيارته نوع "فورد سيرا" في "رامات راحيل" بتل بيوت، حيث كانت جميع الشوارع حينها مرصودة من قِبَل أفراد المخابرات والشرطة، ففوجىء بسيارتيْ مخابرات تقوم بتعطيل حركة السير، ثم قامت بمحاصرته من كافة الجهات وألقت القبض عليه.
والأسير محمود معتقل حاليًا في سجن "إيشل" في بئر السبع، ويتعرّض للنقل من سجنٍ لآخر كلّ عام أو كلّ 15 شهرًا، وذلك منذ أنْ جرت عملية الهروب من سجن عسقلان من قِبَله ومن قِبَل محمود عيسى وماجد أبو قطيش ومروان ابو ارميلة وحافظ قندس، من وقتها لم يرَوْا بعضهم البعض حيث قامت إدارة السجن بتوزيعهم على سجونٍ مختلفة، فيما تعرّض محمود لعزلٍ انفرادي بعد ستّ سنوات من اعتقاله لمدة ثلاث سنوات في بئر السبع .ويعاني حاليًا من أوجاعٍ في المفاصل، ويعاني من مشكلةٍ في الرجل اليسرى (الركبة).
ومن الجدير ذكره أنّ الأسير محمود هو شقيق الأسير النائب أحمد عطون عن دائرة القدس والمعتقل منذ تاريخ 29/6/2006، وشقيق الأسير إياد الموقوف حاليًا في مركز شرطة المسكوبية منذ تاريخ 11/12/2007.