مقابر القدس الإسلامية.. الضحية المنسية للتهويد..
الإثنين 6 حزيران 2016 - 1:44 م 12390 0 مقالات |
محمد أبو طربوش
مدير الإعلام في مؤسسة القدس الدوليةمحمد أبو طربوش
للمقابر الإسلامية في القدس ميزة خاصة، فقد دفُن فيها على مدار السنين عدد كبير من الصحابة والمجاهدين والعلماء والأمراء والقادة العسكريين ممن استشهدوا في الحروب الصليبية وأقاموا بالمدينة للمشاركة في الحامية العسكرية طوال العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية. هذه المقابر تتعرض شأنها شأن بقية أراضي القدس إلى اعتداءات مستمرة من دولة الاحتلال ومستوطنيها من أجل القضاء على التراث العريق الذي تضج به أراضي القدس ومبانيها، وكما يقال إن صدق روايات التاريخ تدل عليها الآثار.
يوجد للمسلمين في القدس مقابر كثيرة منها ما اندثر مع الزمن ومنها مازال إلى الآن مستعملاً رغم الاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها، وأبرز هذه المقابر: مقبرة مأمن الله، مقبرة الساهرة، مقبرة باب الرحمة، المقبرة اليوسفية، ومقبرة النبي داود، وهناك تُرَب أو مدافن كثيرة في القدس، نذكر منها: "تربة علاء الدين البصري بباب الناظر، والتربة الأوحدية، والتربة الجالقية، والتربة السعدية، والتربة الكيلانية، وتربة القرمي، والقيمرية، تربة توركان خاتون، التربة الطشتمرية، تربة المثبت، تربة الملك حسام الدين بركة خان، تربة المهمازية، تربة الست طنشق، تربة الشيخ جراح، ضريح عكاشة"، "تربة الإخشيديين وتقع في مقبرة باب الأسباط وبها قبر " محمد بن طنج الأخشيد " مؤسس الدولة الأخشيدية في مصر وقبر انوحور بن محمد الأخشيد وقبر على الأخشيد شقيق انوحور"، مدفن الشيخ درباس، التربة الطازية، تربة الطنبغا، قبر".
مقابر القدس وأبرز الاعتداءات:
1- مقبرة ماملا أو مأمن الله: اختلف الباحثون في تفسير معنى ماملا فقيل أنها مشتقة من(ماء ملا) وهو اسم مكان، وقيل أن ماملا اسم لقديسة ، وقيل أنها مشتقة من (ماء ميلو) وهو اسم الحي الذي كان هناك، أما كلمة مأمن الله فتعني باب الله. والجدير ذكره إنه دفن في هذه المقبرة ما يقرب من(70000) من شهداء المسلمين الذين قتلهم الصليبيون في ساحات الأقصى.
تقع غربي مدينة القدس القديمة على بعد كيلو مترين عن باب الخليل، وهي من أكبر المقابر الإسلامية في القدس وتُقّدر مساحتها حوالي مئتي ألف متر مربع(200 دونم)، بينما قدّرها المهندسون بتاريخ 16/4/1929 بـ(137.450.29م2) أي بنحو 137 دونماً ونصف، علماً أن هذا التقدير من المساحة استثنى حينها منها بناية الأوقاف التي كانت مبنية على جزء من الأرض الوقوفة للمقبرة، كما استثنى مقبرة الجبالية التي كانت مقامة على القندرية، التي يفصلها الشارع عن مقبرة مأمن الله، وعندما سجلت المقبرة في سجلات دائرة الأراضي- الطابو- بتاريخ 22/3/1938 سجلت مساحتها(134.560 دونم) واستُصدرت بها وثيقة تسجيل أراضي"كوشان طابو" ضمن أراضي الوقف الإسلامي. وقد أصبحت هذه المقبرة في وسط البنيان بسبب اتساع المدينة وازدياد عدد السكان، ولهذا حُظر دفن الأموات فيها سنة 1927م بناءً على قرار صدر عن المجلس الإسلامي الذي كان يترأسه وقتها المفتي أمين الحسيني.
تعرضت مقبرة مأمن الله للاعتداءات التالية:
1- بتاريخ 15/7/1937 حوَّل أحد المستوطنين اليهود بصورة خفية مواسير المياه الصرف الصحي القذرة غربي المقبرة، وكانت القدس في ذلك الوقت تحت الاحتلال البريطاني.
2- 9/12/1937 قام اثنان من عمال البلدية التابعة للاحتلال البريطاني بهدم قسم من سور المقبرة، وإلقاء الأنقاض والأوساخ فيها.
3- بتاريخ 13/12/1937 أصدر أحد مهندسي البلدية أمراً إلى عماله بهدم قسم من سور مقبرة مأمن الله من الجهة الشمالية وإلقاء أتربة الشارع المجاور فيها.
4- في شهر نيسان 1947 استولى الجيش البريطاني على المقبرة وأقام فيها، كما قام بهدم أجزاء من سور المقبرة.
5- سنة 1948 استولت دولة الاحتلال على المقبرة واعتبرتها ضمن الأملاك المحالة إلى ما أسمته حارس أملاك الغائبين.
6- سنة 1967 حولت حكومة الاحتلال جزءاً كبيراً من المقبرة إلى حديقة عامة دُعيت "بحديقة الاستقلال"، بعد أن جرَفت القبور ونبَشت العظام البشرية.
7- سنة 1985 انشأت وزارة المواصلات موقفاً للسيارات على جزء كبير من المقبرة.
8- في أعوام 1985،1946،1987 دُمرت عشرات القبور وبُعثرت عظام الموتى بحجة تمديد شبكات مجاري، وتوسيع موقف السيارات.
9- في 15/11/ 2000 قامت شركة الكهرباء في دولة الاحتلال بأعمال حفريات في المقبرة ما تسبب بتناثر عظام الموتى بحجة تمديد أسلاك كهرباء في باطن الأرض.
10- استخدام جزء من المقبرة كمقر رئيس لوزارة التجارة والصناعة في دولة الاحتلال.
11- في شهر أيلول 2002 أعلنت المؤسسة الإسرائيلية في دولة الاحتلال عن نيتها إقامة مبنى للمحاكم الإسرائيلية في منطقة المقبرة.
12- وتتعرض المقبرة اليوم لعمليات التهويد المنظم عن طريق إقامة مشروع استيطاني يسمى بمركز الكرامة الإنساني "متحف التسامح" في مدينة القدس بمشاركة حاكم ولاية كاليفورنيا الأمريكية آرنولد شوارتزنيجر، وقد شرعت بإقامة المتحف شركتا "فيزنطال سينتر" و"أس دبليو سي ميوزميم" على أرض المقبرة بموافقة سلطة التطوير في دولة الاحتلال. وقد طالت الحفريات التي تجريها دولة الاحتلال عدة قبور باستخدام حفارات عامودية حتى ظهرت عظام الموتى فيها، كما أقامت دائرة أراضي إسرائيل بتاريخ 25/5/2006 سياجاً حديدياً حول أجزاء كبيرة من مقبرة مأمن لله وأغلقت باب المقام، ووضعت الدائرة لافتات على المقام باللغة العبرية" دولة إسرائيل- دائرة أراضي إسرائيل-ممنوع الدخول إلى هذه المنطقة- والفاعل لذلك يصنعه على عاتقه ويتحمل مسؤوليته"، هي عبارة تعني منع الفلسطينين من دخول المقبرة، رغم حصول مؤسسة كرامة على قرار من محكمة القدس الشرعية بتاريخ 6-2-2006 يقضي بمنع الاستمرار في أعمال الحفر" . وفي 32006-10- أعطت المحكمة العليا في دولة الاحتلال مهلة شهرين للرد على اقتراحات القائمين على بناء "متحف التسامح" الذين اقترحوا نقل رفات الموتى إلى مكان آخر"لاستكمال عمليات البناء، مما يترك قضية المقبرة مفتوحة أمام كل الاحتمالات.
2- مقبرة الساهرة:
وهي مقبرة قديمة تقع عند سور المدينة من الشمال وعلى بعد عدة أمتار من الباب المعروف بالساهرة "ومن أسمائها مقبرة المجاهدين لأن شهداء الفتح الصلاحي دُفنوا فيها. ومن الجدير ذكره أن بعض المصادر تشير إلى أن هذه المقبرة هي التي يشار إليها في القرآن الكريم عند قوله تعالى:"فإذا هم بالساهرة"، سورة النازعات، أية 14.
3- مقبرة باب الرحمة:
تقع عند سور المسجد الأقصى من الشرق، فيها قبور عدد من الصحابة المجاهدين الذين اشتركوا في فتح بيت المقدس أثناء الفتحين العمري والصلاحي. تعرضت مقبرة باب الرحمة لعملية تجريف بعمق متوسطه عشرة أمتار لتوسيع طريق مُعبَّد ليكون طريقاً التفافياً يستعمله المستوطنون اليهود للوصول إلى البؤر الاستيطانية بباب المغاربة وقرية سلوان، وقامت حكومة الاحتلال في وقت لاحق بهدم جدار في المقبرة ملحقة أضرار كبيرة بالقبور بحجة أن المسلمين يقومون بتوسيع المقبرة مع العلم أن الأعمال التي كانت جارية هناك آنذاك تتركز على تبليط المقبرة وكسوة بعض القبور المتآكلة، بالإضافة إلى الحفريات المتعددة في المقبرة للوصول من خلالها للمسجد الأقصى.
4- المقبرة اليوسفية :
وتقع عند باب الأسباط إلى الشمال من مقبرة باب الرحمة، عمّرها الأمير (قانصوه اليحياوي) كافل المملكة الشامية سنة (872هـ –1467م ( وكان أوري لوفولينسكي رئيس بلدية الاحتلال في القدس قد وقع بتاريخ 7/6/2004 على أمر هدم إداري لجزء من المقبرة وأصدر أمراً بمنع أعمال الصيانة فيها.
5- مقبرة النبي داود:
تقع في حي النبي داود على جبل صهيون، وهي مجموعة مقابر لآل الدجاني، تتألف من ثلاث مقابر، "الأولى تعود لعائلة الشيخ سليمان الدجاني وأحفاده، والثانية لعائلة الشيخ أنيس الدجاني وأحفاده، والثالثة مخصصة لدفن أطفال عائلة الدجاني وتسمى تربة المنسي نسبة للشيخ محمد المنسي وتقع جنوبي مقبرة الأرمن والسريان".