استشهاد الأسير المقدسي أبو اسماعيل اليوم يجب أن يفتح ملفي الإهمال الطبي والأسرى المقدسيين
قال الأسير السابق والباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر عوني فروانة ، إن استشهاد الأسير مجدي إسماعيل موسى، اليوم داخل ما يُسمى مستشفى سجن الرملة، يجب أن يفتح ملفي الإهمال الطبي بشكل خاص وملف الأسرى المقدسيين بشكل عام .
وأوضح فروانة أن الأوضاع الصحية داخل السجون والمعتقلات "الإسرائيلية" قد ازدادت سوءاً وخطورة في السنوات الأخيرة، في ظل سياسة الإهمال الطبي المتعمدة والتي غدت تشكل ظاهرة تتيح للأمراض المزمنة والخطيرة مداهمة أجساد كافة الأسرى، وتعرض حياتهم للموت داخل السجن أو أن تورثهم الأمراض إلى ما بعد الخروج من السجن إن قدر لهم ذلك.
وأضاف : إن سياسة الإهمال الطبي تعتبر جزء من منظومة متكاملة ومتشابكة من الانتهاكات الخطيرة والفظة ، تمارسها إدارة السجون بحق الأسرى بشكل يومي، كجزء أساسي من سياستها العامة في تعاملها مع الأسرى، وتشكل جميعها سياسة رسمية غير معلنة تهدف إلى إعدام الأسرى نفسياً ومعنوياً وإن أمكن جسدياً بشكل بطيء، مما يستدعي وقبل فوات الأوان فتح ملف الإهمال الطبي المتبع كسياسة ومنهج داخل سجون الاحتلال ، وإنقاذ حياة المئات من الأسرى الذين يعانون من أمراض خطيرة ومختلفة مثل السرطان والفشل الكلوي والشلل والعيون والقلب والغضروف والرئتين، ومنهم من هم بحاجة إلى عمليات جراحية عاجلة .
وأشار فروانة بأنه وباستشهاد الأسير " أبو إسماعيل " اليوم ، يرتفع عدد الأسرى الذين استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي منذ العام 1967 ولغاية اليوم إلى ( 49 أسيراً ) من مجموع شهداء الحركة الأسيرة والذين ارتفع عددهم اليوم إلى (196) شهيداً نتيجة الإهمال الطبي والتعذيب والقتل العمد بعد الاعتقال، فيما يعتبر الشهيد "أبو إسماعيل " هو الأسير الثاني الذي يستشهد خلال العام الجاري 2008 حيث سبق وأن استشهد الأسير فضل شاهين من غزة بتاريخ 29-2-2008 في سجن بئر السبع نتيجة الإهمال الطبي.
وفي ذات السياق طالب فروانة كافة الجهات المختصة الحكومية وغير الحكومية وكافة المؤسسات المعنية بالقدس، بضرورة فتح ملف الأسرى المقدسيين، لاسيما القدامى منهم المعتقلين منذ ما قبل أوسلو والذين تجاهلتهم الاتفاقيات السياسية الموقعة ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية و"إسرائيل" ، كما واستثنتهم صفقات التبادل التي جرت ما بين فصائل المقاومة و" إسرائيل "منذ العام 1985، بمن فيها تلك التي جرت مع حزب الله ، كما وتم القفز عنهم بشكل كامل في كافة الإفراجات السياسية التي جرت خلال انتفاضة الأقصى تحت ما يسمى "حسن النية" ولم تشمل أي منهم.
وأعرب فروانة عن بالغ قلقه الشديد من استمرار التعامل "الإسرائيلي" بهذا المنطق مع قضية الأسرى المقدسيين، والذي يعتبر سجنهم والأحكام الصادرة بحقهم هو شأن داخلي ولا يحق لأي جهة عربية أو فلسطينية المطالبة بإطلاق سراحهم، مما أبقى قضيتهم رهينة في قبضة سلطات الاحتلال، وها نحن نفقدهم واحداً تلو الآخر .
وذكر فروانة أن الشهيد الأسير " جمعة إسماعيل محمد موسى " ( 66 عاماً ) هو واحد من قائمة الأسرى المقدسيين القدامي المعتقلين منذ ما قبل أوسلو، ويبلغ عددهم (46 أسيراً) ويعتبر الأسير فؤاد الرازم المعتقل منذ 28 عاماً أقدمهم وعميدهم.
وأضاف فروانة أن الشهيد " أبو إسماعيل" من مواليد 1942، وتقطن عائلته في الحارة التحتة قرب جامع الخلفاء في مخيم شعفاط، وهو متزوج ولديه ثمانية أولاد وبنات، وأكثر من عشرين حفيداً، وكان قد اعتقل في الثاني من نيسان عام 1993، على خلفية الانتماء للجبهة الشعبية – القيادة العامة وقتل مواطنة يهودية وعمليات أخرى، وكان يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة، وكان يعاني من عدة أمراض أبرزها مرض الانسداد في شرايين القلب, والسكري وارتفاع ضغط الدم, وضيق التنفس, فلا يقدر على التقاط أنفاسه من دون جهاز التنفس, كما كان يعاني من مشاكل في المسالك البولية والأمعاء والقولون, ومرض جلدي يحرمه من النوم لأيام متتالية، ومنذ 12 عاماً وهو يقبع في ما يسمى مستشفى سجن الرملة بشكل دائم نظراً لخطورة وضعه الصحي دون أن يتلقى الرعاية الكافية أو العلاج المناسب، كما لم يطرأ أي تحسن على أوضاعه الصحية، وقال في إحدى رسائله ( أخاف أن أموت في الأسر, مثل الشهيد محمد حسن هدوان, أن يضعوني في كيس ويرموني من دون أن أرى أولادي, أتمنى أن يطلق سراحي و أن أحضن أولادي حتى ولو قبل موتي بأسبوع, وأعانق زوجتي وأولادي ثم أموت).
واعتبر فروانة أن استشهاد الأسير المقدسي أبو إسماعيل اليوم ، هو جزء من السياسة "الإسرائيلية" الهادفة لقتل الأسرى عموماً، والأسرى المقدسيين خصوصاً، وهو بذلك يلتحق بالشهداء الأسرى المقدسيين اسحق مراغة و عمر القاسم وحسين عبيدات ومحمد أبوهدوان، والملفت أن السبب المباشر لاستشهادهم والقاسم المشترك فيما بين جميعهم كان الإهمال الطبي .
وحمل فروانة إدارة مصلحة السجون "الإسرائيلية" المسؤولية المباشرة عن استشهاد الأسير المقدسي "جمعة موسى" باعتبارها لم توفر له الرعاية الطبية اللازمة ورفضت الإفراج عنه رغم المناشدات الكثيرة ورغم التقارير الطبية التي تحدثت عن خطورة وضعه الصحي، داعياً كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى التحرك الجدي والفاعل لوضع حد لسياسة الإهمال الطبي والعمل الفوري من أجل إنقاذ حياة مئات الأسرى المرضى القابعين في السجون "الإسرائيلية" لاسيما العشرات منهم الذين يمكثون بشكل دائم في ما يسمى مستشفى سجن الرملة .