خيمة البستان.. في مواجهة الهدم
الجمعة 28 آب 2020 - 9:16 م 2255 0 مقالات |
زياد ابحيص
باحث متخصص في شؤون القدسفي عام شهر ٢-٢٠٠٩ أصدرت بلدية الاحتلال قي القدس أوامر بإخلاء ٨٨ عقاراً في حي البستان، كانت تضم ١٣٤ عائلة وقدر عدد سكانه في ذلك الوقت بنحو ١٥٠٠ مقدسي.
انطلقت منذ ذلك الحين خيمة الاعتصام في حي البستان لمواجهة قرار الإخلاء، وصارت مركزاً للتجمع ولصلاة الجمعة ولوفود المتضامنين، وكانت مركزاً لجذب اهتمام الإعلام العالمي إلى مأساة ذلك الحي المقدسي، الذي لا يستند قرار إخلائه إلا إلى مقولاتٍ توراتية تزعم أن موقع الحي كان "حديقة الملك داوود" وفق نص مخطط الإخلاء الأساسي الذي وضعه مهندس بلدية الاحتلال أوري شطريت في شهر ١١-٢٠٠٤. (بالمناسبة، شطريت هذا لم يكن صهيونياً متفانياً كما يراد لنا أن نتخيل عدونا، بل هو في السجن اليوم يقضي حكماً بسبع سنوات تنتهي في ٢٠٢١ لتلقيه الرشى حين كان مهندساً للبلدية).
على مدى ١١ عاماً تراوحت هذه الخيمة بين العنفوان والهدوء، وتنوعت فيها عشرات أنواع الأنشطة، وكرس لها أبناء البستان وسلوان والقدس والأراضي المحتلة عام ١٩٤٨ وقتهم وجهدهم وقسطاً من صبرهم، فشاغلت المحتل على مدى ١١ عاماً، تقدم خلالها وهدم عدة عقارات لكنه لم ينل مبتغاه الذي هو تفريغ هذا الحي.
في السنوات الخمس الأولى من تلك المسيرة أسهمت مؤسسات داعمة فلسطينية وعربية في تجهيز ملعب الحي ودعم خيمته، وفي دعمِ مؤسساتٍ محلية بادر أهل الحي إلى وقفها كمسجد أو روضة أو مركز ثقافي، لكن الحصار الصهيوني والأمريكي والعربي لم يلبث أن خنق تلك المؤسسات. لم يُعطَ ما يكفي من الاهتمام لتعويض ذلك الغياب، أو لاستدامة حبل الدعم المهم الذي كانت تلك المؤسسات تؤمنه رغم محدوديته.
اليوم ينفلت المحتل ضد المقدسيين بمجازر هدم غير مسبوقة، وبإجبار الناس على هدم بيوتهم بأيديهم وإلا هدمتها جرافات المحتل وحمّلتهم مصاريف الهدم ومصاريف القوات التي قمعتهم والكلاب البوليسية التي أرهبتهم... وهي سياسة كان من الممكن وأدها في مهدها لو وجه لها الاهتمام السياسي ووجه لها حد أدنى من الموارد، وباب إفشالها لم يغلق وإن بات ثمنها على المرابطين أصعب بكثير.
اليوم في وجه هذا الهدم، تعود خيمة البستان إلى الواجهة تستجمع إرادة الرفض والصمود في وجه مجازر الهدم، وتعلق الجرس وتطلق الصرخة لكل القوى التي يعنيها إفشال تصفية الوجود العربي في القدس -إن كانت جادة في ذلك- فهذه إرادة الرفض والصمود حاضرة رغم الألم والجراح، فلا تكرروا الخطايا، وأولوها ما تستحق من الاهتمام والدعم، فهي بالتأكيد أهم من كثير من المهرجانات والمؤتمرات والملتقيات؛ فهل تصل رسالتها؟!
الصورة اليوم من صلاة الجمعة في خيمة الاعتصام في حي البستان وقد لبى نداؤها مئات المقدسيين رغم الحر والوباء وطعنات الظهر من دويلات فائض النفط والسفه.