الغائب والحاضر في أحداث الأقصى

تاريخ الإضافة الجمعة 15 كانون الثاني 2021 - 9:10 ص    عدد الزيارات 2003    التعليقات 0     القسم تدوينات

        


مازن الجعبري

مدير مؤسسة تنمية الشباب في جمعية الدراسات العربية

 

" إسرائيل " لن تتوقف عن تنفيذ وتحقيق أحلامها ومخططاتها في المسجد الأقصى، ولديها استراتيجية وسياسة ثابتة، ولكنها تُغيّر فقط في إجراءاتها تبعاً للمواقف السياسية الدولية والإقليمية والمحلية، ونحن نعلم أنّ " إسرائيل " استطاعت الحصول على الانجاز الأكبر من إدارة ترامب بالاعتراف بسيادتها على المسجد الأقصى لوحدها دون دور للآخرين، وأيضاً إعطاء الضوء الأخضر لصلاة غير المسلمين في المكان، وبنفوذ الإدارة الامريكية الأنجلو صهيونية فُتحت أبواب التطبيع العلني مع أربع دول عربية مسلمة، ورفعت مستوى علاقتها مع الإمارات إلى دولةٍ حليفةٍ مع " إسرائيل "، وأنجزت خلال السنوات الأخيرة مصالحَ متعددة مع الدولة الأردنية بحيث أفرغت الدور الأردني من محتواه القانوني والتاريخي والديني على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية ، وأبقتها شعاراَ للسياسيين على جانب الضفتين وانتقلت بسياسةٍ واضحةٍ الى تقليص رعاية الأوقاف الإسلامية للمكان وتحويلة فقط إلى إدارة شؤون المصلين المسلمين في المكان، أيّ إقامةِ الشعائر الإسلامية، وما عدا ذلك أصبح بأمر الواقع من صلاحية الشرطة الإسرائيلية في المكان.

 

 

ما سبق هو الحاضر اليومي منذ عدة سنوات، وأما الغائب فهو الدور الأردني المتمثل في الحكومة الأردنية ومؤسساتها، مجلس الأوقاف ودائرة الأوقاف، والمفروض أنّ مجلس الأوقاف هو المعني بشؤونِ المسجد الأقصى، وخاصة ملكية المكان، وما يدور فيه من شؤون دينية وإدارية وأيضاً سياسية، ولكن للأسف بعد الدور الكبير الذي قام فيه المجلس بفتح مصلى باب الرحمة تم تعليق مهامه وصلاحياته من قبل الحكومة الأردنية وتم تحميل كل الصلاحيات إلى مدير الأوقاف، لذلك عدم تصويب الأوضاع الداخلية لإدارة الأوقاف في القدس من قبل الحكومة الأردنية، لسوف يلغي عملياً أيَّ دورٍ فاعلٍ لمجلسِ الأوقاف حالياً، وهذا هو الواقع والغائب للأسف.

 

 

ما حدث في الأيّام الماضية من مسح منطقة المسجد الأقصى المبارك، بما فيها التصوير الثلاثي الابعاد يمثلُ منعطفاً خطيراً في إجراءات الاحتلال ومؤشرٌ على قربِ قيامِ الاحتلالِ بخطواتٍ ميدانيةٍ داخلَ باحاتِ المسجد الأقصى، ولا أعتقدُ أنّ بيان دائرة الأوقاف والهيئة الإسلامية، بالأمس كان على مستوى الإجراء الخطير الذي تم، وخاصةً الشرح والتوضيح للشارع المقدسي عن خطورة هذا الاجراء والخطوات الإسرائيلية المتوقعة، وكذلك تهيئة الناس لهذا التغيير في طابع المكان وهويته الدينية والتاريخية والسياسية.

 

 

إنّ الشارع المقدسي هو صمام الأمان الأول والأخير ويجب أن تتعامل المؤسسات الدينية مع الإرادة الشعبية باحترام وتقدير وصراحة إذا ما ارادت من هذا الشارع ان يحملها على الاكتاف مرة أخرى.

 

 

 

أخيراً، لم يعد هناك متسعٌ من الوقت لتصويب الوضع الداخلي، وتمتين الجبهة الداخلية لمواجهة الزلزال القادم، حتى نكون واعيين بكيفية احتواء هذه الضربة المتوقعة مؤسساتياً وجماهيرياً، أما الخيار الثاني فسيكون ردة فعل مثل موج البحر سرعان ما تنحسر وسيتقدم فيها العدو حتماً.

اللهم آني بلغت.

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



السابق

إدارة وقفٍ مشلولة .. وحالةٌ شعبيةٌ سرعان ما تشتعل!

التالي

مواقفٌ كويتيةٌ تجاه القضيةِ الفلسطينيةِ قوميةٌ رائدةٌ

مقالات متعلّقة

علي ابراهيم

عام من "الطوفان" وما شجن في النفس والعالم!

الثلاثاء 8 تشرين الأول 2024 - 10:54 م

لو سألنا في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أيَّ خبير إستراتيجي أو محلل سياسي، عن التغييرات الكبرى في العالم، والصراعات القادمة فيه، لتحدث عن ملفات عديدة، ابتداء بالصراع الروسي والأوكراني، وتحجيم ا… تتمة »

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »