عبد اللطيف غيث.. أسير مقدسي تحت عين المخابرات دائما
السبت 13 شباط 2021 - 7:44 م 2359 0 مقالات |
كمال الجعبري
مُعِد في مؤسسة القدس الدولية
“معاك الكابتن غابي من المخابرات الإسرائيلية، وإحنا راصدين كل فعاليّاتك أبو نضال “، بالضحك والاستهزاء بالاحتلال ومخابراته، استقبل عبد اللطيف غيث تهديد المخابرات الصهيونية له، خلال ندوةٍ افتراضيةٍ، عبر منصة zoom، نظمتها شبكة صامدون في الأرض المحتلة، في 11 آيار 2020، فأبو نضال قد تمرس في مراقبة الاحتلال الصهيوني له وملاحقته له منذ العام 1967، وكان آخر عهد ذلك العهد من الاستهداف مع عبد اللطيف غيث، ما جرى أمس، 11 شباط 2021، حينما جددت سلطات الاحتلال الصهيوني الإقامة الجبرية للسنة 11 على التوالي لأبي نضال، فمن هو عبد اللطيف غيث (أبو نضال)، وما هي حكايته مع القدس؟..
ميلادٌ قبل الاحتلال وعودةٌ للقدس بعد النكبة
في بلدة شعفاط، التي كانت في ذلك الحين تتحول إلى منه قريةٍ إلى ضاحيةٍ من ضواحي القدس، ولد عبد اللطيف غيث، في العام 1941، لعائلةٍ تعود بأصولها إلى مدينة الخليل، ولكنها سكنت في القدس، منذ مئات السنوات، ونظراً لاشتداد القتال خلال حرب عام 1948، في القدس، توجهت عائلة غيث للسكن في الخليل، لتعود إلى القدس في العام 1950.
الدراسة في القاهرة والمد القومي
بعد أن أنهى عبد اللطيف تعليمه المدرسي في القدس، توجه عبد اللطيف إلى القاهرة، للدراسة الجامعية، بين عاميّ 1958 و1962، وفي تلك الفترة كان المد القومي العروبي قدّ عم العديد من الأقطار العربية، ومن تجليات هذا المد تأسيس حركة القوميين العرب، والتي ضمت في جسمها التأسيسي العديد من الشخصيات الفلسطينية البارزة، التي أسست لاحقاً، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مثل الراحل جورج حبش، والشهيد الحاج فايز جابر، وغيرهم.
في تلك الفترة، وكما يروي أحد مناضلي الجبهة الشعبية السابقين، الحاج عمر الطحلة، بدأ العمل على تأسيس عملٍ فدائيٍ داخل فلسطين، وذلك عبر تدريب الكوادر الفلسطينية في الحركة، في معسكر أنشاص، في محافظة الشرقية في مصر، وقدّ يكون عبد اللطيف أحد من تدربوا في ذلك المعسكر، إذ انتمى أبو نضال إلى حركة القوميين العرب، خلال دراسته الجامعية في مصر.
نكسة 1967 والصدمة من ثم المقاومة
عند وقوع نكسة حزيران 1967 واحتلال الضفة الغربية، وشرق القدس، كان عبد اللطيف غيث يعمل في قطاع التعليم في القدس، وما لبث أبو نضال إلّا وبدأ العمل المقاوم للاحتلال الصهيوني في القدس بمختلف أنواعه، فانخرط عبد اللطيف غيث في أنشطة المقاومة الشعبية، كإضرابات المعلمين وغيرها، وفي ذات الوقت كان أبو نضال من مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومن مؤسسي جناحها العامل في القدس والخليل، تحت مسمى (أبطال العودة) إذ عمل عبد اللطيف غيث ضمن مجموعة الراحل عبد الرحيم جابر، والتي نفذت سلسلةً من العمليات الفدائية، في القدس ويافا المحتلة.
الأسر في سجون الاحتلال والوعي بقضية الأسرى
عقب عددٍ من العمليات الفدائية في القدس والخليل، ويافا، منها عملية تفجير مبنى استخبارات الاحتلال في تل أبيب، في حزيران 1968، بدأت مخابرات الاحتلال الصهيوني بملاحقة أفراد وكوادر مجموعات (أبطال العودة)، ومن ضمن هؤلاء المطاردين عبد اللطيف غيث، الذي تعرض للاعتقال في العام 1969، وتم الحكم عليه من محكمة الاحتلال الصهيوني العسكرية بالسجن لمدة 8 سنوات، يقول أبو نضال، في إحدى مقابلاته الصحفية السابقة: ” في فترة الأسر لدى الاحتلال، بدأت أدرك وجود قضية مهمة جداً، ضمن النضال الفلسطينية، والقضية الفلسطينية الجامعة، وهي قضية الأسرى، وقضية الأسرى في جوهرها، قضية إنسان “.
العمل في الصحافة وتأسيس نواة نقابة الصحفيين الفلسطينيين
بعد خروجه من سجون الاحتلال، في العام 1978، عمل عبد اللطيف غيث في قطاع الصحافة الفلسطينية، إذ كانت تصدر من القدس في ذلك الوقت العديد من الصحف الفلسطينية المستقلة، مثل صحيفة القدس، والهلال، وغيرها، ولحماية حقوق الصحافيين وتشكيل جسم وطني لهم، عمل أبو نضال على تأسيس رابطة الصحفيين العرب، في العام 1979، والتي تبلورت في العام 1994، لتشكل نقابة الصحفيين الفلسطينيين.
مؤسسة الضمير والنضال من أجل الأسرى
مع تصاعد أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى، بدأ عبد اللطيف بالتفكير الجديّ بأن يجعل مشروعه في دعم الأسرى وتمكينهم، مشروعاً مؤسسياً، وهذا ما جرى العام 1991، حينما أسس من برفقة عددٍ النشطاء والشخصيات الشعبية (مؤسسة الضمير لرعاية الأسرى وحقوق الإنسان)، والتي نشطت في مجال الدعم القانوني للأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، والتوعية بقضية الأسرى، ولا يزال أبو نضال رئيس مجلس إدارة المؤسسة لغاية اليوم.
إبعاد عن الضفة الغربية ومنعٌ من السفر
منذ العام 2011، يعاني من تعسف سلطات الاحتلال واستهدافها له، فبسبب نشاط عبد اللطيف غيث في العديد من القضايا الوطنية، وعمله ضمن مختلف أطر ومبادرات الحراك والمقاومة الشعبية في القدس، وعلى الرغم من أنّ أبو نضال عضوٌ في المجلس الوطني الفلسطيني، منذ العام 1999، وعضوٌ في اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلّا أنّ سلطات الاحتلال الصهيوني تمنعه وبأمرٍ من الحاكم العسكري الصهيوني للضفة الغربية، من دخول كافة مناطق السلطة الفلسطينية، منذ تسع سنوات، فيما يفرض وزير الأمن الصهيوني الداخلي (جلعاد أردان) ، ومنذ العام 2014، منعاً من السفر خارج حدود فلسطين المحتلة على عبد اللطيف غيث، يعلّق أبو نضال معقباً على ما يتعرض له من سلطات الاحتلال الصهيوني: ” الإنسان الحر بحس بالحرية، حتى وهو داخل السجن، لأنّ عقله حر وفكره حر، ولأنّ روحه حرة “، ولعل ما يعكس جانباً من حرية روح أبو نضال، ما ترويه الأسيرة المحررة عائشة عودة، وهي بنت القدس أيضاً، عن ذكرياتها خلال سجنها في أقبية تحقيق الاحتلال، خلال ذات الفترة التي اعتقل فيها عبد اللطيف غيث، إذ تقول في كتابها أحلام بالحرية، والتي وثقت من خلاله تجربتها في سجون الاحتلال: ” كان صاحب الصوت الجميل، الذي أبعد عنا رطوبة الزنزانة وظلمتها، بجسده الهزيل وروحه الجميلة “.