الرباط في الأقصى نهج وعقيدة..
الثلاثاء 9 آذار 2021 - 4:00 م 2342 0 تدوينات |
براءة درزي
باحثة في مؤسسة القدس الدوليةشكّلت الإرادة الشعبية على مدى الأعوام السابقة سدًا منيعًا في وجه مخططات الاحتلال في الأقصى ومحاولات فرض مزيد من التغيير في الأمر الواقع التاريخي، وكان الرباط في المسجد من أبرز تجلّياتها إذ لعب الرباط دورًا كبيرًا في صدّ اعتداءات المستوطنين، وفي إحباط مساعي الاحتلال إلى السيطرة على الأقصى.
وكان المرابطون والمرابطات الذين يحضرون إلى المسجد من القدس أو من الداخل المحتل عام 1948 يواظبون على إعمار الأقصى، لا سيّما في فترة الضحى التي يقتحم المستوطنون في أثنائها المسجد، عبر مصاطب العلم وحلقات تدارس القرآن.
ومع سعي الاحتلال إلى فرض تغييرات جديدة في الوضع القائم والتحكم بالمسجد، اتّجه إلى حظر الرباط المؤسساتي عام 2015 فأعلن تنظيمي المرابطين والمرابطات تنظيمًا محظورًا ثمّ أعلن الحركة الإسلامية – الجناح الشمالي تنظيمًا خارج القانون مع كل مؤسساتها، ومنها مؤسسات ترعى الرباط وترفد الأقصى بقوافل من المرابطين من الداخل المحتل.
وعمل الاحتلال على أن يكون ثمن الصلاة والرباط في الأقصى مكلفًا، فتصاعدت الاعتقالات بحق روّاد الأقصى، والاستدعاءات إلى التحقيق، والإبعاد عن المسجد والمنع من دخوله، وفي بعض الأحيان المنع من الاقتراب من أبوابه.
بداية هذا العام، رحل عدد من أبرز المرابطين في الأقصى والمدافعين عنه، ممّن شهدوا فصول استهداف الرباط؛ ففي 2021/3/8، رحل المرابط المقدسي مصطفى السلفيتي، فيما توفي قبله بيوم واحد المرابط عبد العزيز العباسي. وكلا الرجلين من أبرز المرابطين في الأقصى والمدافعين عنه، ولم يسلما من استهداف الاحتلال وسياسته الهادفة إلى إقصاء المسلمين عن المسجد ومنعهم من زيارته والصلاة فيه.
كان العباسي، جار الأقصى، حريصًا على الرباط يوميًا في المسجد، ليدافع عنه ضد اعتداءات المستوطنين، وهو المشرف على مشروع "زواجي يبدأ من بوابة السماء" داخل الأقصى. وتدلّ تصريحات للعباسي على مدى حبّه للأقصى وارتباطه به حيث يقول: "أنا من مواليد الأقصى وطفولتي كانت في ساحته؛ والأن نحن كبرنا مرابطين على أرض الأقصى حيث نؤدي السنن داخله، والصلاة وقراءة القرآن وتعلم علوم القرآن عبر حلقات العلم حيث قال الله تعالى في كتابه (وقل اصبروا وصابروا ورابطوا)، ونحن نصبر ونرابط في المسجد الأقصى".
وكان العباسي شاهدًا على تدنيس المستوطنين للأقصى، وقد كشف، بناء على مراقبته لتصرفاتهم في المسجد، أنّهم يشيرون إلى قبة الصخرة باستهزاء وإلى ضرورة إزالتها، ويشيرون بإشارات توحي بالهدم والتخريب في الأقصى.
ولم يسلم أبو خالد من الاعتقال والإبعاد عن الأقصى ثمنًا لدفاعه عنه والتصدي للاحتلال ومستوطنيه.
انضمّ السلفيتي والعباسي إلى رفاقهما من المرابطين الذين رحلوا منذ بداية عام 2021، ففي كانون ثانٍ/يناير رحل كلّ من عايدة السلفيتي، وهي زوجة مصطفى، والمؤذن وليد العباسي، والمرابط غسان يونس المعروف بأبي هريرات الأقصى وهو من الداخل المحتل، ولحق بهم في شباط/فبراير المرابط بدر الرجبي.
لا شكّ في أنّ الأقصى سيفتقد من رحلوا من المرابطين، وكذلك سيفتقدهم كل من عرفهم، ومن رابط معهم في المسجد من رفاق "النضال"، لكنّ المؤكّد هو أنّ النهج الذي ساروا فيه لم ينتهِ برحيلهم بل هو نهج اعتنقه أهل الأقصى كفعل مقاومة مستمر ورباط على واحد من أهمّ الثغور في القدس.