ورقة علمية l دوافع التطبيع العربي مع "إسرائيل" بين المجتمع والدولة والنظام السياسي


تاريخ الإضافة الأربعاء 6 أيلول 2023 - 10:34 ص    عدد الزيارات 1206    التحميلات 74    القسم مختارات

        


دوافع التطبيع العربي مع "إسرائيل' بين المجتمع والدولة والنظام السياسي

أ. د. وليد عبد الحي[1]

 

مقدمة:

 

من دون الدخول في فقه اللغة العربية أو اللغة الإنجليزية، فإن التطبيع Normalization في مدلوله السياسي يعني “العودة للحالة الطبيعية في العلاقة بين الكيانات السياسية”، وهو ما يفترض أن الأصل في العلاقات الدولية هو الحالة السلمية لا الصراع، وهو افتراض لا يسلم به العديد من فلاسفة هذا الميدان مثل المنظور الهيغلي Hegelian أو الماركسي Marxist في جانب الديالكتيك dialectical، أو منظور الفيلسوف توماس هوبز Thomas Hobbes، أو المنظور الدارويني Darwinian، أو منظور صدام الحضارات كما عبَّر عنه صموئيل هنتينغتون Samuel Huntington، أو المنظور الإسلامي في فهمه لموضوع التدافع، ولا تقره النظرية الغربية الواقعية في العلاقات الدولية المعاصرة بشقيها القديم (هانز مورغانثو Hans Morgenthau، ورينولد نيبور Reinhold Niebuhr)، والمعاصر (كينيث والتز Kenneth Waltz). وحتى مفهوم “السلام” فيه توجهان هما “السلام الإيجابي” والذي يتضمن غياب كل أشكال العنف المباشر أو العنف العضوي، و”السلام السلبي” الذي يعني غياب كافة أشكال العنف غير المباشر وخصوصاً العنف البنيوي،[2] مثل بقاء اللاجئ الفلسطيني لعشرات السنين يعيش في ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية غير مواتية، ولا تتسق مع الوضع الطبيعي الذي تعيشه الشعوب الأخرى، أو إبقاء الفلسطيني خاضعاً لاحتلال لم توافق عليه أي دولة أو منظمة دولية، أو حرمان الفلاح الفلسطيني من استغلال أرضه واقتلاعه منها ليحل المستوطن مكانه…إلخ. وهنا لا بدّ من التمييز بين المنظور الأخلاقي للسلام كما طرحه إيمانويل كانت Immanuel Kant في مشروع السلام الدائم، وبين السلام الذي هو أحد تكتيكات آليات إدارة الصراع، وهو ما يعيدنا إلى مفهوم السلام السلبي وممارسة العنف البنيوي.[3]

 

للاطلاع على الورقة العلمية وتحميلها، اضغط على الرابط:
>> ورقة علمية: دوافع التطبيع العربي مع ”إسرائيل“ بين المجتمع والدولة والنظام السياسي … أ. د. وليد عبد الحي 

 

ذلك يعني أن التطبيع مفهوم ملتبس، فالحالة الطبيعية للإنسانية ليس متفقاً عليها (صراع أو سلام)، كما ان التطبيع هو جزء أحياناً من فن إدارة الصراع، ناهيك عن أن تغييب مفهوم السلام السلبي أمر يستحق التنبه له لكي لا تستره أدبيات معيارية كجزء من فن إدارة الصراع، ودون أن ننسى أن المنظور الفرويدي Freudian وطيف واسع من مفكري المنظور النفسي يرون أن البشر ينطوون في بنياتهم النفسية على النزعتين السلمية والصراعية كما يتضح في مراسلات آينشتاين وفرويد Einstein-Freud.ا[4] وتكفي الإشارة إلى أن الضرر النفسي للاجئ،[5] كما هو الحال للاجئ الفلسطيني، لا يقل وزناً عن الأضرار المادية التي تتم من خلال المصادرة والاحتلال أو التدمير خلال الحرب، ولذا فإن التعويض عن هذه الأضرار (إذا افترضنا القبول بالتطبيع) يفوق في بعض النماذج حجم التعويض عن الخسائر المادية كما جرى مع لاجئي مختلف الدول بعد الحرب العالمية الثانية.[6] 

 

لعل ما يسبق يمهد لطرح تساؤل دراستنا هذه وهو: هل أفرز التطبيع العربي مع “إسرائيل” نتائج تعزز “السلام” داخل كل دولة من دول التطبيع؟ أو تعزز “السلام” على المستوى الإقليمي؟ أو يقدم نموذجاً لـ”السلام” تقتدي به بقية دول العالم الأطراف في النزاعات والصراعات؟ وسنعمل على محاولة تحديد الدافع الرئيسي للتطبيع من الجانب العربي طبقاً لنتائج التحليل.[7] 

 

وللإجابة على هذه التساؤلات، اعتمدنا ثلاثة معايير:

 

1. اعتماد المنهج الكمي للقياس: فقد تناولنا أربعة مؤشرات مركزية هي: الاستقرار السياسي (وله خمسون مؤشراً فرعياً في نموذجنا هذا)، والديموقراطية (ولها خمسة مؤشرات فرعية)، ثم نسبة الانفاق العسكري قياساً لإجمالي الناتج المحلي، ثم معدل الإنفاق على البحث العلمي نسبة إلى إجمالي الناتج المحلي، ذلك يعني أن القياس هنا يعتمد على 57 مؤشراً فرعياً تغطي الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعلمية، ثم قياس مستويات التحسن والتراجع لإجمالي المؤشرات المركزية من خلال التطبيع الذي مارسته تسع دول عربية مع “إسرائيل”.

 

2. اعتمدنا مؤشر التطبيع استناداً للدول التي تعترف بـ”إسرائيل” اعترافاً قانونياً أو التي أنشأت أي علاقات تجارية أو رياضية أو ثقافية أو اتصالات رسمية مع “إسرائيل”، وبقي هذا التواصل مستمراً ولو بأشكال مختلفة ومستويات متباينة، وشمل ذلك 9 دول عربية هي مصر، والأردن، والمغرب، والسودان، والإمارات المتحدة، وقطر، وعُمان، والسعودية، والبحرين.

 

3. نُقِرُّ بداية بأن التطور أو التراجع في أي بعد من أبعاد العلاقات العربية الدولية ليس مرهوناً بالتطبيع وحده، لكن المهم في مناقشتنا هذه هي تحديد مدى وزن التطبيع في نقل الواقع العربي من مستوى معين إلى مستوى أفضل، والذي يفترض أن التطبيع قام من أجله.

 

للاطلاع على الورقة العلمية وتحميلها، اضغط على الرابط:
>> ورقة علمية: دوافع التطبيع العربي مع ”إسرائيل“ بين المجتمع والدولة والنظام السياسي

 

 

------------------------------------------------------------

الهوامش

 

[1] خبير في الدراسات المستقبلية والاستشرافية، أستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة اليرموك في الأردن سابقاً، حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وهو عضو سابق في مجلس أمناء جامعة الزيتونة في الأردن، وجامعة إربد الأهلية، والمركز الوطني لحقوق الإنسان وديوان المظالم، والمجلس الأعلى للإعلام. ألَّف 37 كتاباً، يتركز معظمها في الدراسات المستقبلية من الناحيتين النظرية والتطبيقية، ونُشر له نحو 120 بحثاً في المجلات العلمية المحكّمة.

 

[2] ثمة نقاش واسع في ادبيات العلاقات الدولية حول هل السلام هو الحالة الطبيعية أم الحرب، أنظر تفاصيل الخلاف في هذا الشأن: Oliver P. Richmond, The Transformation of Peace (New York: Palgrave Macmillan, 2005), pp. 15–17 and 185–187.

 

[3] للتعمق في هذه المفاهيم يمكن العودة إلى:

Michael Howard, The Invention of Peace: Reflections on War and International Order (New Haven: Yale University Press, 2001), passim; and Johan Galtung, “A Structural Theory of Imperialism,” Journal of Peace Research, vol. 8, no. 2, 1971, pp. 86–91 and 107–110.

 

[4] The Einstein-Freud Correspondence (1931-1932), site of Arizona State University, https://www.public.asu.edu/~jmlynch/273/documents/FreudEinstein.pdf

 

[5] J. David Kinzie and George A. Keepers (eds.), The Psychiatric Evaluation and Treatment of Refugees (Washington DC: American Psychiatric Association Publishing, 2020), pp. 129-142 and 159-173.

 

[6] Timothy Webster, Recent attempts at reparations show that World War II is not over, site of The Conversation, 23/5/2019, https://theconversation.com/recent-attempts-at-reparations-show-that-world-war-ii-is-not-over-114655

 

[7] لتحليل مفهوم “التطبيع” استناداً لمنهاج تحليل الخطاب في الدراسات ما بعد الحداثة، انظر:

Albzour Mai, “The Deconstruction of the Concept of Normalization within the Context of the Settler-Colonialism in Palestine: The Duality of Acceptance and Rejection,” Language, Discourse & Society journal, vol. 7, no. 2, December 2019, pp. 7–17. 

 

المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2023/9/5 

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »