الفجر العظيم.. نموذجُ مقاومةٍ يخشاه الاحتلال
الجمعة 28 كانون الثاني 2022 - 7:27 م 1879 0 تدوينات |
براءة درزي
باحثة في مؤسسة القدس الدوليةمنذ بداية هذا العام، شهدت جمع الفجر العظيم مشاركة فلسطينية كبيرة تحت عناوين إسناد الأسرى، ودعم حراس المسجد في وجه الهجمة الإسرائيلية عليهم، ونصرة النقب ضدّ مشاريع الاقتلاع والتهجير، استمرارًا لحملة بدأت في المسجد الإبراهيمي في الخليل أواخر عام 2019 ثم توسّعت وامتدّت ليصبح الأقصى محطة مركزية فيها.
شكّلت هذه الحملة مظهرًا من مظاهر النضال ضد الاحتلال، وتؤكد أهمية العمل الشعبي في مقاومته والتصدي لسياساته. وبالفعل، فقد أثبتت محطات متعددة في السنوات الأخيرة أهمية الرباط والوجود البشري في الأقصى في صدّ العدوان عليه، ومن تلك المحطات، على سبيل المثال، هبّتا باب الأسباط 2017 وباب الرحمة 2019 اللتان أكّدتا أنّ جماهير القدس قادرة على إجبار الاحتلال على التراجع وإعادة حساباته، وهو ما كان واضحًا كذلك في يوم 28 رمضان الماضي عندما منع المقدسيون اقتحام الأقصى للاحتفال بما يسميه الاحتلال "يوم توحيد القدس".
وتمكّنت جماهير القدس من صدّ اعتداءات بارزة على الأقصى على الرغم من أنّ الاحتلال صعّد، استهداف الوجود الإسلامي في المسجد منذ عام 2015 وبذل الجهد لتقليصه والحدّ منه. وقد عمل بداية على منع عدد من المرابطات، وصل إلى قرابة 70 مرابطة، من دخول المسجد بالتزامن مع اقتحامات المستوطنين، ثمّ أصدر قرارات بحظر ما أسماه تنظيمي المرابطين والمرابطات، وأتبعه بقرار حظر الحركة الإسلامية الشمالية وما يتبعها مؤسسات، لا سيّما مؤسسات إعمار الأقصى والرباط فيه.
ولم تتوقّف منذ ذلك الحين اعتقالات الاحتلال للمرابطين في الأقصى والتضييق عليهم، وملاحقتهم، وإصدار قرارات بإبعادهم عن المسجد لا تلبث أن تنتهي حتى يعيد استدعاءهم لإبلاغهم بصدور قرارات جديدة بحقّهم. وهذه السياسة في الاعتقال والإبعاد تهدف إلى إنهاك المرابطين ودفعهم إلى ترك الأقصى والابتعاد عنه ليتجنّبوا التكلفة لباهظة التي يفرضها الاحتلال عليهم.
وتكرر الأمر مع حملة الفجر العظيم، التي يعمل الاحتلال على محاربتها وتقليص المشاركة فيها بهدف منعها والقضاء عليها، عبر تحويلها إلى تجربة شاقّة بالنسبة إلى المشاركين فيها، ويشمل ذلك نصب الحواجز للتضييق على المصلين ومنعهم من الوصول إلى المسجد لصلاة الفجر، وعرقلة الحافلات التي تقل المصلين من الداخل المحتل على التوقف بذريعة تفتيش الركّاب، وفرض مخالفات عليهم بذريعة عدم ارتداء الكمامات، بل ومنع الحافلات من الوصول إلى القدس للمشاركة في فجر الجمعة.
محاربة الاحتلال حملةَ الفجر العظيم، وأيَّ مبادرة تجسّد وجهًا من أوجه الالتفاف الجماهيري والمقاومة الشعبية، تؤكّد ما يستشعره الاحتلال من خطر حيال هذه الحملة وعموم التلاحم الشعبي لما يشكله من حائط لصدّ اعتداءاته والوقوف في وجه سياساته التهويدية. ولذلك، فإنّ من المهم عدم الاستسلام لمحاولات القضاء على هذه الحملة بل تكثيف المشاركة في إعمار المسجد الأقصى والحضور فيه باستمرار، علاوة على أهمية الإسناد الشعبي من خارج فلسطين عبر إحياء هذه الحملة والحث على المشاركة الواسعة فيها في مختلف الدول، لما يعنيه ذلك من دعم معنوي ومشاركة في التصدي لمخططات الاحتلال.