تطور المفاوضات: فليُسمِّ الفلسطينيون أبو ديس قدسًا ويتخذوها عاصمة!

تاريخ الإضافة السبت 15 آذار 2014 - 7:49 م    عدد الزيارات 4256    التعليقات 0     القسم مقالات

        


براءة درزي

باحثة في مؤسسة القدس الدولية

 لم تكن خطة كيري التي بدأت معالمها تتبلور مع بداية عام 2014 لتختلف كثيرًا عما أشيع عن مضمونها منذ بدء المفاوضات، لا سيما في ما يتعلق بالقدس المحتلة. فقد تحدّثت الخطة، دون أن تُطرح بشكل رسمي، عن مطامح للفلسطينيين بأن تكون لهم عاصمة "في القدس"، وهي إشارة مطّاطة تحتمل أن تتضمن ضواحي القدس التي تحدّثت "إسرائيل" مسبقًا عن إمكانية أن يتخذها الفلسطينيون عاصمة لهم. 


وقد أشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال لقائه في رام الله وفدًا شعبيًا من القدس في 11/1/2014، إلى أن أي سلام مع "إسرائيل" لن يتحقق من دون شرق القدس عاصمة للدولة الفلسطينية. وأضاف عباس أن القدس ليست أبو ديس بأي حال من الأحوال، وإن كانت هذه الأخيرة جزءًا من القدس. وكشفت الإذاعة العبرية في 30/1 أن خطة كيري تقترح الإعلان عن أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة بدلاً من البلدة القديمة في القدس. وذكر تقرير الإذاعة أن اقتراح كيري لن يذكر أبو ديس صراحة، ولكن سيورد عبارة تفيد أن عاصمتي الدولة الفلسطينية و"إسرائيل" ستكونان في "القدس الكبرى" التي تمتدّ وفق الرؤية الإسرائيلية من ضواحي رام الله إلى أبواب بيت لحم وصولاً إلى مشارف الأغوار.  


ولوّحت السّلطة الفلسطينية باللجوء إلى المنظّمات الدّولية في حال فشل المفاوضات، كما عبّر نبيل شعث مسؤول العلاقات الخارجية في حركة فتح عن رفض مقترحات "إسرائيل" التي أقرتها الولايات المتحدة بشأن القضايا المتعلقة بوضع القدس، واللاجئين، والحدود، وطلب الاعتراف بها كدولة يهودية. كما حذّر من أن "فشل المفاوضات سيترك الفلسطينيين أمام طريقين يتعين عليهم اجتيازهما، بما في ذلك الدعوة إلى مقاطعة إسرائيل".


وعلى الرغم مما خبرته السلطة من نتائج مرتبطة بعملية المفاوضات، فإن الرئيس محمود عباس حاول أن يبقي الباب مفتوحًا، وإن على مزيد من الوقت لمناورات دولة الاحتلال، فأعلن خلال لقائه رئيسة حزب ميرتس اليساري في 3/3/2014 عن شرطين لقبوله استمرار المفاوضات وهما تجميد الاستيطان والإفراج عن المزيد من الأسرى. أما نتنياهو، الذي استدرج وأسلافه السلطة الفلسطينية إلى تنازلات، فقال إن "إسرائيل قامت بواجبها، أما الفلسطينيون، للأسف، فلم يفعلوا". وقد قال في بداية خطاب ألقاه في مؤتمر "إيباك" في واشنطن في 4/3/2014 أن القدس هي "العاصمة الأبديّة والموحّدة لإسرائيل وللشّعب اليهوديّ".   


وحسم "الكنيست" الأمر في ما يتعلّق بالتفاوض حول القدس عبر التصويت في 12/3 على قانون الاستفتاء العام الذي يتطلب استفتاء شعبيًا قبل الموافقة على أي انسحاب من الأراضي الخاضعة للسيادة الإسرائيلية، ومنها شرق القدس والجولان المحتل. وقد علق النائب زئيف إلكين على القانون بالقول إن القانون إنما يؤمن "حائطًا" آخر لمنع "إسرائيل" من التخلي عن الوطن. وعلى المستوى الشعبي، فقد نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" استطلاعًا للرأي شمل 501 شخصًا من بين الإسرائيليين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة ويتحدّثون اللغة العبرية أظهر أن 80% من المستطلعة آراؤهم غير مستعدّين للتنازل عن القدس من أجل السلام. 


إنّ السّلطة الفلسطينيّة التي قدمت الكثير من التنازلات، سواء عن الحقوق الفلسطينية أو عن شروطها للدخول في المفاوضات، لن تتردد في العودة إلى طاولة التفاوض، وهي لم تغادرها بعد، بمجرد "إغرائها" بما يمكن تسويقه على أنه مكتسبات تحقّقها للشعب الفلسطيني. ويبقى التساؤل إزاء ما نشهده من التمسّك الإسرائيلي بالقدس الموحّدة عاصمة للدولة العبرية ورفض التنازل عن جزء منها، هل يبقى مقبولاً من السلطة الفلسطينية ومن المفاوض الفلسطيني أن يَقصُر تمسكه على بعضٍ من أرضه وحقه، أو أن يفخر بأن "القدس الشرقية" هي القدس العاصمة وأن يسمي ذلك قربانًا على طريق السلام؟ إن البيان الذي وجهته السلطة الفلسطينية في 5/3/2014 إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما والذي قالت فيه إنه لم يبقَ لدى الفلسطينيين ما يمكن أن يتنازلوا عنه يجب أن يكون بداية لمراجعة مسارها وتصحيح تعاطيها مع القضية الفلسطينية الذي يرسم مصير شعبٍ وأرضٍ. 

 

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



السابق

التفكجي: "أملاك الغائبين" سيبقى 6.5% من مساحة القدس للفلسطينيين

التالي

معاقبة "إسرائيل" بين الاستحياء الأوروبي والممانعة الأمريكية

مقالات متعلّقة

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »