هذا ردّهم العملي في القدس فأين ردّكم العملي أنتم؟!
خطوات عملية ومتلاحقة تجعل من نقطة إعلان مدينة القدس مدينة يهودية بشكلٍ كامل تقترب يوماً بعد يوم، فمنذ العام 1967 تم عزل المدينة اقتصادياً وجمركياً عن بقية المدن الفلسطينية الأخرى، وفي العام نفسه قام اليهود بالاستيلاء على حيّ المغاربة وقسمٍ كبيرٍ من حي الشرف في البلدة القديمة, وأسفر ذلك عن مصادرة 116 دونماً من أراضي الوقف الإسلامي تضمّ 595 عقاراً وقفياً إسلامياً منها مسجديْن ويشكّل ذلك 10٪ من مساحة البلدة القديمة.
وفي عام 1969م ظهرت تفاصيل مشروع القدس الكبرى وفي إطاره تمّ تنفيذ حوالي 15 مستعمرة، وهي الحزام الاستيطاني الثاني حول القدس، كما عملت السلطات الصهيونية على توسيع حدود القدس وتقسيمها إلى 8 أحياء لكلّ منها مجلس بلدي فرعي، وتتبع جميعها لمجلس بلدي مركزي مكوّن من 55 عضواً بينهم 38 عضواً من اليهود.
وفي عام 1975م تمّت الموافقة على توسيع خريطة القدس ويشمل هذا التوسّع 9 مدن و60 قرية عربية, أيْ ما يقارب 30% من مجموع مساحات الضفة الغربية، وتنصّ الخطط الاستيطانية الخاصة بمشروع القدس الكبرى على جعل اليهود يشكّلون 70% سكان القدس, أيْ أنْ لا يزيد عدد العرب المسموح لهم بالعيش في نطاق هذا المشروع على 250 ألف نسمة, وهذا يعني أنّ الخطط تشمل تهجير 180 ألفاً من السكان العرب، هذا إذا وُضِع في الحسبان التكاثر المتزايد للعرب.
ولكي يكتمل المخطط فهناك مقترحات بضمّ جميع الكتل الاستيطانية إلى حدود نفوذ بلدية القدس حيث يعتزم عضو الكنيست "يسرائيل كاتس" من حزب الليكود "الإسرائيلي" تقديم اقتراح قانونٍ ينصّ على ضمّ مستوطنات "معاليه أدوميم شرقاً، وغفعات زئيف، وبيتار عيليت، ومفسيرت تسيون" إلى منطقة نفوذ بلدية القدس المحتلة، فيما ستبحث اللجنة الوزارية لشؤون التشريع كيفية تسريع هذا الاقتراح.
ويسعى الاقتراح إلى ضمّ منطقة "1 A" إلى دولة الاحتلال "الإسرائيلي" على غرار ضم القدس الشرقية والمستوطنات القريبة منها.
والواضح أنّ ربط تلك المستوطنات في القدس ليس جديداً، وكان رئيس الوزراء السابق أرئيل شارون ووزير المواصلات الحالي، شاؤول موفاز، قد تدارسا في الماضي مخططاً من هذا النوع.
يُذكَر أنّ الهدف من هذا المخطط فصل القدس الشرقية وكثير من البلدات الفلسطينية بشكلٍ كامل عن الضفة الغربية من كافة الاتجاهات، وضمّ أراضٍ فلسطينية شاسعة إلى القدس، وإغلاق الطريق أمام التواصل الجغرافي بين القدس والضفة الغربية.
ويوضح الاقتراح أنّ المستوطنات بعد الضم ستحافظ على استقلالية في الشؤون المحلية، إلا أنّها ستكون تابعة لبلدية القدس، ويقول كاتس المعروف بمواقفه المتطرفة تجاه الفلسطينيين والعرب: "إن هذا الاقتراح يأتي رداً على ما أسماه «استعداد أولمرت للتنازلات»".
وأشار كاتس إلى "أنّ اقتراح القانون هو اختبار لكافة الكتل في الكنيست ولأولمرت نفسه، وسيكون امتحاناً عملياً لأولئك الذين يدّعون أنّه مع تعزيز أورشليم"، ويشير كاتس إلى أنّ رؤساء السلطات المحلية في تلك المستوطنات يؤيدون الاقتراح بسبب الاستقلالية المحلية لهم.
والجدير بالذكر أنّ أولمرت، كان قد وصف مستوطنة معاليه أدوميم في مقابلة مع صحيفة "جيروزاليم بوست" مطلع العام الجاري بأنها "جزءٌ لا يتجزأ" من (إسرائيل)، وقال: "إنّ مواصلة عمليات البناء هناك "مشروعة" كما هو الحال بالنسبة لمستوطنة هارحوما في القدس الشرقية".
بهذه الخطوات التي بدأت من اللحظة الأولى لاحتلال مدينة القدس فإنّنا نرى وبعين مبصرة أنّ مستقبل القدس في خطرٍ شديد يتّجه نحو تهويد كلّ شيءٍ وضمّها إلى حدود ونفوذ بلدية القدس، وأنّ ما تقوم به المؤسسة "الإسرائيلية" من حفريات حالياً يصب في التسريع في إحكام السيطرة على المسجد الأقصى، والإسراع في تهويد البلدة القديمة ومدينة القدس بصفة عامة، هذا ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ أعمال الحفريات أسفل المسجد الأقصى مستمرة ليل نهار، وأنّ ما قامت به السلطات "الإسرائيلية" أخيراً هو جزءٌ من هذه المخططات وأنّ (إسرائيل) ساعية نحو تقويض المسجد الأقصى ومدينة القدس، مستغلّةً ما تعانيه أمّتنا من أوضاع الفرقة والضعف والهوان.