الديموغرافيا في مدينة القدس: الفلسطينيون أكثر تمسّكاً بمدينتهم المقدسة

تاريخ الإضافة السبت 2 شباط 2008 - 11:39 ص    عدد الزيارات 4868    التعليقات 0     القسم

        



من الواضح أنّ ما تقوم به الدولة الصهيونية من ممارسات استيطانية وممارسات على الأرض، تسعى من خلالها إلى حسم الواقع على الأرض من الناحية الجغرافية والديموغرافية. وإنّ ما أعلنته سلطات الاحتلال يعني أنّها تستبق أيّ حلٍّ قادم، وتؤكّد بهذه الإجراءات أنّ القدس هي عاصمتها "الأبدية"  ولا مكان لعاصمة ثانية فضلاً عن إحداث تغييرٍ جذري في القضية الديموغرافية بعد أنْ تمّ حسْمها من الناحية الجغرافية.

 

فالمُخططات أعلن عنها مباشرة بعد انتهاء مؤتمر أنابوليس والقاضية بتوسيع المستعمرات سيُضاعف أعداد اليهود فيها، مقابل إخراج عشرات الآلاف من المواطنين المقدسيين خارج حدود بلدية القدس التي رسمتها بلدية القدس، كما يهدف هذا المخطط إلى تقسيم الضفة الغربية إلى معازل يتم فصلها عن بعضها، ويعتبر مخطط القدس جزءاً من مخططٍ شاملٍ وكبير لجميع أنحاء الضفة الغربية، وبموجب هذا المخطط الشامل تمّ حتى الآن عزل القدس وغور الأردن ويتمّ العمل على تنفيذ باقي المعازل.

 

فقد أكّدت معطيات جديدة لمعهد (يروشلايم للأبحاث) "الإسرائيلي" أمس، استمرار الهجرة اليهودية من القدس بشقّيها، وتراجع نسبة اليهود أمام نسبة الفلسطينيين، ويتعاطى هذا المعهد مع أحياء الـ48، والقدس الشرقية (1967) كوحدة واحدة، وجاء في  تقريره السنوي أنّه في العام 2006 بلغ عدد سكان القدس أكثر من 733 ألف نسمة، من بينهم 481 ألف يهودي (66%)، مقابل أكثر من 252 ألف فلسطيني (34%)، إلا أنّه حسب تلك المعطيات يتّضح أنّ من بين الفلسطينيين هناك 5 آلاف فلسطيني من فلسطينيّي الـ48، نصفهم من بلدة بيت صفافا، والباقي من مناطق أخرى من فلسطين التاريخية انتقلوا للعيش في القدس.

 

وجاء في التقرير أنّ عدد المستوطنين في الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية المحتلة بلغ في العام 2006 حوالي 187 ألف مستوطن ليشكّلوا بذلك نسبة 43% من مجمل الذين يسكنون في القدس الشرقية المحتلة، علماً بأنّ هدف سلطات الاحتلال هو أنْ يكون عدد المستوطنين في القدس المحتلة منذ العام 1967 أكثر من 50%.

 

ويتّضح من المعطيات الواردة، أنّ ميزان الهجرة اليهودية إلى القدس المحتلة يسجّل تراجعاً سنوياً، ومنذ العام 1998 وحتى العام قبل الماضي، بحوالي 6 آلاف يهودي، لينتقص هذا من نسبة التكاثر الطبيعي لليهود في القدس المحتلة، ولكن هذا لا يمنع زيادتهم السنوية بنسبة 1.2% مقابل 3.1% لدى الفلسطينيين، ومنذ العام 1967 ازداد عدد اليهود في القدس بقسميْها (الشرقي والغربي) بنسبة 143%، في حين ازداد عدد الفلسطينيين بنسبة 268%.

 

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الهجرة اليهودية تتّجه بالأساس إلى مستوطنات ضخمة في محيط القدس، مثل "موديعين عيليت" و"بيتار عيليت" و"معاليه أدوميم"، وغالبية المهاجرين هم من المتدينين الأصوليين، وينتقلون لتلك المستوطنات بسبب سعر البيوت والامتيازات المالية الكبيرة التي يحظون بها، وفي الوقت نفسه أيضاً يُذكر أن المخطط الاحتلالي يقضي بضمّ عددٍ من هذه المستوطنات إلى القدس لتصبح جزءاً منها، وبالتالي إحداث انقلاب ديموغرافي مصطنع، بالتوازن بين عدد الفلسطينيين واليهود في المدينة.

 

إنّ ما يجري اليوم في القدس من عمليات توسيع استيطانية كبيرة جداً سواءً داخل مدينة القدس أو ما حولها، هو لتنفيذ رؤية اولمرت باتجاه مدينة القدس لعام 2010 والتي تقضي بضم الكتل "الاستيطانية" الموجودة خارج حدود القدس إلى داخلها في البداية، تتبعها عملية الضم وخاصة في مستعمرة "معاليه أدوميم" التي تلتف حتى غور الأردن والتي هدفها استراتيجي كبير جداً وهو فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها وكذلك حسم الميزان الديموغرافي لصالح اليهود داخل المدينة، ولم يكنْ بمقدور أولمرت القيام بذلك إلا بعد أنْ أخذ الموافقة الأمريكية والضوء الأخضر بعد مؤتمر أنابوليس، وعلى الرغم من كلّ هذه المخططات وعلى الرغم من كل الميزانيات المالية الضخمة التي توضع لصالح هذه الخطط فإنّ المعطيات الديموغرافية تشير إلى تراجع نسبة اليهود أمام الفلسطينيين في القدس ويعود ذلك إلى تمسك الفلسطينيين بمدينتهم المقدسة وبأرضهم على الرغم من كل الممارسات الصهيونية القاسية بحق سكان مدينة القدس.

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



السابق

هذا ردّهم العملي في القدس فأين ردّكم العملي أنتم؟!

التالي

ملحمة الأقصى

مقالات متعلّقة

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »