القــدس بين مطــرقة التهـويد وســندان المفـاوضـات

تاريخ الإضافة الإثنين 17 حزيران 2013 - 2:40 م    عدد الزيارات 4188    التعليقات 0     القسم

        




شهدنا في الأيام الماضية بعض السياسات والتصريحات التي تحاول تهيئة النفسية الفلسطينية والدولية بطرق متتابعة وحذرة لتقبّل فكرة الخوض مجدداً في مسرحية المفاوضات الواعدة بدويلة فلسطينية في«الفضاء»، بعد أن قضى الكيان الإحلالي على إمكانية إقامتها على أرض الواقع في الظروف الحالية، فلم يبق للفلسطينيين اليوم إلا 8% من الأراضي الفلسطينية التاريخية والتي يسيطر عليها الاحتلال فعلياً، ينهب مواردها ويقطّع أوصالها بمستوطنات يهودية وطرق تربط بينها (انظر البيانات الجديدة الصادرة عن مركز بحوث الأراضي). أما القسم الشرقي من القدس والذي احتُل عام 1967م، فإنه يحتوي اليوم على ثمانية وخمسين ألف وحدة استيطانية و200 ألف مستوطن، في حين لم يتبق للفلسطينيين الذين ملكوا 100% من القدس إلا 13% منها(انظر تصريحات مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق: المركز الفلسطيني للإعلام).

تزامناً مع هذه التصريحات تعجب الفلسطينيون من الاستغراب الذي أبداه مؤخراً حاملو راية المفاوضات الملقبون ب«المقاومين السلميين» عقب تصريحات يهودية مطالبة بتقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً، عبر ندوة نظمتها الجمعية اليهودية «عير عميم» بالتعاون مع «مركز حماية الديمقراطية في إسرائيل»، وكأن هؤلاء فوجئوا بهذه المنظومة الفكرية الصهيونية، بل والأدهى أنهم قللوا من خطورتها بدعوى أنها تمثل «تيارات يهودية متطرفة وغير رسمية».

ولنا هنا أن نتساءل، ألم تُصرح قيادات يهودية مراراً وتكراراً بمثل هذه الأقوال؟ ألم تُنفذ المخططات الصهيونية على أرض الواقع؟ إذن لماذا كل هذا الاستغراب؟ وما حقيقة ما تحمله «العملية السلمية»؟

لقد عبرت القيادات اليهودية الرسمية، اليسارية واليمينية، عن موقفها من قضية القدس خلال تصريحاتها الداخلية والخارجية، بل وصدقت تصريحاتها بإنجازات مستمرة على أرض الواقع. والباحث عن هذه التصريحات سيجد منها ما لا يعد ولا يحصى، نكتفي هنا بإطلاع القارئ على بعض ما صرح به الرئيس الحالي نتنياهو متحدثاً باسم "أجيال وأجيال من اليهود" كما قال في خطابه الشهير أمام الأمم المتحدة رداً على خطاب محمود عباس في أيلول 2011، والذي نذكر منه: «على الفلسطينيين الاعتراف بحقنا التاريخي في القدس، هم يتحدثون عن تهويد القدس، وهذا أشبه باتهام أمريكا بأمركة واشنطن، أو الإنجليز بانجلزة لندن..هل تعلمون من أين جاءت تسمية يهود؟ إنها تعود إلى منطقة يهودا التي كانت أورشليم ضمن حدودها وعاصمة لها»، وأكمل تصريحاته معبراً عن الحلم اليهودي في القدس «ظل اليهود يتطلعون الى أرض اسرائيل ويلهجون بالدعاء ويخفتون القول’سنلتقي العام القادم في أورشليم‘ ’العام القادم في أرض الميعاد‘» (خطاب نتنياهو امام الجمعية العامة أيلول 2011).

وأعاد نتنياهو تصريحاته هذه في خطاب محلي في مدينة عكا قبل عدة شهور مشدداً على أن القدس الموحدة هي عاصمة «إسرائيل» الأبدية وأنه «لا بد من قول المفهوم ضمناً أحياناً.. إن جذور الصهيونية في صهيون، هي قائمة على صهيون، هي قائمة على القدس، القدس هي عاصمة اسرائيل الأبدية وسنستمر في البناء فيه» (انظر خطاب نتنياهو، http://news.walla.co.il/?w=/9/2598168 ).

إذن هذه التصريحات لا تميز فقط بعض التيارات «الاستثنائية المتطرفة» كما يدعي البعض من أصحاب المصالح السياسية والاقتصادية الضيقة، بل هي عقيدة اليهود في القدس، عقيدة ثابتة راسخة، تُسخر من أجلها كل الطاقات، من حكومات يهودية ومنظمات وتيارات صهيونية شرقية وغربية، وما الحقائق القائمة على أرض الواقع والمخططات التي يتم الكشف عنها باستمرار، والتصريحات الرسمية وغير الرسمية، إلا دليلاً قاطعاً على ذلك.

إذن فلم الاستغراب!؟ وأي مفاوضات سينسج الطرف الأمريكي في ظل التغيرات الإقليمية والدولية المستمرة ؟ وماذا يريد نتنياهو من هذه المفاوضات؟

لعلنا نجد جواباً في خطاب بنيامين نتنياهو الذي دعا فيه محمود عباس أمام العالم أجمع للسير معه لتحقيق «رؤية اشعياء ’الشعب السالك في الظلام رأى نورا ساطعا‘» (استمع لخطاب نتنياهو امام الجمعية العامة، http://www.youtube.com/watch?v=uIIV3QgzjnI ).

 

أما النور والسلام في تصور نتنياهو كغيره من القادة الصهاينة فلا يقومان إلا بالسيطرة الكاملة على القدس والأقصى ومحو كل وجود عربي وإسلامي فيهما، إقتداء بالمؤسس الصهيوني ثيودور هرتزل الذي قال عام 1897، «إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء، فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها، وسأحرق الآثار التي مرت عليها قرون» (انظر رفيق النتشة وإسماعيل ياغي، 1984: 157).

 

 

مقالات متعلّقة

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »