ماذا لو نقلت الإدارة الأمريكية سفارتها إلى القدس؟
الجمعة 31 آذار 2017 - 1:43 م 7030 0 مقالات |
صالح أبو ناصر
كاتب وإعلامي فلسطيني
لا يفتأ الساسة الأمريكيون في الإفصاح عن رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس، وكان آخرها تصريح نائب الرئيس مايك ينس في كلمة له أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الاسرائيلية"آيباك" وهي أقوى جماعات الضغط الاسرائيلية قوة وتأثيرا على القرار الأمريكي اتجاه دعم الاحتلال الاسرائيلي، ويشير تصريح مايك أمام الآيباك إلى أن الإدارة الأمريكية تجاوزت التوازنات السياسية المحيطة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي في مناقشة نقل سفارتها إلى القدس وأضحت المسألة مسألة وقت لتحقيق ذلك بعد أن ماطل الرؤساء الأمريكان من خلال التأجيل الدوري كل 6 شهور لأسباب تتعلق بالأمن القومي في تنفيذ قرار الكونغرس بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس منذ العام 1990 والذي حوله إلى قانون عام 1995.
وينص قانون الكونغرس على 3 ركائز:
الركيزة الأولى: القدس مدينة موحدة غير مجزئة بشقيها الشرقي والغربي.
الركيزة الثانية: الاعتراف بالقدس الموعودة عاصمة لـ"إسرائيل".
الركيزة الثالثة: تلتزم الإدارة الأمريكية بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس.
إن فعلت الإدارة الأمريكية فعلتها تكون قد أحدثت ثغرة في جدار الموانع الدبلوماسية أمام المنظومة الغربية اتجاه القدس، وضرب مواثيق الأمم المتحدة الرافضة للسيادة الاسرائيلية على شرقيي المدينة والتي تعتبرها أرضا محتلة خاضعة لاتفاقية جنيف الرابعة بعرض الحائط، وستدفع المدينة أثمان ما ستؤول إليه هذه الخطوة على المستوى السياسي الدبلوماسي وانعكاساتها على المدينة ومقدساتها، في ظل انشغال المنطقة بمشاكلها وعدم قدرة بعضها على مناقشة أكثر من شؤونها الإدارية.
فعلى المستوى السياسي والدبلوماسي تعني هذه الخطوة اعتراف أمريكي بأن القدس هي عاصمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي بجغرافية المدينة الطبيعية، وبذلك تتخلى الإدارة الأمريكية عن مساعيها في التوصل إلى تسوية سياسية تنهي "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي" وإحلال حل الطرف الواحد وما يناسبه وترك الفلسطينيين أمام الممارسات العدوانية الاسرائيلية اليومية، وتصبح القدس شأنها شأن أي مستوطنة اسرائيلية بالنسبة لدولة الاحتلال وبالتالي ما عاد هناك داعٍ للتفاوض على ما يخصها لأن صارت شأناً إسرائيليا خالصا، وبهذه الخطوة تطلق أمريكا رصاصة الرحمة على إمكانية التوصل إلى حل ينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإعلان وفاة لمشروع حل الدولتين الذي على أساسه صيغت التفاهمات مع السلطة الفلسطينية منذ اتفاقية أوسلو عام 1993.
وقد تؤدي هذه الخطوة إلى تشجيع الدول الكبرى والقيام بخطوات مماثلة في نقل سفاراتها من تل أبيب القدس وبالتالي سيتحول الأمر الواقع إلى قانوني يكرس إسرائيلية المدينة عالميا، ما يجعل المقدسيين بالنسبة للدول التي تقرر نقل سفارتها إلى القدس عبارة عن أقلية مسلمة تسكن في عاصمة "إسرائيل" عليهم الالتزام بقرارات الاحتلال والتخلص من نزعاتهم القومية اتجاهها.
وعند إصباغ الطابع القانوني لهوية القدس السياسية للكفة الاسرائيلية سيكون ذلك بمثابة "شك على بياض" لتحويل انعكاساتها إلى إجراءات طبيعية قانونية تتعلق في تغيير التركيبة الديمغرافية من المناطق التي مازالت تحافظ على سكانها الأصليين، وتقديم دعم للجمعيات الصهيونية الناشطة في مجال السيطرة والاستيلاء على بيوت المقدسيين. وتمكين الشركات العقارية الاسرائيلية من تنفيذ مشاريعها بشكل أكبر لتهويد الطابع العمراني في المدينة وزيادة المستوطنات في محيط وداخل القدس.
وقد تهوي الوصايا الأردنية على المسجد الأقصى المبارك بعد أن تنال دولة الاحتلال الصبغة السياسية والقانونية لإسرائيلية المدينة وبعد ذلك بإمكان حكومة الاحتلال تنفيذ ما تطمح له من التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك.