عيد الجرمق... بماذا كانوا يحتفلون!

تاريخ الإضافة الأحد 2 أيار 2021 - 11:45 ص    عدد الزيارات 2150    التعليقات 0     القسم تدوينات

        


أسامة الأشقر

رئيس مجلس إدارة مركز المخطوطات والوثائق الفلسطينية وعضو اتحاد الكتاب العرب

 

الحاخام شمعون بار يوحاي أو شمعون باركوبا الذي يزعمون أن ضريحه في هذا الجبل الفلسطيني هو الرمز الذي كان المتدينون اليهود يحجون إليه في تجمّعهم الضخم الذي أودَى بحياة العشرات منهم في تدافعٍ مجنون على أنغام حماسية راقصة تستعيد ذكرى هذا الحاخام الباطني الصوفي الذي ينسبون إليه ثورة اليهود بين عامي 132-136م ضد الحكام الرومان حين منعوا اليهود من ممارسة شعائرهم في الختان وتعظيم قدسية السبت وبعض تقاليدهم تجاه النساء.

 

وينسب بعضهم إلى هذا الحاخام أنه كان وراء أكثر تلك العظات التوراتية والتفاسير الانتقائية لمواضع من التوراة في حقبة المشناة التي عُرفت باسم "الزوهار" أي الإزهار والتألق وهو من الأعمال الرئيسية للقبلاه اليهودية التي تهتم بالألوهيات والغيبيات في المعتقدات اليهودية، رغم أن الزوهار عرفت واشتهرت في إسبانيا بعد ذلك بنحو 12 قرناً. 
ويزعمون أن هذا الحاخام اختبأ مع ابنه 13 عاماً في مغارة "بكئين" خوفاً من اكتشاف الرومان له، ويزعمون أن هذه المغارة ربما كانت في بلدة البقيعة الجليلية؛ وقد عظمه اليهود ونسبوا له الكرامات بأن شجرة ترعرعت عند المغارت وأظلتهما، وانفجر عندهما نبع ماء عذب، وصوروا حياتهما بأنهما عانيا الجوع والعطش حتى نزعوا عنهما الثياب،ودفنا نفسيهما في الرمال، وظلّا يتدارسان التوراة رغم كل الظروف؛ وقالوا إن الحاخام كان يطرد الشياطين، ويخرجن الجنّيّ من الإنسي كما فعل مع ابنة إمبراطور روما حين ذهب إليه في روما مع وفد لاستعطافه برفع القرارات الرومانية عن إقامة الشعائر اليهودية؛ وجعله بعض من آمن به المسيح المنتظر لدى اليهود في زمانه الذي سيقود اليهود للنصر على جميع الأعداء. 

 


وقد بالغ المؤرخون اليهود المسيّسون في تصوير هذا "التمرد" وجعلوه بمثابة الاستقلال الوطني لعدة سنوات بعد ما يسمونه بخراب الهيكل الثاني بنحو 62 عاماً، ويحكون أن هؤلاء المتمردين اليهود أوقدوا الشعلات إيذاناً ببدء التمرد، ولذلك يسمى عيدهم هذا بعيد الشعلة، حيث يحتفلون بإيقاد الشعلة المركزية عند ضريح هذا الحاخام في مستوطنة "ميرون" غربي مدينة صفد في جبل الجرمق الذي غيّروا اسمه وزيّفوه إلى جبل "ميرون".  
ويحتفي هؤلاء المتدينون اليهود بهذا اليوم إحياءً لذكرى قتلاهم في هذا التمرد الذي تزيّدوا في أعداد المشاركين فيه بأنه بلغ 24000 يهودي، وأن وباء قاتلاً فتك بهذا الجيش، ولم يتوقف إلا في هذا اليوم الذي يحتفون بذكراه "لاغ باعومر" حيث يُسمح للناس بالفرح والزواج والرقص والابتهاج بعد منع يدوم لسبعة أسابيع، وكثيراً ما يسمون هذا اليوم بأنه يوم الزيجات، لكثرة ما يتزوج فيه المتدينون اليهود؛ كما تقام فيه طقوس التنظف وحلاقة الشعر لاسيما للأطفال الذين بلغوا الثالثة من أعمارهم في يوم "الحلقة".  

 


وقد تبنت الحركة الصهيونية هذا العيد وهذا الحاخام ، وقدمته كثائر قومي يهودي قديم، واهتمت بتأليف الأغاني والأهازيج الملحنة له، وتصديره مع رفاقه في صورة الأبطال والرموز، ومن المعلوم أن  قيادة عصابة الهاجاناه اتخذت قرارا في يوم عيد لاغ بعومر بتأسيس وحدات عسكرية مفرّغة في العام 1941، عرفت باسم "بالماح"؛ كما اتخذوا من القوس والنشاب وهي من رموز لاغ بعومر شعارا لحركات الشبيبة المتطوعين في صفوفها قبيل حرب النكبة في العام 1948.  

 


والغريب أن هذه الاحتفالية بهذا التمرد ورموزه تناست أنه قد تسبب في خراب حال هؤلاء اليهود وانتهاء نفوذهم وسقوط قوتهم دهراً طويلاً امتدّ إلى يومنا استعلائهم علينا في حرب النكبة، فهي في حقيقة الأمر ذكرى نكسة لا ذكرى انتصار.


وفي العموم فإن الجبل الفلسطيني العظيم "الجرمق" يعرف أهله، ويلفظ ما سواهم .

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



السابق

القدس لن تترك وحدها.. الشعوب تخرج تضامنا ونصرة للشباب المقدسي

التالي

نظرة في الحراك المقدسي وقوته

مقالات متعلّقة

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »