في اعتداء واضح على صلاحية الأوقاف... الاحتلال يمنع أعمال الترميم والصيانة في الأقصى

تاريخ الإضافة الخميس 28 كانون الثاني 2021 - 10:46 م    عدد الزيارات 1292    التعليقات 0    القسم المسجد الأقصى، مواقف وتصريحات وبيانات، التفاعل مع القدس، مشاريع تهويدية، تقرير وتحقيق

        


موقع مدينة القدس l استأنفت لجنة إعمار الـمسجد الأقصى عملها يوم أمس الأربعاء بعدما منع الاحتلال طواقمها، على مدى أربعة أيام، من القيام بأعمال الترميم والصيانة في الأقـصى؛ وقد طال المنع يوم الثلاثاء العمل في مرافق المسجد كافة بعدما شمل على مدى الأيام الثلاثة التي سبقته أعمال الترميم في المصلى القبلي ومسجد قبة الصّخرة.

 

ووفق مدير لجنة الإعمار في الأقصى المهندس بسام الحلاق، منعت قوات الاحتلال، السبت 2021/1/23، لجنة الإعمار في الأقصى من تنفيذ أعمال صيانة وترميم في المصـلى المرواني، ثمّ دهمت، الأحد، مصلى قبة الصخرة، وأوقفت العاملين ومنعتهم من استكمال أعمال ترميم الرخام والدعامات الداخلية في المصلى، وهدّدتهم بالاعتقال والإبعاد في حال الاستمرار بالعمل في المكان.

 

اعـتداء قديم متجدّد

 

ليست هذه المرة الأولى التي يمنع الاحتلال فيها أعمال التّرميم في المسجد، ووفق التقرير الفلسطيني الاستراتيجي 2018-2019 الصادر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، شكّل التدخل في ترميم المسجد الأقصى خطًا عامًا في سياسة الاحتلال حيال القدس منذ عام 2000، فقد بدأت محاولاته الأولى بمنع ترميم الجدار الجنوبي الأقصى من جهة المدرسة الخثنية، والجدار الجنوبي الشرقي من جهة درج البوابات العملاقة للمصلى المرواني التي كانت قد أعيد افتتاحها قبل سنوات قليلة. وقد تعمّدت سلطات الاحتلال تأخير الترميم في ظل انـتفاضة الأقصى حتى عام 2003، حيث أجرت الأوقاف الإسلامية الترميمات المطلوبة وعالجت التشققات في سور المسجد، وقد عرقل الاحتلال هذه الترميمات فاستغرق تنفيذها أربع سنوات.

 

واللافت أنّ الاحتلال لا يتوقف عند حد منع الأوقاف من الترميم بل يعمل على تكريس نفسه على أنّه بديل الأوقاف وصاحب صلاحية الترميم في المسجد. وكان ذلك واضحًا بشكل خاص على أثر سقوط حجر من سور الزاوية الجنوبية الغربية للأقصى في تموز/يوليو 2018، إذ عملت سلطات الاحتلال على فرض تدخل مباشر في أعمال الترميم، فمنعت موظفي الأوقاف من معاينة مكان الانهيار ثمّ عمدت إلى نصب سقالات في المكان وباشرت أعمال الترميم في كانون ثانٍ/يناير 2019.

 

كذلك، فإنّ شرطة الاحتلال قامت في أيار/مايو 2019 بترميم الخلوة الجنبلاطية التي تغتصبها في صحن الصخرة، واستولت على غرفة تسوية تقع تحتها، في اعتداء واضح على دور الأوقاف والأردن في إعمار الأقصى.

 

وكان التقرير السنوي لمراقب عام الدولة، الصادر عام 2011، زعم أنّ غياب الإشراف اللازم على أعمال الوقف في الأقصى أدّى إلى تخريب قطع أثرية مهمّة. وأشار التقرير حينها بشكل خاص إلى الترميم في المصلى المرواني قائلًا إنّه تمّ "من دون أي تنسيق مع السلطات المكلّفة تطبيق القانون في الأقصى، ومن دون التصاريح والتراخيص المطلوبة"، وإنّ "استخدام آليات أضرّ ببعض الأدلة الأثرية".

 

مواقف وإدانات

 

أثار منع الاحتلال أعمال الترميم في الأقصى، بما تشكّله من استهداف لدور الأوقاف واعتداء على الوضع القائم التاريخي ومحاولة واضحة لتغييره، ردات فعل رافضة، وصدرت بيانات تطالب الاحتلال بوقف اعتدائه.

 

فقد أكد مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس، في بيان صدر في 2021/1/24، أن شرطة الاحتلال تعمل على إيقاف أعمال ونشاطات مديرية الإعمار في المسجد الأقصى كافة، وتمنع ترميم مواقع مهمّة داخل المسجد تحتاج الى ترميم فوري، وتعمل على تعطيل إدخال أبسط المواد الأساسية اللازمة للصيانة. ووفق البيان، فإنّ مديرية مشروعات إعمار الـمسجد لا تستطيع صيانة أو ترميم أي عطل أو خلل يطال أبسط مرافق الـمسجد، علاوة على ما يتعرض له موظفوها من ملاحقة وتهديد بالاعتقال والإبعاد. وثمّن المجلس "حرص أبناء بيت المقدس على رباطهم ودفاعهم عن المسجد الأقصى المبارك وبذل الغالي والنفيس في سبيل ذلك"، مؤكدًا أنّ "جميع أعمال إعمار وصيانة وإدارة المسجد الأقصى المبارك والحفاظ عليه هي من اختصاص دائرة الأوقاف الإسلامية وشؤون المسجد الأقصى المبارك حصرًا".

 

كذلك، أكد عضو الهيئة الإسلامية العُليا المحامي حمزة قطينة أن منع موظفي الإعمار تعدٍّ وتدخل في شؤون المسجد الأقصى، وانتهاك خطير لحرمته، وتقويض وتعطيل للوصاية الأردنية وإدارة دائرة الأوقاف على أرض الواقع.

 

وقال مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني إنّ الترميم في المسجد الأقصى من صلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية فقط ولا حق لشرطة الاحتلال بالتّدخل فيه.

 

واستنكرت وزارة الأوقاف الفلسطينية، في 2021/1/24، اقتحام شرطة الاحتلال مصلى قبة ومنعها أعمال الترميم التي تقوم بها طواقم لجنة إعمار المسجد الأقصى داخل المصلى. وأكد وكيل الوزارة حسام أبو الرب رفضه سياسة الاحتلال بالتدخل في شؤون المسجد بهدف "إحكام السيطرة عليه، ومنع الجهات المختصّة وصاحبة الحق من العمل".

 

وقالت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية إنها وجهت، في 2021/1/25، عبر القنوات الدبلوماسية، مذكرة احتجاج طالبت فيها دولة الاحتلال بالكف عن انتهاكاتها واستفزازاتها بحقّ المبارك، واحترام سلطة إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأردنية. ودانت الوزارة انتهاكات سلطات الاحتلال المتواصلة، وآخرها التعدّي على صلاحيات إدارة أوقاف القدس، وتعطيلها أعمال التّرميم في قبة الصخرة المشرفة.

 

وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير ضيف الله الفايز أن الممارسات الإسرائيلية بحقّ إدارة الأوقاف مرفوضة ومدانة، مشددًا على أنّ الأوقاف هي السلطة الوحيدة المسؤولة عن الأقصى ورعايته والإشراف عليه. ودعا الفايز دولة الاحتلال إلى التقيّد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، كقوة قائمة بالاحتلال في القدس المحتلة، والكفّ عن التصرفات العبثية اللامسؤولة، واحترام الوضع القائم التاريخي والقانوني، واحترام سلطة وصلاحيات إدارة الأوقاف.

 

التّرميم مقابل باب الرحمة؟

 

قالت مؤسسة القدس الدولية، في 2021/1/26، إنّها حصلت على معلومات مؤكّدة تفيد أنّ الاحتلال يحاول مقايضة الترميم بإغلاق مصلى باب الرحمة. وقالت المؤسسة إنّ الاحتلال، ومنذ عامين، يقايض الأوقاف الإسلاميّة للسماح لها بترميم بعض مرافق الأقصى، مقابل إعادة إغلاق مصلى باب الرحمة، أو استخدامه بشكلٍ لا يجعله مفتوحًا أمام المصلين. ووفق المؤسسة، تصرّ شرطة الاحتلال على تنفيذ الأمر القضائي بإغلاق مصلى باب الرحمة كشرطٍ للسماح بأيّ أعمال صيانة أو ترميم في الأقصى.

 

وأكّدت المؤسسة، استنادًا إلى شواهد سابقة اغتصب فيها الاحتلال صلاحية الترميم، أنّ مقايضة إغلاق مصلى باب الرحمة ليس إلا مناورة تكتيكية من طرف الاحتلال، وأن اغتصاب صلاحية الإعمار من الأوقاف الأردنية سياسة ثابتة ماضية في طريقها ينبغي التصدي لها، والتكيف معها ليس خيارًا.

 

ومع إصرار الاحتلال على استهداف الأقصى، شدّدت المؤسسة على أهمية الموقف الشعبي فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا في ظلّ تراجع الموقف الرسمي، وقالت إنّ الموقف الشعبي تمكن من فرض إرادته في هبة باب الأسباط 2017 وهبة باب الرحمة 2019 وصنع تجربة الفجر العظيم في 2020. ووجهت المؤسسة نداءً للتيارات والحركات الشعبية لتجعل ما يجري في الأقصى في قلب اهتمامها، إذ إنّ حماية المسجد واجب عربي وإسلامي، وهي في الوقت عينه جبهة قادرة على فرض التراجعات على المحتل وفتح الباب نحو تراجعاتٍ أكبر، بصمود المقدسيين والفلسطينيين الذي أثبت مرة بعد مرة أنه قادر على اجتراح المستحيل، فواجبنا أن نكون إلى جانبه وألّا نتركه وحده للاحتلال يستفرد به.

 

علي ابراهيم

عام من "الطوفان" وما شجن في النفس والعالم!

الثلاثاء 8 تشرين الأول 2024 - 10:54 م

لو سألنا في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أيَّ خبير إستراتيجي أو محلل سياسي، عن التغييرات الكبرى في العالم، والصراعات القادمة فيه، لتحدث عن ملفات عديدة، ابتداء بالصراع الروسي والأوكراني، وتحجيم ا… تتمة »

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »