منع اقتحام 28 رمضان: كيف حوّل المرابطون "يوم القدس" إلى نكسة للمستوطنين؟

تاريخ الإضافة الثلاثاء 11 أيار 2021 - 11:07 ص    عدد الزيارات 1184    التعليقات 0    القسم أبرز الأخبار، تقرير وتحقيق

        


موقع مدينة القدس l  حتى الثانية عشرة من ظهر أمس الإثنين 28 رمضان لم تتمكّن قوات الاحتلال من إدخال مستوطن واحد إلى الأقصى في اليوم الذي كانت جماعات المعبد تستعدّ وتحشد له منذ ما قبل شهر رمضان لاستعراض الطقوس التلمودية في المسجد وإثبات السيادة الإسرائيلية على المسجد. على مدى قرابة ثلاث ساعات أعقبت اقتحام قوات الاحتلال الأقصى بعيد الثامنة صباحًا، حولّ الاحتلال ساحات المسجد ومصلّياته إلى ساحة حرب استعمل فيها الأعيرة المطاطية وقنابل الغاز، من دون أن يتمكّن من اختراق صفوف المرابطين والمعتكفين الذين واجهوا وثبتوا لمنع الاقتحام المرتقب.

 

ظلّ المعتكفون على تأهّبهم، ومرّ يوم 28 رمضان من دون أن يتركوا مجالاً للاحتلال لمحاولة السماح للمستوطنين بالاقتحام في ما تبقّى من اليوم.

 

الاحتلال الذي فشل في تأمين اقتحام المستوطنين للأقصى، كان قراره الإبقاء على مسيرة الأعلام التهويدية والسماح بمرورها في منطقة باب العامود، لكنّه عاد ليتراجع في اللحظات الأخيرة ويقرّر منع مرورها في المنطقة. إلا أنّ المستوطنين سرعان ما تفرقوا وهربوا من المسيرة بعد رشقات صاروخية أطلقتها المقاومة من غزة واستهدفت بها القدس المحتلّة.

 

ماذا حصل في الأقصى يوم 28 رمضان؟

 

اقتحمت شرطة الاحتلال الأقصى من باب المغاربة، عند الثامنة وعشر دقائق، وسط إطلاق كثيف للرصاص المطاطي وقنابل الصوت. وعند الثامنة وعشرين دقيقة، اعتلت شرطة الاحتلال سطوح السور والأروقة لعجزها عن فتح جميع الأبواب للاقتحام، وأطلقت الرصاص المطاطي والقنابل بكثافة على المرابطين داخل الأقصى. في التاسعة وعشر دقائق، اقتحمت قوات الاحتلال مصلى باب الرحمة واعتدت على المرابطات فيه، ثم كان هجوم قوات الاحتلال على المسجد القبلي عند التاسعة وعشرين دقيقة وإطلاق كثيف وعشوائي للرصاص المطاطي وقنابل الدخان والصوت داخل المسجد.

 

استمرّ المشهد على وقع اعتداءات الاحتلال على الأقصى ومصلياته والمعتكفين ومحاولات إخراجهم بالقوة لإفراغ المسجد من المصلّين. واعتدى قوات الاحتلال على طواقم الإسعاف، ومنعتها من دخول الأقصى لإسعاف المصابين ونقلهم، وعمدت أيضًا إلى إغلاق عيادة الأقصى باللحام الحديدي لمنع تقديم العلاج فيها على الرغم من ارتفاع أعداد المصابين.

 

وأفادت جمعية الهلال الأحمر عن إصابة 612 فلسطينيًا في مواجهات أمس الإثنين في الأقصى ومحيط البلدة القديمة، مشيرة إلى أنّ أكثر من 411 إصابة نُقلت لمستشفيات المقاصد والفرنساوي والمطلع والمستشفى الميداني للهلال، لاستكمال تلقي العلاج.

 

وتحدثت تقارير أولية لوسائل الإعلام العبرية في وقت مبكر من صباح أمس الإثنين 5/10 عن قرار للقائد العام لشرطة الاحتلال، كوبي شبتاي، بمنع المستوطنين من اقتحام جماعي للأقصى. ووفقًا لشرطة الاحتلال بالقدس، فإنّ القرار اتخذ بعد تقييم "استخباراتي" ومشاورات مع مختلف قيادة الأجهزة الأمنية، وذلك خوفًا من اشتعال الأوضاع بالقدس وخروجها عن السيطرة، وقالت شرطة الاحتلال في بيان مقتضب: "سنستمرّ في السماح بحرية العبادة، لكننا لن نسمح بحدوث اضطرابات".

 

وكان الناطق باسم شرطة الاحتلال في القدس إيلي ليفي قال، يوم الأحد 5/9، إنّ جميع الفعاليات للاحتفال بـ "يوم القدس" "تتمّ كالمعتاد"، لكن إذا شعرت الشرطة أنّ "الصعود إلى جبل المعبد سيؤدي إلى أذىً [للمستوطنين] فإننا بالتأكيد سنعيد تقييم الموقف".

 

ووفق تقارير نقلها إعلام الاحتلال يوم الأحد، فقد وجّه المستوى الأمني تحذيرات للمستوى السياسي من أنّ إقامة المستوطنين لفعاليات "يـوم القـدس" قد تشعل شرق القـدس وتؤدّي إلى تصعيد جديد، بناء على التوترات الأمنية في الأيام الأخيرة. ووفق تقييم أجراه مسؤولون أمنيون كبار مع المستوى السياسي والأجهزة الأمنية الأخرى يجب اتخاذ إجراء لتغيير موعد "مسيرة الأعلام" أو على الأقل تقليل عدد المشاركين فيها وتغيير مسار المسيرة بحيث لا تمر في المناطق الحساسة التي يكون احتمال الاحتكاك فيها مرتفعًا. كذلك، حذّروا من اقتحام الأقصى في 28 رمضان لأنّ ذلك سيؤدي إلى توترات أمنية في غزّة والضفة.

 

جماعات المعبد: يوم كئيب ومهين

 

"ليس عيدًا، يوم صعب، حزين، كئيب ومهين. لقد فقدنا احترامنا الذاتي والوطني. لدولة إسـرائيل نُسخة يوم القدس 2021 لا يوجد قيم سوى الطموح للهدوء. حتى الهدوء غير موجود". بهذه الكلمات وصف أرنـــون سيغال، أحد نشطاء جماعات المـــعبد، انتكاسة المــستوطنين وفشل اقتحام الأقصى في "يوم القدس". فالتحضيرات والدعوات التي تكثّفت وتيرتها منذ بداية شهر رمضان، والتأكيدات أنّ الأقصى سيكون مفتوحًا، واشتراك حاخامات مؤثرين في دعو أنصارهم وتشجيعهم على اقتحام المسجد، وحتى تعهّد وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال بالسماح بالاقتحام، كلّ ذلك تلاشى أمام إصرار جماهير القدس على منع الاقتحام، وصمودهم وثباتهم في وجه قوات الاحتلال التي حاولت إخراجهم من المسجد بالقوة لعلّها تتمكّن من تأمين الاقتحام.

 

وتعدّ هذه الانتكاسة ضربة لما تحاول جماعات المعبد تأكيده من مزاعم أنّ "جبل المعبد لليهود" وأنّ المسجد جزء من دولة الاحتلال. فما فعلته جماهير القدس أمس فرض على الاحتلال أن يتساءل "هل جبل المعبد بأيدينا حقًا؟"، وهو استحضار للشعار الذي رفعه الجنرال موتي غور عند احتلال الأقصى عام 1967.

 

دلالات منع اقتحام 28 رمضان

 

في عام 2019، فرض الاحتلال اقتحامين بالتزامن مع المناسبات الإسلامية؛ الأول في 2 حزيران/يونيو بالتزامن مع 28 رمضان، والثاني في 11 آب/أغسطس بالتزامن مع أول أيام عيد الأضحى. وجاء ذلك ضمن سياسة مخالفة لما كان معمولاً به في السنوات السابقة عندما كان الاحتلال يمنع الاقتحامات عند تزامن المناسبات العبرية مع تلك الإسلامية.

 

في عام 2020، كان الأقصى مغلقًا في شهر رمضان على خلفية انتشار جائحة كورونا، ولذلك، لم يتمكّن المستوطنون من اقتحام الأقصى في "يوم توحيد القدس" الذي صادف العام الماضي في العشر الأواخر من رمضان.

 

العام، كانت جماعات المعبد تتطلّع إلى يوم 28 رمضان لتنفيذ اقتحام حاشد للأقصى عبر مشاركة 2000 مستوطن، وأداء الطقوس التلمودية في المسجد، وتسجيل إنجاز تدرجه تحت عنوان "السيادة الإسرائيلية" على الأقصى. لكنّ رياح الاعتكاف والرباط في الأقصى لم تجرِ بما اشتهته سفن المستوطنين، واضطرت سلطات الاحتلال إلى منع الاقتحام أمام الإرادة الشعبية وثبات المعتكفين وتصدّيهم لقوات الاحتلال على مدى يوم أمس.

 

ووفق الباحث المتخصص في الشأن المقدسي زياد ابحيص، فقد شهد يوم 28 رمضان انكسار ثالث البرامج التطبيقية في سياق مخططات تهويد الأقصى، فالاحتلال يتبنى أجندة إحلالٍ ديني لإزالة الأقصى بكامل مساحته ومعالمه وتأسيس المعبد في مكانه، ولبعد هذا الهدف عن واقع الحال وضعت ثلاثة برامج عمل اصطدمت كلها بحاجز الإرادة الشعبية: برنامج التقسيم الزماني الذي وبلغ ذروته عام 2015 بمحاولة إغلاق الأقصى في وجه المسلمين وتخصيصه لليهود في عيد رأس السنة العبرية، فوضعت هبة السكاكين حدًا له واضطر نتنياهو للتراجع عنه وحظر اقتحامات المسؤولين الإسرائيليين، فانتقلت إلى التقسيم المكاني لعل وجود ترامب وصفقة القرن والفراغ العربي يسهم في فرضه، فاصطدم بهبة باب الرحمة في شباط/فبراير 2019. وأخيرًا، بلورت جماعات المعبد في آب/أغسطس 2019 برنامج "التأسيس المعنوي للمعبد"، وبات هدفها أن تؤدي كل الطفوس التوراتية في الأقصى بغضّ النظر عن هوية المباني، وفي هذا الإطار جاء إصرارها ومعها حكومة الاحتلال على هذا الاقتحام؛ وقد باتت جماعات المعبد اليوم بلا برنامج عمل بعد انكسار ثالث برامجها.

 

ومن ناحية أخرى، يقول ابحيص، فإنّ انكسار الاحتلال في 28 رمضان هو انكسار أمام الإرادة الشعبية وأمام شباب عزّل صنعوا مأثرة تدرّس من مآثر المقاومة الشعبية تخطيطًا وتحضيرًا وصمودًا وتنفيذًا في حيّز مكشوف، وإذا كانت انتفاضة 2000 فتحت سؤال المستقبل أمام حضور الفصائل والسلاح، فإن هبة رمضان 2021 تفتح سؤال المستقبل أمام حضور الفلسطينيين بذاته باعتبارهم مصدر خطرٍ مستمر ودائم لا يمكن السيطرة عليه أو ضمان المستقبل بحضوره، وهذا ما أخذت هبّة مدن وبلدات فلسطينيي الداخل الليلة تحفره عميقًا.

منير شفيق

حرب التجويع

الثلاثاء 2 تموز 2024 - 10:40 ص

دخلت حرب الإبادة البشرية من خلال القتل الجماعي المستمر طوال تسعة أشهر حتى الآن، في مرحلة جديدة، وهي مرحلة التجويع العام الدائر دفعة واحدة، لكل أهالي القطاع. وبهذا لم يكفِ القتل الجماعي بالقصف، وهدم ال… تتمة »

علي ابراهيم

لنصنع جيلاً متعلقاً بالقدس و«الأقصى»

الخميس 6 حزيران 2024 - 3:02 م

شكلت الاعتصامات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب بشكل عام، ظاهرة جديدة في التضامن مع فلسطين، وانضمام شريحة جديدة للتفاعل مع قضية فلسطين، ورفض العدوان المستمر على القطاع. وفي سياق ال… تتمة »